الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسطيح الديمقراطية في خطاب دول الغرب: القلق على مرسي نموذجاً

بدور زكي محمد

2013 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لا تشكل التصريحات الألمانية والأميركية بشأن الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، أي مفاجئة لمن يتابعون مواقف الغرب من الأنظمة ذات البعد الواحد، ودولة الإخوان المسلمين نموذج عنها، فطالما كانت الدول ذات الديمقراطيات العريقة سندا للأنظمة الدكتاتورية في العراق وليبيا وتونس ومصر. الخارجية الألمانية طالبت بتمكين مؤسسة محايدة ، ذات مصداقية لا نزاع حولها، على الفور من الوصول إلى الرئيس المحتجز، وأن "يوضع حد للإجراءات التي تحد من حريته" ، كما سبق أن عبرت الخارجية الأميركية عن استيائها مما أسمته " الإعتقالات التعسفية " بحق الإخوان المسلمين. ولا أجد رداً على هذ القلق المصحوب بنبرة نفاقية، سوى ما قاله مقدم البرامج، الصحافي يسري فودة " طول ما الدم المصري رخيص، يسقط يسقط أي رئيس"، وكان كلامه في معرض التفجع على مقتل حسن شحاتة و ثلاثة من رفاقه، الذين قتلوا وسحلوا بسبب كونهم شيعة، وبتحريض غير مباشر من الرئيس مرسي، في أحد خطبه، فضلاً عن حملات دعاة من الإخوان والسلفيين ضد الشيعة، بوصفهم " خطرين وأنجاس". الموضوع هنا لا يتعلق بالشيعة، فهم في النهاية مواطنون مصريون، يشكلون نسبة ضئياة من المجتمع المصري، لكن إشارتي إليهم ترمز إلى طريقة نظام الإخوان في التعامل مع الآخر المختلف عنهم في تفرعات العقيدة، ودرجة التزامهم بحماية المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وأديانهم ومذاهبهم، كيف سيكون مستقبل البلاد في ظل حكمهم إذا ما استطال. من حق الناس أن يقولوا كلمتهم إذا ما جار الحاكم عليهم، أو تنكر لالتزامه بتوفير الأمن لهم، هذا ما لا تهتم به ألمانيا والولايات المتحدة، كما لم تهتم حكومات الغرب بجرائم صدام في حلبجة وجنوب العراق، وما أقترفه نظام الأسد الأب في حماه، والقذّافي في ليبيا، وغيرهم. أتساءل عن معانى الديمقراطية لدى الغرب، ومدى ارتباطها بفكرة العدالة، العدالة المجردة، غير الخاضعة لدهاليز القوانين وثغراتها. في مقال للبارونة هيلين نيولوف، في صحيفة التايمز البريطانية ( عددها ليوم 15-07-13)، تقول أنه من خلال عملها في المحاكم وخبرتها القانونية لسنوات عدّة، وكمفوضة رسمية لشؤؤن ضحايا الجرائم، وجدت : " إن نظام العدالة الجنائية قاسياً، لا يراعي مشاعر الضحايا ... كما لا يحترم القيم وكرامة المجني عليهم، وهو مايسبب الصدمة، ويشكل انطباعاً بأن الإهتمام ينصب على الجناة وليس على الضحايا .. ". وهناك حالات كثيرة عبرت عن إخفاق النظام القانوني البريطاني، كما غيره في دول الغرب، في إنصاف الضحايا، ذلك لإن المبالغة في حماية حق الفرد وحريته، أصبحت عائقاً أمام تطور الديمقراطية، ما جعلها تتحول إلى أطر جامدة. في انحياز الولايات المتحدة وألمانيا إلى جانب الإخوان المسلمين، يمكن تبين جانب المصلحة حسب بعض الآراء التي تقول، بأن الغرب ضاق ذرعاً بتوغل الإسلام في بلدانه، ويريد من خلال مساعدته للأحزاب الإسلامية بأن تفوز بالحكم في مصر وغيرها، أن يجعلها تغرق في الفشل وتحرق نفسهاز قد يكون هذا الراي مقبولاً إلى حد ما، لكننا أمام حالة من القلق الظاهر على الديمقراطية في مص، لا تراعي القيم التي يقوم عليها النظام الديمقراطي بشكل عام، فهل غاب عن الدبلوماسيتين الألمانية والأميركية إن الإخوان في عامهم الأول سارعوا إلى أخونة معظم أجهزة الدولة ومؤسساتها، ولم يستثنوا حتى الأزهر، هل غاب عنهم إن النظام اضطهد المرأة وحاصر الفنون والسياحة؟ إن حصر الديمقراطية في خانة الإنتخابات فقط هو تسطيح لا يليق بتاريخ الغرب وديمقراطيته. ثمة علاقة وثيقة بين العدالة والديمقراطية، جعلني أسوق ما قالته الباروني البريطانية، وأضيف أمثلة أخرى تشير إلى مظاهر الجمود في القانون، وعدم مراعاة حقيقة االزيادة المروعة في نوعية الجرائم، وانتشار العمليات الإرهابية، وفي المقابل تسامح مع الجناة وصعوبات جمّة أمام أي مطالبة بتغيير قانوني يتجاوب مع ضرورات الواقع المتغير. والمسألة في رأيي ليس خبثاً ومصالح في أجندة الغرب، في دعمه للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، فقط، وإنما أيضا خلل في الحسابات، واستهانة بخطر التنظيمات الإسلامية على مجتمعات الغرب نفسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة