الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث في استراتيجية افشال الدّول أو الجيل الرّابع من الحرب الغير المتماثلة

سيدة عشتار بن علي

2013 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


هل سمعتم عما يسمّى بالجيل الرّابع للحرب غير المتكافئة ??
هو نوع من الحروب الذي انتشر خلال العقدين الأخيرين, وهو عبارة عن استراتيجية لافشال الدول يتم تنفيذها ببطئ عبر العمل على انهاك الدولة المستهدفة والنّخر فيها من الدّاخل الى ان تتآكل وتصاب بالعجز وينتهي بها الأمر الى الرّكوع والخضوع لارادة هيمنة الدولة المستهدفة لها
تحدّث البروفيسور "ماكْس مانْوارِنْج" الأستاذ بمعهد الدراسات الاستراتيجية بالجيش الأمريكي وأحد أعمدة المخابرات العسكرية السابقين عن هذا النوع من الحرب في ندوة قام بها وألقاها بمعهد دراسات الأمن القومى الصهيونى مبيّنا الاساليب والأهداف من وراء استراتيجية افشال الدول أو ما يسمّى بالجيل الرابع للحرب غير المتكافئة ..ولا غرابة أن يصرّح البروفيسور "ماكْس مانْوارِنْج"بتفاصيل وتقنيات هذا النوع من الحرب بما أنّه اصبح علما يقع تدريسه ....نعم !! افشال الدول تحوّل الى علم يدرّس ولم يعد هناك أيّ داع للسّرية الا في المسائل البسيطة ...وهناك اساتذة وعلماء يشرفون على تدريسه
وقبل الحديث عن الجيل الرّابع من الحروب علينا ان نقوم بتأريخية مختصرة لأنواع الحروب والمراحل التي عرفتها البشرية في صراعاتها الأزلية أو بالأحرى الأجيال السّابقة للجيل الرابع
الجيل الأول كان جيل التّصارع بالسيوف والخيل والرماح ,ثم تلاه جيل البارود الذي بدأ مع نابليون بونابارت, أما الجيل الثالث من الحروب فهو الجيل الذي استخدمت فيه الطائرات المقاتلة بالتّوازي مع القوات المرتجلة ...هذا النّوع من الحرب الّي ننتظره نحن ونخشاه اي الحرب بين الجيوش باستخدام القنابل والطّائرات والدّبّابات لكن هذا النّوع من الحرب اصبح تقليديا بالنسبة للعالم المتطوّر اليوم ..وبما ان امريكا تعتبر نفسها شرطي العالم بل ونعتبرها نحن ايضا كذلك في الحقيقة فان الخبراء فيها يعكفون دائما على بناء خطط حربية متطوّرة تكون سابقة في الامكانيات عن أي دولة في العالم بما ذلك دول النّاتو المرتبطة مع أمريكا باتّفاقيات دفاع مشتركة.
لنعد الى البروفيسور ماكس مانوارينج.. وهو كما سبق وذكرت أستاذ بكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي فماذا قال في تقريره حول استراتيجية افشال الدول ??

ملخص قوله هو أنّ المعمول به الآن هو الجيل الرّابع من الحرب غير التقليديّة وهي التي يتم تنفيذها دون الحاجة الى تدخّل عسكري مباشر ودون الاضطرار الى التضحية بقطرة دم واحدة من دماء الجنود الامريكان.. ببساطة لأنّ الهدف منها ليس تحطيم جيش الدّولة المستهدفة أو القضاء على قدرتها في شن مواجهة عسكرية بل الهدف هو الانهاك والتأكل ببطء و لكن بثبات من أجل أن ترغم عدوك على تنفيذ ارادتك ويتم ذلك عبر زعزعة الاستقرار في الدّولة المستهدفة وبثّ الفوضى فيها الى اقصى درجة ممكنة الى أن يتمّ الانهيار التّام ببطئ ولا يستيقظ العدوّ الّا ميّتا فأمريكا لم تعد بحاجة الى ارسال قوّات نظامية عبر الحدود فقد حلّت القدرات العقليّة الذكيّة محلّ ذلك وهي السّلاح الرّئيسي الّذي يحتاجه هذا النوع من الحرب اي الجيل الرابع من الحرب الغير متكافئة وقوّة النيران وقع تجاوزها لتحلّ محلّها قوّة اشاعة الفوضى وتفجير الدّول من الدّاخل ويتمّ ذلك عبر عملائها دون تدخل عسكري مباشر وتسائل مانوراينج قائلا: ما الذى اسقط حائط برلين ؟ الطائرات !! الدبابات !! ثم أجاب بالطبع لا إنه اقتصاد المارك الألمانى !!
وأوضح أن خلق الدولة الفاشلة إنما هى عملية تنفذ بطريقة جيدة وببطء و بهدوء كاف وبشكل حميد باستخدام مواطني دولة العدو وباستخدام طابور خامس حتى ان عدوك لا يستيقظ الّا ميّتا
وتحدّث «مانوارينج»عن الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز وقال أنّه كان أوّل من أمر ضباطه، فى 2005 فى الأكاديمية العسكرية فى كراكاس، بأن يتعلموا (الجيل الرابع من الحرب غير المتماثلة)، وأن يطوروا عقيدتهم العسكرية للتعامل معها، بحيث لا يكون الدفاع أو الهجوم بالقوات النظامية التى كان آخر استخدام لها فى أمريكا اللاتينية منذ 100 عام ..........!!شافيز?? يحتاج الى وقفة تأمّل واحترام وتكريم هذا الرجل !!شافيز.. الحلم الأميركي اللاتيني الّذي لم يكتمل بعد.... الرّئيس الوحيد الذي قبّل أيادي أبناء شعبه وبكاه فقراء فنزويلا وأميركا اللاتينية ... في عصره عرفت القارة الشّابة الأمل في التّغيير السّياسي والاجتماعي والاقتصادي فقد عمل شافيز على بناء سياسة اقتصادية مستقلّة فنجح في وضع يده على قطاع النفط بعد ان كانت الحكومة الفينزولية قبله لا تعرف بدقة كميات الصادرات من النّفط ولا العائدات والأرباح الّتي كانت تصب في حسابات الشركات الأمريكية ففنزويلا هي رابع منتج للنفط في العالم وثاني أكبر مصدر للولايات المتحدة الأميركية ........معارك كثيرة خاضها شافيز اهمّها إفشاله لاتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة لدول القارة الأميركية، الصادرة عن مؤتمر قمة كيبك في كندا الأول من كانون الثاني (يناير) 2001، حيث وافقت عليها 33 دولة من أصل 35، وامتنعت فنزويلا لان شافيز اعتبر الاتفاقية تكريسا للهيمنة الأمريكيّة ولم تغفر له واشنطن ما فعله باتفاقيّتها ولذلك مر بالكثير من الامتحانات والمحن الصّعبة لعلّ أصعبها انقلاب 11 نيسان 2002 الذي استمر لمدة 48 ساعة وأسقطته جماهير فينزويلا الّتي قامت بمحاصرة الانقلابيين في القصر الرئاسي ومعسكرات الجيش لتعيد رئيسها محمولا على الأعناق ...تجربة فريدة من نوعها وكم هو مثير للضحك والسّخرية مقارنة الانقلاب الذي حصل على شافيز بالانقلاب الجماهيري الذي قام به الشعب المصري بمساعدة الجيش على الرّئيس محمد مرسي فالاخوان المسلمون لديهم أمل أن يحصل مع مرسي ما حصل مع شافيز بعد الاطاحة به لكن هيهاات !!فشتّان بين رئيس قام بتمزيق النسيج الاجتماعي لبلده وبث الفرقة والعداء بين ابناء الشعب الواحد بتكريسه لسياسة التكفير والعمل على التجهيل واثارة النزعات الطائفية وبين رئيس عمل على تقوية النسيج الاجتماعي لبلده حتى بات صلبا ومن الصعب اختراقه وتفتيته... شافيز فهم اللعبة جيّدا وركّز على القدرات العقلية والذّكية وحرص على تعليم جيشه وشعبه خفايا وتفاصيل الجيل الرابع من الحرب واستخدم ثروة بلده النفطية في تمويل الثورة من اجل الفقراء فكان بذلك حبيبا لشعبه عن جدارة والبروفيسور مانورينج لم يخف اعجابه بذكاء وجمال شخصية شافيز حتى انه نعته بانه احد فلاسفته المفضلين الذي عرف كيف يحصن بلده وشعبه ولم تنجح واشنطن في اختراق بلده وافشالها رغم شدة المعارضة اليمينية له لكنه لم يقمعها ولم يضطهدها ولا وجود لما يسمى بالسجناء السياسيين في فينزويلا بل ان مواجهته للمعارضة كانت عبر التعبئة الشعبية وحب الناس واقتناعهم به... افليس من المضحك والمثير للسخرية ان تقع مقارنة تجربة العملاق شافيز بتجربة المخلوع محمد مرسي الذي جعل من وجوه شعبه خرقا بالية لا كرامة فيها ولا حياء بسبب لعقه لحذاء واشنطن دون ادنى تقدير واحترام لشعبه وارادته معتمدا في ذلك على ميليشياته الاخوانية ودعم الارهاب كي يقمع ارادة الملايين??!! فعيب عليكم والله ومضحكة هي مقارنتكم لمرسي بشافيز ».واشنطن حين دعمت الاسلاميين وساعدتهم على الوصول الى الحكم لم تفعل ذلك حفاظا على سيرة النّبي العربي الكريم واقامة امبراطورية اسلامية عظمى كما يحلم السذج من شعوبنا وهم كثرللاسف بل فعلت واشنطن ذلك كي تجهض حلم الشعوب الثائرة بالتغيير وهي تعرف جيّدا أن الاخوان والقاعدة صنيعتها أهل لذلك الدّور وقادرون على القيام به كما يجب ان يكون ...ولم يخيّب الاخوانجية ظنّ واشنطن وثقتها بهم ,لكن ماذا تفعل امريكا امام طوفان الملايين الذي تقيّأهم ورفضهم ...لا خيار لواشنطن وغيرها من القوى العظمى امام ارادة الجماهير الشعبية ومهما حاولوا الاقناع ان ما حصل في مصر هو انقلاب على الشرعية من طرف الجيش الا ان الجميع يعي ويدرك جيدا ان الانقلاب هو انقلاب جماهيري شعبي والجيش كان في صف الشعب بل ان الجيش لا يستطيع ان يفعل شيئا امام ارادة الجماهير ولو كانت الجيوش قادرة على شل حركة الجماهير لنجح الانقلاب الذي قام به العسكر على هوجو شافيز ...لقد عجز الجيش امام قوة الجماهير وعاد الرئيس الفنزويلي المنقلب عليه مرفوعا على الاعناق غصبا عن ارادة واشنطن وغيرها من القوى المعادية لسياسة شافيز رغم انها كانت تنتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التحية الطيبة
علي الأسدي ( 2013 / 7 / 14 - 16:46 )
الأخت الفاضلة سيدة بن علي
أشكرك على الكتابة حول هذا الموضوع الذي يجهل خفاياه الكثير من القراء ، انه جهد مشكور وذي فائدة كبرى للباحثين عن حقيقة الحروب المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط خاصة. أحاول الاطلاع على نص المحاضرة التي القاها البروفيسور ماكس مانورينغ لأكون فكرة اشمل عن الموضوع الذي تناولتيه ببحثك الجاد وسأكون شاكرا لك اذا زودتني باسم الكاتب باللغة الفرنسية أو الانكليزية
مرة أخرى أسجل شكري لجهدك المتميز وتقبلي احترامي
أخوكم علي السدي

اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل