الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حميد شباط العدو الأول للحكام الجزائريين

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حميد شباط العدو الأول للحكام الجزائريين
ورقة لوضع المزيد من العصي في عجلة المغرب العربي


اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، السلطات المغربية، بغض الطرف عن التصريحات التي أدلى بها حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، سيما تلك المتعلقة بضرورة بلورة استراتيجية رسمية لاستعادة الصحراء الشرقية المغربية المحتلة من طرف الجزائر. واعتبر أن تصريحات من جدا القبيل تعتبر بمثابة هجوم صريح على الجزائر وضد نظامها السياسي.
إن تصريحات شباط النارية بهذا الخصوص أرعبت قصر المرادية وحكام الجزائر وأرعشت نظامهم السياسي، واعتبروها هجوما سياسيا ومحاولة للنيل من النظام الجزائري. وقد أكد عمار بلادي على أنه كان من المفروض أن تقوم السلطات المغربية بمعاقبة حميد شباط.
ولم تقف درجة ارتعاش الحكام الجزائريين عند هذا الحد وإنما فاقتها إلى حد التشكي مما يعتبره دما وتشويها للسمعة وقدحا ، الذي أضح يعاني منها النظام الجزائري من قبل جملة من المسؤولين المغاربة. في واقع الأمر إن المسؤولين الجزائريين انزعجوا من تصريحات شباط خاصة أنه زعيم حزب كبير يشكل أحد دعائم الائتلاف الحكومي. ولم يفوت المسؤولون الجزائريون فرصة الظهور في صورة المظلوم لكن القادر على الدفاع عن أرضه.
وهذا في وقت سبق فيه الإعلان عن شبه اتفاق بين مسؤولي البلدين على تقييم صريح وصادق لمختلف أوجه طيف العلاقة الثنائية والعمل على تهييئ الشروط الكفيلة لإنجاح عملية التكثيف التدريجي والعملي لهذه العلاقات الثنائية الجزائرية المغربية في مناخ سلم.
فهل قصر المرادية اختار التستر بهكذا ورقة التوت، واستغلال تصريحات شباط واعتباره العدو الأول للجزائر، غير مسبوق النوع والصنف، لتغطية خطة وضع المزيد من العصي في عجلة المغرب العربي وعرقلة كل ما يستوجب تفعيله من قرارات شجاعة انفضح أمر القائمين على الحكم بالجزائر بخصوصها؟
إن التعاطي الأخير مع قضية إعادة فتح الحدود تبيّن بجلاء خطة "التغطية بورقة التوت" التي كشفتها ردود أفعال قصر المرادية إزاء تصريحات حميد شباط وشخصيات مغربية أخرى. وما دام الموقف الرسمي هو عدم قبول فتح الحدود ، فقد تظاهرت الجزائر بموافقتها على الفتح لكن شريطة تحقيق شروط "تعجيزية" منها:
أولا: "يجب على المملكة وقف تشويه سمعة الجزائر في وسائل الإعلام في الاجتماعات العالمية وأمام الشخصيات الدولية."
ثانيا: "على المغرب القيام باستثمارات في الوسائل المالية واللوجستية الكبيرة لحماية الجزائر من الاتجار بالمخدرات والتهريب."
ثالثا: " على المغرب الإقرار بالموقف الجزائري حول الصحراء واعتماده، أي اعتبار القضية تصفية الاستعمار وحلحلتها في الأمم المتحدة."
وهكذا ضمن جنرالات الجزائر التخلص من الإحراج بخصوص إعادة فتح الحدود بقذفهم للكرة، بهذه الطريقة في ملعب الجار الغربي. إنه تشخيص مفضوح لخطة "التستر بورقة التوت"، وذلك كسبيل للتغاضى عن الحقائق التاريخية والموضوعية والطرفية من أجل تبرير رغبتهم الواضحة في الإبقاء بشكل مصطنع دائم على الوضع القائم. وهذا لأن حكام الجزائر أضحوا محرجين منذ مدة لما يفهمه الرأي العام الدولي بخصوص قواعد حسن الجوار وضرورة التعاون وحق المواطنين في التنقل، والتي تعد قيما دولية لا يمكن تقييدها بشروط، والأكثر من ذلك بادعاءات سياسية غير مبررة.
كما أن خطة "التستر بورقة التوت" كشفت بوضوح ندم جنرالات الجزائر على الإعلان السابق بقبول بلدهم بفصل العلاقات الثنائية بين الجارين عن تطور ملف الصحراء. علما أن المغاربة كافة يعتبرون الجزائر، بكل تأكيد، طرفا في هذا النزاع المفتعل، ويعلمون علم التقين أن مسؤولية قصر المرادية التاريخية والراهنة، وانخراطه الدبلوماسي وتعبئته السياسية والمؤسساتية ومسؤوليته الإنسانية تظل جلية وواضحة تماما بهذا الخصوص.
وإذا كانت قضية الصحراء المغربية تعتبر قضية وطنية جوهرية ومصيرية في نظر المغاربة، يتشبث ، فإن الشعب الجزائري ، من جهته، يعبر عن انتظارات وطموحات وانشغالات بشأن قضايا أخرى وطنية ومغاربية والتي يراها أكثر أهمية بالنسبة إليه من النزاع المفتعل الذي أثقل كاهل الشعبين لعقود ورهن الكثير من إمكانيات التنمية. إن قصر المرادية وجنرالات الجزائر يضعون قضية الصحراء في صلب العلاقات الثنائية المغربية الجزائرية وبذلك يصدون كل أبواب تفعيل المغرب العربي بأي شكل من الأشكال. وانكشف هذا الأمر أكثر عندما احترم المغرب بشكل كامل، المقاربة التي تم وضعها بخصوص التعاطي مع العلاقات الثنائية، والتي أريد لها أن تحمي المسلسل الثنائي وتترك، بالموازاة مع ذلك وبشكل منفصل، البلدين يدافعان عن وجهتي نظرهما حول قضية الصحراء. وها هم جنرالات الجزائر تنكرون ، مرة أخرى، لالتزامات قطعتها الجزائر، وبذلك يرهنون مصير المنطقة بمعاكستهم، جملة وتفصيلا، تطلعات الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، ولاسيما حقهما في حرية التنقل والتعاون على بناء غد أفضل. والمحصلة المتوقعة من هكذا تصرف هو الوصول إلى نقطة قطيعة أخرى في العلاقات المغربية الجزائرية، لأنها السبيل لضمان تحكم الجنرالات في مصير الجزائر والجزائريين.
وكشفت خطة "التستر بورقة التوت" بشكل أكثر وضوح أن قصر المرادية وجنرالات الجزائر طرفا أساسيا وجوهريا في النزاع المفتعل بشأن الصحراء المغربية، وبذلك انفضحت أكذوبة "الجزائر طرف محايد".
لقد وجد الحكام بالجزائر في خطة "التستر بورقة التوت" السبيل المواتي حاليا لعرقلة كل الجهود من أجل تحسين العلاقات المغربية الجزائرية.
وقبل هذا انفضح أمر حكام الجزائر عندما كشف دحو ولد قابلية، وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائري - في رد سلبي على المساعي التي ظل المغرب يبذلها من أجل إيجاد حل نهائي لملف الحدود المغلقة مع الجزائر - عن تعزيز بلاده للحدود مع المغرب بـ 24 مركز مراقبة جديدا. وقد غلفّ ذلك بالقول إن الحكومة الجزائرية وجدت نفسها ملزمة ومضطرة إلى الانتقال من مستوى تهيئة ظروف العيش الملائمة لسكان المناطق الحدودية، من مناصب شغل وآليات تشغيل، إلى مستوى الردع لمواجهة ظاهرة التهريب.
عموما إن نحن وضعنا كل ما انكشف أمره بخصوص المواقف الرسمية الجزائرية السالفة الذكر، فلن نجد أي داع للاستغراب أو المفاجأة.
إنها كلها جاءت كرد فعل الجزائر على جملة من المستجدات داهمت الدبلوماسية الجزائرية في ظرف وجيز وأضجعت مخاوفه من مرقدها. و منها نجاح المغرب في تفكيك لغم مشروع المقترح الأمريكي، الداعي إلى توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة "مينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، والذي خلف صدمة في دوائر القرار بالجزائر، خصوصا في الطريقة التي تصرفت بها عواصم مؤثرة مثل موسكو والصين، وهي الأقرب إلى الجزائر من المغرب تاريخيا، وكذا توافق العواصم الغربية على ضرورة التقارب المغربي الجزائري كمدخل لحل النزاع في الصحراء، وهو ما ظلت الدبلوماسية الجزائرية تتجنبه ترسيخا وتكريسا لشعارها التاريخي ويافطتها المضللة في مواجهة المغرب ، والتي مفادها أنها غير معنية بالصراع، وأن موقفها يتمترس في خانة وفائها لمبدأ تقرير مصير الشعوب . ومنها أيضا التصريحات التي صدرت عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الرباط قبل وصوله إلى الجزائر، والتي أقرّت باستعداد تركيا للوساطة بين المغرب والجزائر، وتأكيده على عدم اعتراف تركيا بالجمهورية الوهمية التي ظلت الجزائر ترعاها بقوة في كل المنتديات، بل وتبوئها وزنا غير طبيعي في أولويات العمل البدلوماسي للجزائر. ومنها كذلك
‎ المقاربة الجديدة التي أضحى يعتمدها المبعوث الأممي، كريستوفر روس ، والتي اختارت وضع المغرب والجزائر وجها لوجه في ملف الصحراء، من خلال فتح قنوات موازية، مما أسقط في الماء دواعي التمثيلية للصحراويين التي ظلت الجزائر ترعاها عبر الجمهورية الوهمية التي تدعمها داخل التراب الجزائري وتموّلها على حساب مصالح الشعب الجزائري ومن ماله ، مما ضيّق هوامش الرقعة التي اعتادت الجزائر أن تتحرك فيها بخصوص ملف الصحراء دون أن ينكشف أمرها أنها فاعلا أساسيا وليس مجرد طرف محايد يدافع عن مبادئ إنسانية سامية. وما جز أكثر في نفوس جنرالات الجزائر تقدير الأمين العام للأمم المتحدة، "بان كيمون"، للدعم الذي يقدمه المغرب لجهود المنظمة الدولية ، الرامية إلى إيجاد حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ولم يقف حكام الجزائر عند الحد، إذ أن المخابرات الجزائرية هي التي كانت وراء إشاعة مرض الملك محمد السادس مؤخرا، وذلك لإثارة البلبلة بالمغرب من جهة، ومن جهة أخرى لغرض التغطية على مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي تم التستر عليه قبل أن يفضح الأمر.
وهذا إن دل عن شيء، فإنه يدل عن سعي جنرالات الجزائر الحثيث إلى قطيعة جديدة بين الجارين، قد تتغير معطياتها مع تطور الظروف، علما أن أهم وصفة مكنت بقاء الجنرالات في سدة حكم الجزائر من وراء الستار تكمن في أطروحة "خطر العدو الخارجي المستدام : الجار الغربي للجزائر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب