الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان «استرداد الثورة»... من الشعب

هانى جرجس عياد

2013 / 7 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


«في إطار تصاعد العنف بعد الثلاثين من يونيو 2013، وفي ضوء الانقسام الشعبي الآخذ في الاتساع بين الجموع الرافضة لعودة حكم الرئيس السابق محمد مرسي وتلك المطالبة به» هكذا يبدأ ما سمى «بيان استكمال الثورة» مدعيا وجود «انقسام شعبى آخذ فى الاتساع» بين «جموع» ضد عودة مرسى، و«جموع» مقابلة لها تطالب بعودته، جماعة خارجة على القانون تقف وحيدة، إلا من دعم قتلة وإرهابيين، فى مواجهة شعب بأكمله أصبح «انقسام شعبى» والأدهى أنه «آخذ فى الاتساع يين «جموع وجموع» وكأن عصابات القتل والترويع تكسب كل يوم مناصرين ومؤيدين جدد، وكأن الملايين التى خرجت إلى شوارع مصر وميادينها منذ ما قبل 30 يونيو كانت مجرد «جموع» تواجه «جموع»، ولو كان كاتب البيان والموقعون عليه قد استمعوا إلى الإخوانى أحمد منصور يناشد المعتصمين من فوق منصة رابعة العدوية التوقف عن رفع شعار المطالبة بعودة محمد مرسى، لأن «الشعب لن يخرج معنا» لربما كان قد أصابهم بعض حياء، أو على الأقل بعض تردد، قبل كتابته أو التوقيع عليه.
أما استجابة القوات المسلحة لقرار 22 مليون مصرى وقعوا على استمارة تمرد، و33 مليون مصرى نزلوا إلى الشوارع رافعين شعار «يسقط حكم المرشد» فقد أصبحت عند أصحاب البيان «تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي لفرض خارطة طريق لعملية التحول الديمقراطى» ولا بأس هنا من إعادة تأكيد فكرة «جموع مقابل جموع» حيث بدت خارطة طريق المؤسسة العسكرية «مرضية لبعض قطاعات الشعب المصري دون غيرها»، وفى المضمون شبهة انقلاب عسكرى حيث المؤسسة العسكرية «تدخلت فى العملية السياسية» ثم «فرضت» خريطة طريق لصالح طرف دون الأخر، وتعود (فكرة الانقلاب) لتطل برأسها مرة أخرى بصورة أكثر سفورا عندما يحذر كاتب البيان والموقعون عليه مما أسموه « دخول مصر – مرة أخرى – في فلك الحكم العسكري بدون قيد أو شرط».
ثم تأتى كارثة الكوارث فى المطلب الرابع بين مطالب «يشدد الموقعون على البيان عليها» ونصها «تأجيل عملية وضع دستور دائم للبلاد إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، نظرًا لأوضاع الاحتقان والاستقطاب السائدة التي لا تسمح بصياغة دستور ديمقراطي توافقي. والتأكيد على ضرورة وضع دستور البلاد الدائم عبر عملية شعبية ديمقراطية تشاركية لا تستبعد أو تقصي أي طرف أو توجه سياسي أو فكري أو عرقي أو ديني أيًا كان. والتأكيد كذلك على عدم التعجل في طرح مسودة هذا الدستور للاستفتاء قبل إنهاء حالة الاستقطاب والاحتقان المخيمة على البلاد»، فى بيان يحمل عنوان «من أجل استكمال الثورة» تستوقفك عبارة «توجه سياسى... أو دينى» لتكشف الكثير من المستور وقد أصبح الدين مجرد «توجه» مثله مثل الناصرية والماركسية واليسار واليمين، فيبدو طبيعيا عندها أن يمتد الخط على استقامته ليطالب أصحاب البيان ويشددون على إعادة إنتاج مأساة «الانتخابات أولا» التى أدخلنا فيها تحالف الإخوان والعسكر فى مرحلة المشير طنطاوى واللواء ممدوح إسماعيل، والحجة جاهزة لكنها هزيلة «حالة استقطاب لا تسمح بصياغة دستور ديمقراطى»، ثم يفاجئك أن تجد بين الموقعين على البيان إياه من وقف وبشدة ضد فكرة الانتخابات أولا فى مرحلة (بديع-طنطاوى) ولا تعود تعرف ما الذى استجد، فى ألف باء البناء والذى يفترض وضع الأساس (الدستور) قبل الانتقال إلى الطوابق العليا (الانتخابات) ودفع هؤلاء إلى تغيير مواقفهم التى كانت، فالجديد الوحيد فى المشهد هو مزق الإخوان والاقتراب من نهايتهم.
صدمة البيان ليست فيما يحتويه وما يطالب به ويدعو إليه، لكنها فيمن وقع عليه، وبينهم من لا يطاله تشكيك ولا يعوزه شهادة وطنية وثورية. بيان «استكمال الثورة» كان يمكن أن يصدر عن مكتب إرشاد الجماعة الخارجة على القانون، فيما لو أحسن المراوغة وأجاد الخداع، لكن يبدو أن الصدمة قد أصابته بالتخبط والارتباك، ففقد توازنه وراح ينطح الجدار بدلا من المناورة الخداع (عن مكتب إرشاد الجماعة أتحدث)، فيأتيك (وهنا مكن الصدمة) من يبدو وكأنه يلقى لجماعة نطح الجدار بطوق نجاة. وفى تداعيات البيان ما يحيل الصدمة إلى شبهة، حيث يعيد بعض الموقعين على البيان إنتاج خطاب سلطة الإخوان، فالمعترضون على بيانهم هم «أيتام مبارك»، والناقدون له «أتباع شفيق»، والاختلاف مع بيانهم، يشكل «أرضية خصبة لهؤلاء وأولئك»، والنقد فى ذاته «هجوم وشتيمة وهرى»، ثم لا تملك ان تخفى ابتسامة تفرض نفسها عليك وأنت تسمع من بين الموقعين على البيان من يأخذ عليك أنك لم تتصل به وتتواصل معه شخصيا للنقاش حول البيان بدلا من أن انتقاده على الملأ، فلا تعود تعرف أى منطق هذا الذى يبيح لهم إصدار بيان علنى ثم اشتراط مناقشته والاختلاف معه وعليه سرا؟ أنهمك أصحاب البيان فى التنقيب فى هوية من انتقدوا البيان، وانشغلوا فى دعوتهم لمناقشته شخصيا، دون ان يدافع أيا منهم عما وقع عليه، أو يرد على ما تلقاه «بيانه» من انتقادات،حتى إن بعضهم قال «وقعت من غير ما اقرا».
وعندما تفرغ من قراءة البيان سوف تكتشف أنك نسيت عنوانه، وما إذا كان «بيان من أجل استكمال الثورة» أو «بيان من أجل استرداد الثورة... من الشعب»








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون