الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غيمةٌ في شرفة

صبري هاشم

2013 / 7 / 15
الادب والفن



بالقربِ مِن سماء
التي بالزّاجلِ مِن الحمامِ ازْدَحَمَتْ ومِن دخانِ سيجارتي تكدّرتْ
مرّتْ غيمةٌ بيضاء
كانت مُتْعَبةً فقيلَ إنّها خَزَعَتْ مِن سرْبِ غُيومٍ
دَهَمَنا ذاتَ طَقْسٍ خريفيٍّ أو ذاتَ شتاء
دَعوتُها فتوقّفت
خَلَعَتْ معطفَها الجلديَّ وقُبّعةَ المُسافر
وللهواءِ أسْلَمتْ جناحيها
وغادرتْ زمنَ الطّيرانِ
ثم تركتْ رشيقَ ريشِها يتساقطُ ريشةً .. ريشةً
في شُرْفتي ، التي تخدّرت مِن أنفاسِ الطيرِ
وأنغامِ هديلٍ عابر ،
انْفلتَ عارياً جسدُ الغيمةِ
ومنّي فلتت صيحةٌ :
هذا جسدُ عاهرةٍ إلى سمائنا
جاءت تصطاد الرّيحَ ولأنهارِنا تتعشّقُ
هذا جسدُ ضيفتي العابرة
هي تدري ما تُريد
وأنا في الشُرْفةِ أسترُ بالدّهشةِ عورتَها
وأنا في الشُرفةِ أطلُّ
منذُ نعومةِ الشمسِ وغنجِ الضياء
على ماءِ نبعٍ يجهشُ بأفخاذِ النساء
أنا مِن الشُرفةِ
أرى الأجسادَ تسبحُ بالبهاء
أنا مِن الشُرْفةِ
أتلمّظُ للزغبِ المفزوعِ
في شفقِ الرؤيةِ
غيمةٌ تعرّت في صمتِ الرؤيا
كنتُ في بَرْزَخٍ مِن نوم
أُرَتِّبُ في أقفاصِ الماءِ أحلامَ يقظةٍ
عصفتْ بنشوتي ذاتَ غياب
وعلى رأسِ أشواقي أُثَبِّتُ تاجَ أُقْحوانةٍ فاجرةٍ
هي أشواقي التي بها غدرَ البحرُ والبحّارُ
هي أشواقي التي هجرتْها السفينة
دارت بي الأرضُ
وعن شُرفتي التي زارتْها الكائناتُ تهتُ
دارت بي الأرضُ
وعني نأيتَ حبيبي ووراء عالمٍ مِن ضبابٍ تواريتَ
هل كنتَ في العتمةِ موغلاً ؟
هل دخلتَ في انطفاءِ البصيرةِ ؟
هل كنتَ متوارياً خلف غَلاَئِل حنينٍ ؟
غيمةٌ في البعيدِ
غيمةٌ في القريبِ تعرّت
لم ترَ جبالاً
ولا غيوماً برعودٍ وبروقٍ
وليست هي السماءُ ما رأيتَ
إنّها الصحراءُ تلوذُ بالسّرابِ
والبحارُ تصهلُ بالضّياعِ
سألونا :
مَنْ يسألُ المَرْجانَ عن عُذوبةِ الأعماقِ ؟
مَنْ يسألُ الحيتانَ التي ما فرّطت بحبيبٍ عن شهقةِ القُبلةِ الأولى ؟
سألونا :
مَن يسألُ الخالقَ عن مخلوقِهِ ؟
ونسألُ :
ما تخفي وراءك أيّها الخالقُ ؟
هي شُرفتي التي عليها دائماً تهبّ الرّيح
ولا يَعْبرُها في كلِّ أسفارِهِ قمرٌ
هي شُرفتي التي تآخي الموجَ
هي مقهى السحائبِ التي أنهكها الرّحيلُ
هي حانةُ الأكوانِ
هنا منضدةٌ للنجومِ العاشقةِ
تلك للزهرةِ المُغتلمةِ
وعلى مسافةٍ يحتسي نبتون
كأساً مِن نقيعِ المشمشِ
ومِن رحيقِ حوريةٍ تفجّرتْ شهوةً هذا النهار
هنا تدبُّ الأحياءُ
هل غادرْنا زهوَ المكانِ أم غادرتْنا الأحياءُ ؟
هل نامتْ في فراشي فرسٌ نافرة ؟
هل كانت ضيفتي غيمة آبقة ؟
كنتُ في برزخٍ مجهولٍ
تأخذُني سنّةٌ مِن نوم


3 ـ 5 ـ 2009 برلين









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل