الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الاجتماعية: المداخل والنظريات

وفاء داود

2013 / 7 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يمثل هذا المقال الحلقة الثالثة في سلسلة مقالات الحركات الاحتجاجية الجديدة في مصر بعد الثورة، ويتناول هذا المقال نظرياتها والتي تتمثل في ثلاث مداخل رئيسية، تقوم فرضية المدخل أو النظرية الأولى للحركات الاحتجاجية على أنه حينما يندمج الأفراد في مجموعات فإنهم يفقدون شخصيتهم ويصبحون عرضة للسلوك اللاعقلاني، ورغم أن سلوك الأفراد قد يشمل شجاعة وتضحية كبيرة من أجل الجماعة ولكن أيضاً يتضمن عنف غير منضبط تجاه من هم خارج الجماعة.
ومن أبرز مفكري هذا المدخل ماكس فيبر في أطروحته عن القيادة الكاريزمية، وإيميل دوركايم في رؤيته عن الضمير الجماعي فوفقاً لدور كايم فإن التغير الاجتماعي السريع يؤدي إلى انهيار الروابط والقيم الاجتماعية التقليدية وفي إطار البحث عن إعادة البناء الاجتماعي الجديد يكون الأفراد المعزلين أو المهمشين من الكتلة المجتمعية أهداف سهلة للحركات الاجتماعية الشمولية، وتكون هذه الحركات عامل جذب للشخصيات السلطوية، مؤكداً أن الحركات الاجتماعية المنحرفة لا يمكن أن تظهر في شكل إيجابي، وقدم رؤية وظيفية هيكلية ربطت الحركات الاجتماعية بالصدع الهيكلي والذي يمهد الطريق لنشر اللاعقلانية والتجزئة.
ويتفرع عن المدخل التقليدي في دراسة الحركات الاجتماعية نظريات تسمى بـ "نظريات الحرمان النسبي"، والتي ترى أن الحرمان النسبي هو فجوة بين ما يحصل عليه الأفراد وبين ما يتوقعون ويطمحون الحصول عليه على أساس توجهات الماضي والمقارنة مع الجماعات الآخرى، ولا يرتبط الحرمان النسبي بالضرورة بركود اقتصادي ففي فترة الستينيات رغم وجود وفرة اقتصادية وجدت هذه الجماعات التي تعاني من الحرمان النسبي طالما أن مستوى الطموح يتجاوز قدرات النظم السياسية والاقتصادية للوفاء بها.
ويرجع السبب في غلبة النظريات التي تؤكد على جوانب العنف واللاعقلانية للحركات الاجتماعية ـ ووصف مشاركيها بأنهم أهداف سهلة للجذب من قبل جماعات سلطوية ومقتلعون اجتماعياً ومحبطون ـ في جزء كبير منه إلى المسافة الايديولوجية والاجتماعية بين الحركات الاجتماعية المسيطرة والمفكرين الذين قاموا بدراسة هذه الحركات، فمعظم هؤلاء المفكرين لم يكن لديهم تعاطف مع حركات العمال، كما أن ظهور الفاشية والستالينية زادت من كراهية ونفور الأكاديمين من الدراسات الشعبية.
ويستمر التفسير التقليدي للحركات الاحتجاجية في الوقت الحاضر في الدراسات التي لا تتعاطف مع الحركات الاجتماعية وتركز على اليمين المتطرف وكره الأجانب والذي يُنسب للإحباط ونقص التكامل الاجتماعي لهؤلاء الخاسرون من الحداثة.
وهناك مداخل آخر يسمى بنظرية تعبئة الموارد، وترجع مبررات ظهوره إلى موجات الاحتجاج التي شهدتها فترتي الستينيات والسبعينيات إلتي أدت إلى تحول جذري في النظرة تجاه الحركات الاجتماعية، وكانت النظرية الاقتصادية للعمل الجماعي مصدر إلهام لظهور مدرسة تعبئة الموارد كنظرية جديدة تتناقض مع النظريات التقليدية السابقة في دراسة الحركات الاجتماعية، ووفقاً لـ Olson تعد الحركات الاجتماعية فواعل راشدة وعظيمة الفائدة، وبدأت تظهر مصطلحات جديدة وبدأ الحديث عم حركة رجال الأعمال التي أنشأت تنظيمات الحركات الاجتماعية وصناعات الحركات الاجتماعية والتي تقدم منتجاتها للزبائن وليس للأفراد المحبطين غير العاقلين، فهي تعتبر ربحية الاستثمار الموارد التقديرية في أنشطة الحركات الاجتماعية، وفيما يتعلق بالحالة الاجتماعية البنيوية للتعبئة أكد منظري مدرسة تعبئة الموارد على تضامن الجماعة وتكامل الأفراد في الشبكات الاجتماعية بدلاً من تحطيم القيم والاقتلاع الاجتماعي للمنظورات الكلاسيكسة.
وقامت دراسات عديدة بمقارنة تنبؤات الاقترابات التقليدية مع منظور تعبئة الموارد وأعطت تأييد كبير للأخير، فهذه الدراسات وجدت أن المشاركين في الحركات الاجتماعية يميلون لأن يكونوا متكاملين مع مجتمعاتهم ويتم تعبئتهم من خلال شبكات اجتماعية ضيقة، كما أن Charles Tilly ورفاقه حشدوا أدلة توضح أنه لم يكن هناك رابط مباشر بين التغير الاجتماعي السريع وعواصف في تعبئة الحركات الاجتماعية، ولكن Piven و Cloward وهما اثنان من أصوات قليلة أشاروا إلى أن هذه النتائج المؤيدة لنظرية تعبئة الموارد ركزت على الحركات أو أقسام الحركات التي كانت منظمة بشكل جيد وإصلاحية وتنتمي للطبقة الوسطى وتميل إلى تقليل الجوانب الثورية والتخريبية في الحركات الاجتماعية.
وركز المدخل الثالث على هيكل الفرص السياسية إنطلاقاً من نقد نظرية تعبئة الموارد فيما يتعلق بإغفال البيئة السياسية للحركات الاجتماعية إلى ظهور مفهوم هيكل الفرص السياسية والتي ترى أن الاختلافات في كمية وأنواع نشاط الحركة الاجتماعية يُفسر بالاختلافات في السياق (المحتوى) السياسي الذي تواجهه، حيث يرى Eisinger على سبيل المثال أن الحركات الاجتماعية في المدن تتأرجح وفق هياكل وانفتاح السياسات المحلية، كما ربط Mc Adam زيادة حركات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة للتحولات في الدوائر الانتخابية للجمهوريين والديمقراطيين كنتيجة لهجرة الكتل السكانية للولايات الشمالية وتآكل قبضة الديمقراطيين على البيض الجنوبين.
هل تعتبر البلاك بلوك حرجة احتجاجية جديدة؟ وهل هي مصرية النشأة؟ وما هي أهدافها وأفكارها وتكوينها؟ سوف نتناول ذلك في المقال التالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية