الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(من مذكرات خمسون عاما ً من الرحيل بين المنافي ) للشاعر العراقي الراحل كاظم السماوي ..

أوس حسن

2013 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


(من مذكرات خمسون عاما ً من الرحيل بين المنافي ) للشاعر العراقي الراحل كاظم السماوي ..

عن عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز
........................................................................
لم أكن في العراق في ثورة 14 تموز كنت مسقط الجنسية في العهد الملكي منذ الخمسينات.وزارة الخارجية الهنغارية أبلغتني بأن ثورة قامت في العراق، ثم علمت فيما بعد موقف الأحزاب الوطنية في مساندتها للثورة الوطنية.رجعت للعراق..وأصدرت جريدتي اليومية السياسية (الإنسانية)،وكانت مساندة للثورة في إنجازاتها،وللعهد الجمهوري الجديد،فوجئت برغبة عبد الكريم قاسم أن أتولى مهام الإذاعة والتلفزيون..كان هذا مناقضا ً لعملي في الجريدة اليومية السياسية التي أصدرتها. عبد الكريم قاسم لمس طموحي الصحفي،فلم يمانع باصدار الجريدة وادارة الإذاعة والتلفزيون معا ً،وكان هذا أول جسر للتلاحم مع عبد الكريم قاسم والثورة التي فجرها ويمثلها ..كان يعتبر الإذاعة والتلفزيون هما بوابة الثورة أو الثورة المضادة ومنطلقه الاستقرار السياسي..كان يبدي ملاحظاته حول هذا الموضوع أو ذاك،وخاصة التعليق السياسي اليومي،وكان التعليق السياسي يشد المستمعين، لأن ارتباطه بأحداث الساعة.
كان عبد الكريم قاسم شديد التكتم،قليل الكلام ،صبورا ً،رزينا ً،متأملا ً-عاد بعد حرب فلسطين الأولى 1948،وكان فوجه في "قليقلة" وكان جريئا ً شجاعا ً يرهب الاسرائليين الصهاينة،لكنه فوجىء بالخيانة والانسحاب الذليل رغم معاركه المنتصرة،ارغم بأمر عسكري أن ينسحب،وكانت الخطوة الأولى في مستنقع الخيانة للحكومة الملكية يومذاك.
عاد عبد الكريم قاسم وبدأت خطواته الثورية الرزينة في السر يخطط للثورة وعلى مدى عشرة أعوام.لن تستطيع السلطة الملكية ان تنزع الثقة عنه او ترتاب به ،كان حاذقا ً رزينا ً صامتا ً،ولم يصدق المسؤولون الرسميون بأجهزة مخابراتهم العسكرية والأمنية أن عبد الكريم قاسم هو مفجر الثورة ذلك الصباح 14 تموز.
ترى هل اكتسب عبد الكريم قاسم هذه الصفة الثورية من الذات ام سيرورته ومميزاته الشخصية،أم اطلع على سيرورة الثوريين وقادتهم عبر التاريخ؟
بعد لقاءاتي الاسبوعية واليومية احيانا ًأو استدعائه لي من التلفون السري لأمر ما..
تأملته و عرفته عن قرب،قصرت المسافات بيننا وزال الجدار الرسمي،ذلك الود المحبب يشيرعلى انطباعه بمن يثق بهم..ويرتاح للقائهم،كان يصرح لي أحيانا ًبعدم رغبته بلقاء فلان المنتظر في غرفة المرافقين (فلان) هو أحد المتملقين الذين استوزروا اخيرا ً في السلطة المعادية للثورة كان يدرك مواقفه مسبقا ً،ولشد ما كان متعلقا ً ببسطاء الناس وكان يتجول في أحيائهم ليلا ً ويلتقي أطفالهم وتجود يداه بما يملكه وربما استعان من مرافقيه ليهب الآخرين،ولهؤلاء البسطاء كرس حياته وكان مخططه الثوري أن يرتفع بمستواهم المادي والصحي والثقافي لأنهم أبناء الشعب الحقيقين.آه كم كان هذا حلمه الكبير،تعمقت صلتي به،وتعرفت إلى صفاته الذاتية التي تتوخى البساطة والزهد والنزاهة،فلم يمتلك سوى ما يرتديه من ملابسه القديمة،ولم يغير داره المتواضعة قبل الثورة،ولم يبدل اثاثها المتهالكة،ولم يكن له رصيد في أي بنك ولم يمتلك سوى راتبه الشهري المتسرب إلى أيدي الفقراء.
كان يسهر الليل متجولا ً في الأحياء الشعبية ،متفقدا ً شؤونها الحياتية،فقد كان ابن هذه الطبقة ومنها ينحدر وظل اليها ينتسب.
كان عبد الكريم قاسم يخطط للثورة،هل كان يخطط لها بعدها؟ اي لبناء الدولة،كنت أطرح هذا السؤال على نفسي فأجد الدلائل الموثقة لما أنجز بعد الثورة،ولكونه رئيسا ً للوزراء اراد ان تعبر على يده تلك المشاريع بعد الثورة ويتابعها بنفسه واهمها:-
1- خروج العراق من حلف بغداد وانتزاع اسم بغداد من هذا الحلف العسكري الاستعماري
2- تحرير قاعدتي الحبانية والشعيبة من القوات العسكرية الاتجليزية
3- تحرير النقد الوطني من الارتباط الاسترليني
4- اصدار قانون الاصلاح الزراعي ومصادرة أراضي الاقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين
5- اطلاق حرية الاحزاب والنقابات
6- حرية الصحافة
7- اصدار قانون الأحوال الشخصية واستئزار المرأة لأول مرة في تاريخ العراق السياسي
8- إعادة الجنسية العراقية لمن اسقطت عنهم في العهد الملكي وكنت أحدهم
9- إطلاق حرية السجناء السياسين واعادتهم الى مراكزهم الوظيفية في الدولة مع احتساب سنوات سجونهم للترفيع والخدمة
10- إصدار قانون (80) ومصادرة الأراضي المستباحة للشركات الأجنبية النفطية تمهيدا ً لتأميم النفط.
11- التخطيط العمراني والزراعي والصناعي وما ينفذ أو نفذ في بغداد بعد رحيله وفق ما رسمته خرائط موروثة عن أيامه وعهده.
هؤلاء الذين تآمروا عليه..لم يجدوا بدا ً من تعداد صفاته الرائعة..النبل، الشجاعة،الوفاء النزيه والضمير وكان شعلة في الوطنية.
الرجل الذي غير مجرى تاريخ العراق لن يستطيعوا طمس أصداءه فيما ألفوا من كتب بائسة يرثى لها وما أرجفوا من الأكاذيب من أكاذيب وما شوهوا من مواقفه الثورية.؟
لم أر أحدا ً في التاريخ السياسي العراقي المعاصر مثيلا ً له سوى جعفر أبو التمن،الرجل الوطني الكبير في بداية مراحله السياسية الثورية،عبد الكريم قاسم كان رجلا ً وطنيا ً لا تحدده الايدلوجيا،الوطنية لديه قبل الأيدولوجيا، لذا لم ينتسب إلى أي حزب، كان..لكل الأحزاب الوطنية،وما أشاعوا عنه أنه كان له انتساب باليسار محض افتراء،لانه كان يساريا ً وطنيا ً وقوميا ،ولربما جمع كل هذه المنعطفات..وقبل كل شيء اراد أن يحرر الوطن من اعدائه الإمبرياليين أولا ً وأذنابهم من الحكام الرجعيين
لم يكن عبد الكريم قاسم عسكريا ً فحسب،ولم تنته مهمته الثورية في حدود المهمة العسكرية في ثورة 14 تموز،وإنما تعداها لوضع أسس الدولة الحديثة،وكان يجدد طموحاتها الثورية فيما أرسى من ثورات تحررية واقتصادية واجتماعية أعقبت ثورة 14 تموز.
هذه الإنجازات المتلاحقة دوخت الإمبرياليين و الرجعيين و الإقطاعيين وعملاء الشركات النفطية ولم يكن أحد من ممثلي الأحزاب الوطنية يصدقون بكل هذا الزخم من الإنجازات الثورية المتلاحقة وفي فترة زمنية قياسية في عام أو عامين بعد الثورة مباشرة،فيالهذه الشجاعة والجرأة ولم نر له مثيلا ً في تاريخ العراق السياسي المعاصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |