الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاتم سليمان من الطمس إلى الاشتياق

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2013 / 7 / 14
الادب والفن


خاتم سليمان
من الطمس إلى الاشتياق

خاتم سليمان ، عنوان رواية للدكتور شريف مليكه ، المصري الهوية، السكندري الهوى ، المصر على أن يأخذك بمخادعته اللغوية إلى تلك المدينة القديمة " الإسكندرية " بعلاقتها الحميمة بين البشر ببراءة ثعلب ونوم تمساح ، يتربصان بك كي يوقعانك فى شراكهما . فيبدأ الرواية بحكاية داود عبد الملك ، المطرب الهادئ صديق الشيخ المعمم حسنين البصري ، وهما يجوبان شوارع الإسكندرية ، يحي الأول حفلات الأفراح والثاني المآتم ، ثم يوقعك فى شرك العلاقات الإنسانية بينهما رغم اختلاف الديانة . تلك اللعبة التي أجادها شريف مليكه ، كي يصرخ فى وجه العالم : الإنسان أولا ، وبمكر يحمد للكاتب يجعلك تلاطم أفكارا ربما يسكت عنها الكثيرون خوفا كان أو خجلا من الولوج في بحرها . فتارة يأخذك إلى الدين اليهودي وأخرى إلى المسيحية وثالثة إلى الإسلام ، بلا تعصب أو سذاجة ، وبلا تعمد فى الروي . فالعلاقات داخل الرواية تفرض تلك التصنيفات بوعي روائي رائع . ولا يتوقف شريف مليكه على إشكالات الدين وحدها وما إذا كان الإنسان يتم إقصاؤه تبعا للمعتقد ؟ لكنه يصر على الخوض فى الثاثوث المحرم عربيا " الدين . الجنس . السياسة " فيصدم أبطال روايته بالجماعات السياسية قبل ثورة يوليو وبعدها ، فيأخذك إلى جماعة الإخوان المسلمين والضباط الأحرار وجمال عبد الناصر من خلال خاتم مطموس النقش ، هو سر سعادة أو شقاء أبطال العمل . فالظاهر من القراءة أن ذلك الخاتم كان له الفضل فى نجاحات حققها كل من لبسه ، لكنه ببراعة فائقة يجعلك تتساءل : هل خاتم السعادة هذا ، هو ذاته الذي أشقى أصحابه ؟ أعتقد أن رهان شريف مليكه فى تلك الصراعات العقائدية والسياسية أتت من باب الإضاءة على الزاوية التي هرب منها المصريون بعد الفتح الإسلامي لمصر ، وهي التأكيد على الموروث الحضاري المصري " الفرعونية " فلم يكن طمس نقش الخاتم إلا محاولة فكرية لفك الطلاسم وإعادة إنتاج الفكر ناحية الزاوية التي أظلمناها خوفا من الاتهام فى المعتقد ، فظلت الصراعات الدينية والسياسية والفكرية داخل الرواية تدور فى فلك خاتم سليمان بن داود عبد الملك ، الذي ورثه عن أبيه ، الذي اشتراه بدوره من صائغ ، قال أن الخاتم كان ملكا لفنان الشعب سيد درويش ، فى إشارة عنصرية واضحة على أن أقدم ديانات الأرض وميراثها لم يكن إلا مصريا أصيلا . فاليهودية دين والمسيحية دين والإسلام أيضا دين ، لكن الحضارة موروث إنساني ، يمكنه أن يجمع العالم دون صراعات مؤدلجة ، بلا هجوم ، بل وباحترام لأصحاب العقائد ،استطاع شريف مليكه أن يقدم رؤيته التي لا تقصر التعايش فى قالب الدين وحده . العمل فى مجمله مترابط روائيا . منضبط لغويا . هادئ فكريا . لم أرى فيه من جوانب القصور إلا حبه الزائد لمدينة الإسكندرية ، فراح يصفها فى العديد من فقرات العمل دون مبرر ، اللهم عشقه الشديد لمدينته الأثيرة ، وإن كان هذا لا يعطيه الحق كروائي فى الإفراط الوصفي ، إلا أننا نلتمس له عذرا شخصيا لا روائيا ، لكونها محبوبته التي ضاع فيها خاتم سليمان بين الطمس والاشتياق إلى عودته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل