الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الفخ الطائفي

نوري جاسم المياحي

2013 / 7 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في السبعينات من القرن الماضي ولللاسف لا اتذكر التواريخ بالضبط لمرور مدة طويلة على القصة وتقدمي بالعمر ومصائب ونكبات الحياة سببت ضعف االذاكرة عندي .....
حدثني صديق لي و كان قيادي سابق في الحزب الشيوعي العراقي ( رحمه الله ) وفي حديث خاص بيننا ... قص علي قصة بطلها كان احد القادة الامنين الكبار ومن المشاركين في تنفيذ انقلاب 17 تموز ...
لقد كان هذا الضابط صديق مقرب لصديقي الشيوعي وكان يأتمنه ويحدثه وربما يستشيره في بعض قضايا الساعة السياسية بحكم كون صديقي سياسي محنك وعندهخبرةسياسية لايستهان بها كاي شيوعي منشيوعي ذلك الزمان ...وفي يوم من الايام حدثه عن اقتراح قدمه شخصيا الى رئيس الجمهورية انذاك المرحوم احمد حسن البكر ...وكان ضجرا وغير مرتاح لرد فعل الرئيس انذاك على المقترح المذكور ..
وحسبما أخبرني صديقي الشيوعي ( وانا واثق من صدق روايته ) ان مقترح القائد الامني الكبير للسيد الرئيس انذاك .. كان يدعو الى... استغلال فرصة احتفاء جماهير بغداد بوصول قفص ذهبي تبرعت به حكومة ايران لنصبه على ضريح احد الائمة في كربلاء ( لا اتذكر بالضبط ايهما لمرور اكثر من اربعين سنةعلى القصة ) .. وفى قمة الازدحام في شارع الرشيد ...تقوم زمرة مدربة ومنتخبة من قوات الامن بافتعال هجوم مسلح على القفص ونسفه ...ورمي بعض الجثث التي ترتدي الملابس والزي الكردي ...وبذلك يتهمون الاخوة الاكراد بارتكاب الجريمة مما يثير مشاعر وعواطف غالبية الشعب العراقي ومقدمي الهدية من الايرانين ضد مرتكبي الجريمة والمفروض هم متمردي الاكراد في شمال العراق ...وبذلك تتمكن الحكومة العراقية من كسب التاييد الايراني وقطع المساعدات عن المتمردين الاكراد ...اي ضرب عصفورين بحجر واحد ..
لان التمرد الكردي في شمال العراق كان على اشده ..والحكومة في بغداد عاجزة عن اخماده ...
ولهذا جاء المقترح المذكور ... كخطة تعبوية كيدية فتنوية للخروج من موقف شائك وعويص ومعقد لايحتاج الى جهد كبير وبتضحية صغيرة بقتل أثنان او ثلاثة من السجناء الاكراد ( طبيعي هذه من وجهة نظر صاحب الاقتراح انذاك وقناعته الشخصية ) ..... ...
مما سيؤدي الى حقد وكراهية على الاخوة الاكراد عامة والمتمردين (العصاة ) كما كانوا يسمونهم انذاك خاصة ...عندها تتراكض جماهير الوسط والجنوب ويتطوع الشباب لمقاتلة االمتمردين وبدوافع دينية مذهبية ...اي بدوافع الشحن الطائفي والمذهبي ...
وللامانة التاريخية وكما حدثني صديقي الشيوعي عن صاحبه الضابط الامني وصاحب المقترح ( رحمهما الله جميعا ) ...ان المرحوم الرئيس احمد حسن البكر صار عصبي عليه وبغضب لم يكن يتوقعه منه رفض المقترح جملة وتفصيلا واعتبره ليس اخلاقيا وليس من شيمة العراقيين ( طبعا ايام زمان وليس هذه الايام ) والعرب ويستنكر اتباع وانتهاج هذا الاسلوب في حل المشاكل مع الاخوة الاكراد لانه خطر ومكروه ..
والى هنا انتهت القصة ووصل القفص الى مكانه المخصص وبسلام وبدون اية مشكلة وكانت الفرحة عامة للجميع ...
انني أذكر هذه القصة ليس من باب سرد القصص لاغراض المتعة والتسلية او كحدث اسجله للتاريخ ...وانما كدرس وعبرة لساسة اليوم وقياديه عراقيين وعرب ومسلمين ممن اصبحوا خبراء و من هواة نصب الافخاخ الطائفية لخصومهم للحفاظ على مناصبهم ومراكزهم القيادية وابتزاز الفقراء والبسطاء من المواطنين وبنفس الوقت لتسليط الضوء على الافخاخ الطائفية وطبيعتها والتي كثر استخدامها في السنوات الاخيرة ...وتسببت في قتل الملايين من الضحايا الابرياء ولا احد ينتبه لما تسببه هذه الجرائم وهذه الافخاخ الطائفية ضد ألانسانية ...
وما تفجير مرقد الامامين العسكريين ... الا مثلا وشاهدا لفخ طائفي واضح المعالم والاهداف كان ضحيته الشعب العراقي بكل طوائفه ...وقد نجح في اشعال الحرب الطائفية كما تتذكرون ... وحقق اهدافه المرسومة للاسف الشديد..
يوميا نرى ونسمع اخبار ما يحدث في العالمين العربي والاسلامي من جرائم العنف الطائفي كالهجومات المسلحة وتفجير الكنائس المسيحية وقتل الرهبان والمساجد الاسلامية والحسينيات الشيعية وقتل المصلين بالجملة ونبش قبور الصحابة والاولياء ...كلها تعتبر افخاخ طائفية ...لاثارة الفتنة ..
ان استهداف المناسبات الدينية ...وللطوائف المختلفة تعتبر افخاخ طائفية ... فالخطاب الطائفي المتشنج في خطب الجمعة والمؤتمرات الدينية التي تعقد هنا وهناك والمثير للعواطف الموالية او المعارضة لهذه الطائفة او تلك ...تعتبر افخاخ طائفية ... وظاهرة انتشار الفضائيات الدينية واالطائفية (كل من صخم وجهه ولبس عمامة ..فتح فضائية دينية طائفية تنفث سمومها ليلا ونهارا )وكلها تدفع للاقتتال والفرقة بين ابناء الشعب الجاهل وحتما ..
ان اخطر ما يحدث في السنوات الاخيرة ...هو استثمار الطائفية في الصراع او لاهداف السياسة والسياسيين والحكام والمنافقين ..وهذه احقر وابشع ظاهرة ووسيلة يستخدمها السياسي لتحقيق طموحاته الشخصية والانانية ..
ولنأخذ مثلا ...زج حزب الله اللبناني في الفتنة السورية ( قد تكون بحجة حماية المراقدالمقدسة وبالتاكيد هي منطقية ومقبولة ولكنها مرفوضة في حالةحزب الله خاصة ...حيث شوهت سمعة الحزب المقاومة )...اقولها وبصراحة انه فخ طائفي لتدمير واستنزاف سلاح المقاومة وصمود هذا الحزب المقاوم للاحتلال الصهيوني ... لقد تحول الى حزب مليشيات طائفية شيعية صرفة ..ودفعه للانحراف عن الهدف الاصلي وهو تحرير الارض اللبنانية والعربية ...وهذا ماتصبوا اليه اسرائيل وترقص له ( بالجفية مثل مايكول العراقيين )... وهوالتخلص من اشرس مقاوم عربي مسلم لجبروتها وعنجهيتها وطغيانها على الحق الفلسطيني العربي الاسلامي ...
ان الاوان ومهما تكن نتائج الحرب العدوانية والكونية ضد سوريا ...ان ينسحب الحزب من الساحة السورية ...وينتبه للفخ الذي ينصب له في الساحة اللبنانية نفسها .. وهو ليس ببعيد عن المعلم الاسرائيلي واصدقاءه اللبنانيين ...
اما مقام السيدة زينب والمراقد الشيعية الاخرى فهي بحماية الشعب السوري ...فمن حماها طيلة 1400 سنة ليس حزب الله اللبناني ولا حزب الله العراقي ولا حتى ايران نفسها ...وانما حفظته الارادة الربانية الالهية ... والشعب السوري ...
وهنا كان بودي ( شخصيا ) لو ان حزب الله ابتعد عن الاصطفاف الطائفي وانتهز واستغل الفرصة والفوضى والاعتداءات الاسرائيلية على الجيش والشعب السوري وفتح جبهة الارض المحتلة في الجولان المحتل ومنذ اربعين سنة امام مقاتليه من المقاومة العربية والعمل على تحريرها واشغال وجر العدو الاسرائيلي الى حرب سورية كان هو من اججها وعليه ان يتحمل نتائجها وليس السوريين وحدهم من يدفع الثمن ...لكن احتفظ بمكانته بين اللبنانين والعرب وبذلك لفاز حزب الله باحترام احرار العالم كلهم ... ولما وقع بالفخ الذي نصبته اسرائيل واصدقاءها له ...
وفي الاخير لابد لي من الاشارة الى مثل طئفي ااخر ( طبيعي من وجهة نظر شخصية بحتة ) ...فكما تعلمون ان كل مكونات وطوائف الشعب العراقي تعاني من التهميش والاستغلال والاذلال من حكومة المحاصصة الوطنية الحالية وليس ابناء المنطقة الغربية وحدهم من همش وعانى ( وكما يصورها بعض الطائفيون )
لهذا نجد ان فشل انتفاضة الانبار وبقية المحافطات وبالرغم من صمودهم لعدة اشهر وتعرضهم للحر والبرد وكل المنغصات والتضحيات التي قدمها المعتصمون طيلة هذه الاشهر ...وخرجوا بخفي حنين ..
كان بسبب الخطاب الطائفي الذي تبناه خطباء منصة الاعتصام و قادته من السياسيين ومن رجال الدين المتحزبين والذي نصبوا انفسهم اوصياء على الشعب العراقي وضيعوا قضيته ..
وللاسف كاانت النتيجة ومنذ الايام الاولى للانتفاضة ... تسبب هذا الخطاب الطائفي في تقسيم جماهير الشعب العراقي الى قسمين مناصر ومؤيد لاهل الانبار المعتصمين وقسم معارض وموالي للحكومة والاحزاب الحاكمة وبالتالي خرج شعبنا المظلوم من المولد بلا حمص (كما يقول المثل ) ...
وأنا اعتبره شخصيا هو فخ طائفي نجح من نصبه ومستغلوه من الساسة في امتصاص نقمة الشارع العراقي بكافة طوائفه ... وكل منهم ( من القادة ) جيره لصالحه وحصل على حصته من الكيكة والكعكة ...وبقي المعتصمون من البسطاء والفقراء ينتظرون الفرج من صاحب الفرج ...
ولكي لا اطيل عليكم ...هناك دعوات من هنا وهناك ...تنادي بخلق حركة تمرد عراقية اسوة بحركة التمرد الشبابية المصرية ...وبالتاكيد هي خطوة ضرورية ومباركة للعراق والعراقيين ...
ولكن شباب العراق ليس كالشباب المصري .. ورموز الطائفية في العراق اشرس من غيرهم في مصر ...فمتى ما تمكن دعاة حركة التمرد العراقية من فضح واكتشاف الافخاخ الطائفية والمبادرة بتفكيكها ...عندها يمكننا التعويل على حركة حقيقية وفعلية للتغيير منحال الى حال وبنهج سلمي ومسالم حقيقي وليس كلامي ...والا انصح ان نبقى ...نمارس مختلف انواع الادعية ...مع كثير من الجهش والبكاء ...واللطم على مواكب الشهداء ...وننتظر الفرج من صاحب الفرج ...
اللهم احفظ مصر وسوريا ولبنان ...وكل العرب والمسلمين في كل ديارهم ..
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ