الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور النفط في الصراعات السياسية

حسين عوض

2013 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



هناك دور كبير للنفط في التأثير على السياسات الدولية, فارتفاع النفط أو انخفاضه يعطي مؤشرا على تذبذب السياسة في العالم, وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية لم تعد الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وبريطانيا أقوى دول العالم, وقد ظهرت قوتان عالميتان جديدتان وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي, أي انتقل العالم بعد الحرب العالمية الثانية إلى ثنائي القطبية, إذ كان قبل الحرب العالمية الثانية متعدد الأقطاب, وقد كان النفط العربي وراء خطة مارشال لإنهاء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية, ولو لم يكن النفط في حوزة الحلفاء لما استطاعوا الانتصار في المعارك, فالنفط أصبح عنصرا من عناصر استراتيجية الصراع بين القطبين, الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وكلاهما كان يهدف إلى السيطرة على النفط العربي لأهميته ولوجوده في مناطق لها موقعها الاستراتيجي في العالم, وهذه الأيام نجد أن هناك صراعا على نفط جنوب السودان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والصين, فالقارة الأفريقية تنتج يوميا حوالي تسعة ملايين برميل أي 11% من الانتاج العالمي عام 2004 حسب تقرير اللجنة الأفريقية للطاقة, وقد تحول التنافس الأمريكي الصيني إلى صراع سياسي من أجل السيطرة على اقتصاديات القارة الأفريقية, ولكون السودان جزء من القارة الأفريقية تحولت إلى مسرح عمليات تنافسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين, كما أن هناك علاقة مباشرة بين الحرب والبترول, وكان غزو العراق يستهدف ثروات العراق وفي مقدمتها البترول, حيث أن العراق يمتلك ثاني احتاطي في العالم من مخزون النفط, فالولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع القوى الكبرى على ضوء مصالحها لذلك نجدها تعامل الصين مثل اليابان وفرنسا وبريطانيا واستراليا وروسيا والهند فهي تعطي جزء من الكعكة السياسية مقابل أن تتخلى هذه الدول عن أدوارها.

لذا نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد طوقت منطقة الشرق الأوسط بأحلاف ومعاهدات ومواثيق متعددة, وعمدت إلى زرع الكيان الصهيوني في فلسطين, لتتمكن من خلاله من جعل المنطقة العربية في حالة صراع دائم ليتم من خلال ذلك تصدير الأسلحة إلى الدول العربية, وكذلك تدفع بإسرائيل إلى تجريب أحدث أسلحتها على الفلسطينيين في غزة, وتعتبر إسرائيل الحارس الأمين للمصالح الأمريكية الأوروبية في المنطقة كل ذلك لحماية النفط.

من مبدأ ترومان إلى مبدأ ايزينهاور إلى مبدأ نيكسون كلها تستهدف المنطقة العربية من خلال ربطها في معاهدات واتفاقيات بهدف الهيمنة لسرقة النفط العربي, واستمرت هذه السياسة حتى يومنا هذا, فالحروب الأمريكية في العراق هدفها الرئيسي (البترول) حتى بات البترول يشكل مصدرا للصراعات السياسية في العالم .
عندما اندلعت الحرب العربية الاسرائيلية في اكتوبر 1973 وضع الملك فيصل الجيش السعودي على هبة الاستعداد، وأرسل رسالة عاجلة مع وزير الدولة للشؤون الخارجية السيد عمر السقاف في/ 10 أكتوبر 1973م إلى كل من دمشق والقاهرة، حيث أعرب السقاف للبلدين الشقيقين عن وقوف المملكة العربية السعودية بكل إمكاناتها إلى جانب الأشقاء العرب.
استمرت السياسة الأمريكية في دعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية, ولما أقامت جسرا جويا لتزويد إسرائيل بالسلاح في حرب عام / 1973عمدت السعودية وسائر البلاد العربية إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما، فأعلنت البلاد العربية تباعا وقف ضخ النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم إلى هولندا التي اتخذت موقفا داعما لإسرائيل, كما فرض حظر تصدير النفط الخام إلى جميع معامل التكرير التي تصدر مشتقات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
تحركت أمريكا وأرسلت وزير خارجيتها هنري كيسنجر لمقابلة الملك فيصل في 8 نوفمبر 1973ليتباحث مع الملك في ثلاث نقاط أساسية: النفط, والقدس, وشؤون فلسطين والفلسطينيين, وأكدت مصادر صحفية أن الملك فيصل أصر على عروبة القدس.
أدت تلك الخطوة إلى إطلاق الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الأوروبيين تهديدات باستخدام القوة لاحتلال منابع النفط العربية إذا استمر الحظر, وقد جاء هذا التهديد ضمن رسالة بعث بها الرئيس الأمريكي نيكسون إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز, وارتفعت لهجة التحدي والتهديد بين الولايات المتحدة الأمريكية والملك فيصل إلى الدرجة التي دعت الملك فيصل للرد على هنري كيسنجر بعنف قائلا: (لن نرفع الحظر على شحن النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولن نعيد إنتاجنا إلى ما كان عليه سابقا، ما لم تنته مفاوضات السلام نهاية ناجحة يتحقق على إثرها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني). ولقد شدد الملك فيصل على ضرورة إعادة القدس العربية إلى العرب ورفض فكرة تدويل القدس والأماكن المقدسة.
أصبح وجود الملك فيصل كما كان يشاع في الأوساط الدولية المعنية عقبة في طريق تنفيذ المخططات المرسومة ضد العرب وضد القضية الفلسطينية, وعلى أثر ذلك قتل الملك فيصل في يوم الثلاثاء 25 مارس 1975.
إن استمرار هبوب رياح التغيير في العالم العربي كفيل بإنهاء الأنظمة الديكتاتورية المستبدة والأنظمة الوراثية الفاسدة التي تتاجر بالقضية الفلسطينية, وتقف في مواجهة الشعوب التي تنشد الحرية والحياة الكريمة والتي تسعى لتحقيق الحلم العربي في بناء أنظمة ديمقراطية مدنية تعددية تكون قادرة على لعب دورها الوطني على الصعيد الاقليمي والدولي باستخدامها سلاح النفط العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث