الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الاحتجاحية في مصر بعد الثورة

وفاء داود

2013 / 7 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن دراسة الحركات الاجتماعية في العالم العربي لا تزال محدودة حيث لم تستوعب التغييرات التي حدثت في الفترة الأخيرة، كما لم تحظ الحركات الاحتجاجية باهتمام أكاديمي كافي لاسيما من جانب باحثي العلوم السياسية، وتُرك هذا المجال لباحثي العلوم الاجتماعية مما أدى إلى أن احتلت دراسة الحركات الاجتماعية مكانة هامشية في علم السياسة، ولم يقتصر ذلك على الحالة العربية فحسب ففي أمريكا نادراً ما تتضمن صحف العلوم السياسية الرئيسية عمل عن الحركات الاجتماعية وتُترك القضية لعلم الاجتماع رغم أنها من أهم الحقول الفرعية البارزة في علم السياسة.
وفي أوربا، على الرغم من أن دراسة الحركات الاجتماعية تسيطر على علم السياسة إلا أنها تُطرح في نقاط ثانوية كمحاور في تناول موضوعات فرعية مثل تناول موضوع التطرف السياسي، ويرجع ذلك إلى ظهور الحركات الاجتماعية كفواعل بدون تأثير تعمل في هامش علم السياسة في تلك الفترة، لكن مع تصاعد الدراسات التي تتناول الموجات الرئيسية للديمقراطية وصعود قيم سياسية جديدة تصاعدت أهمية الحركات الاجتماعية وأخذت مكانة بالغة الأهمية داخل علم السياسة.
ومع التغيرات السياسية الجسيمة التي تمس حياة المواطنين في مصر لاسيما بعد الزخم الثوري والحراك السياسية والاحتجاج الجمعي بعد ثورة الـ25 من يناير، انتشرت الحركات الاحتجاجية على نطاق واسع، وظهرت أنماط جديدة ومستجدة على المجتمع المصري لا سيما في الذكرة الثانية للثورة، مما دفع الباحثين للتساؤل حول هذه الحركات خاصة مع استخدمها الأساليب العنفية غير التقليدية.
وفي إطار تأطير مفهوم الحركات الاحتجاجية نجد أن المعني العام لكلمة حركة Movement يشير إلي سلسلة الأفعال التي يقوم بها عدد من الأفراد لتحقيق هدف معين. ولقد أوضح ريموند وليامز في مؤلفه الشهير الثقافة والمجتمع أن مفهوم الحركة هو أحد المفاهيم الاستراتيجية في العلوم الاجتماعية والذي يمثل وسيلة لاكتشاف طبيعة التغيرات المادية والثقافية التي تطرأ علي أي مجتمع من المجتمعات. وتوالت الإسهامات إلى أن تبلور مفهوم الحركة الاجتماعية Social Movement لكي يشير إلي دراسة التغيرات الراديكالية التي تشهدها الأبنية الاجتماعية والسياسية في المجتمع.
نظرة تاريخية تراثية تحتل أهمية خاصة بالنسبة لدراسة الحركات الاجتماعية. كما ظهرت اسهامات الباحثين في تأصيل مفهوم الحركات الاجتماعية ويُعد لورانز فون شتاين Lorenz Von Stien من المفكرين الرواد الذين قدموا تعريفاً علمياً لمفهوم الحركة الاجتماعية وذلك في مؤلفه ""تاريخ الحركة الاجتماعية في فرنسا من 1789 إلى 1850" والذي نشر لأول مرة عام 1850، حيث عرف الحركة الاجتماعية بأنها محاولات البروليتاريا اكتساب القوة الاقتصادية والسياسية، موضحاً أن "المصلحة هي جوهر كل تفاعل إنساني ومن ثم كل حركة اجتماعية هي أساس المجتمع". بينما أوضح رودولف هيبرل أن الحركة الاجتماعية تهدف على إحداث تغييرات راديكالية في النظام الاجتماعي العام وخاصة في مجالات توزيع الثورة وعلاقات العمل، وبالتالي فقد وسع المفهوم الذي قدمه شتاين ليشمل حركات الفلاحين والحركات الوطنية والفاشية.
وفي هذا السياق، أشار سومبارت W.Sombart إلى الحركة الاجتماعية على أنها تصور لكافة محاولات البروليتاريا من أجل تحرير نفسها . أما فريديناند تونيزF.Tonnies فقد استخدم تصوراً آخر هو التجمع الاجتماعيSocial Collective، وهناك من يعرفها بأنها ذلك الجهد الموحد والمتصل الذي يقوم به مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة بين أعضائها وقد يكون معناها أكثر تحديدا ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو ابدال أو هدم نظام اجتماعي قائم. وهناك من عرف الحركات الاجتماعية بأنها "جماعة من البشر يجمعهم الاقتناع بمجموعة معينة من المعتقدات، حيث أنها بمثابة آلية تعكس مؤشرات الاحتقان ومقدمات السخط الشعبي نتيجة إحباط وخيبة أمل وتعبير محاولة للبحث عن بدائل للعملية السياسية برمتها، حيث تشير الحركة الإحتجاجية إلى توافق جماعة من الناس تعمل على إحداث التغيير الاجتماعى والسياسى كليا أو جزئيا فى نمط القيم السائدة والممارسات السياسية وذلك بين المواطنين الذين يجدون فى الحركة تجسيدا لمعتقداتهم ونظرتهم للوضع الاجتماعى المنشود، ويمكن تعريفها بأنها جزءاً أكبر من عملية التحديث بالإضافة إلى أنه تعبر عن الحس الاجتماعى أكثر من كونها تعبير عن أزمة اجتماعية لأنها فعل رشيد من الجماعات المستبعدة لتحقيق نتائج سياسية معينة. وتشير معظم الدراسات إلي أن الحركة الاجتماعية تسعي إلي إحداث التغيير الاجتماعي من خلال جماعات من الأفراد، وعادة ما تقوم ضد الحكومات.
ومن خلال التعريفات السابقة يمكن القول أن الحركات الإحتجاجية عبارة عن تنظيم اجتماعي له هياكله ومؤسساته التنظيمية ويهدف الى تحقيق أهداف محددة سواء بالطرق السلمية أو اللاسلمية وتمثل مجموعة منظمة تعبير عن حالة من الغضب العام التى تسود في المجتمع أو فئة معينة داخل المجتمع وغالبا ما تكون هذه الفئات المهمشة داخل المجتمع والتى لا أحد يسمعها مما يجعلها تعبر عن هذا الغضب بطرق سلمية من خلال تشكيل إضرابات وإعتصامات وتجمهر أو طرق لاسلمية عنفية مثل حرق أو قطع الطرق من أجل التعبير عن مطالبها ومطالبة الحكومة بتنفيذها.
وعن آليات تواصل الحركات الاحتجاجية، فقد اتفق جمهور من الباحثين على أن الحركات الاجتماعية تعتمد بشكل كبير علي أدوات الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، وتوظيف الاعلام البديل مثل رسائل المحمول، والبريد الإلكتروني، والمدونات والفيس بوك كوسائل للتعبير كآليات رئيسية للتعبئة والحشد والتنظيم.
وعن مراحل وأنواع الحركات الإحتجاجية الجديدة وأنواعها وآلياتها سيكون موضوع المقال القادم بإذن الله.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية