الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك ربّان يدير اللعبة السياسية في المشهد المغربي اليوم من وراء ستار؟

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



بعد تقديم خمسة وزراء استقلاليين إلى رئيس الحكومة، وتوقف حميد شباط على حين غرّة ودون سابق إنذار عن انتقاد السلطة التنفيذية والاستهزاء بها كما دأب على ذلك منذ اعتلائه عرش حزب الميزان، واهتم – في صمت مطبق – بمفاوضات حزب العدالة والتنمية مع التجمع الوطني للأحرار ليحل محل حزبه بالحكومة.
ولا يخفى على أحد أن صلاح الدين مزوار ورفاقه بدأوا – أوّلا وقبل كل شيء- بطرح جملة من الشروط. هذا في وقت كان حزب المصباح قد دخل في مفاوضات مع أخزاب أخرى في المعارضة. لكن تبين أن هناك تقارب نسبي محتمل جدا –أكثر من غيره- بين صلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة ورئيس حزب العدالة والتنمية. وقد ذهب البعض إلى اعتبار لقاء الزعيمين في جنازة عبد الإله المكينسي ، الرئيس السابق للجمعية الرياضية السلاوية إشارة للتقارب بينهما . لكن حزب الحمامة يطرح شروط ، يبدو أنه لن يحيد عنها، للانضمام إلى الحكومة عبد الإله بن كيران. ومن هذه الشروط اضطلاع حزب التجمع الوطني للأحرار برئاسة مجلس النواب عوض الاستقلالي كريم غلاب، وكدا مراجعة سياسة الحكومة ونهج تدبيرها والاضطلاع بجملة من الوزارات منها التعمير والصحة أو التعليم، والإقرار بنهاية جوّ التنافر والجفاء بين الحزبين.
علما أن بعض المحللين السياسيين يرون في التقارب والتحالف بين المصباح والحمامة غير طبيعي ومعاكس للمجرى الطبيعي للأمور، إذ أن حزب التجمع الوطني للأحرار صوّت ضد البرنامج الأصلي المقدم من طرف حكومة عبد الإله بن كيران، فكيف سيفهم تحول موقفه بمقدار 180 درجة؟ وفي هذا السياق وجبت الإشارة إلى نوازل شدّ الحبل إلى منتهاه بين عبد العزيز أفتاتي وصلاح الدين مزوار فيما أشتهر بتبادل المصالح والمكافآت بين هذا الإخير، عندما كان وزير الاقتصاد والمالية، و ونور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة. هذا دون نسيان وجود أصوات في صفوف حزب العدالة والتنمية تفضل اللجوء إلى حل الانتخابات المبكرة، التي من شأنها في نظرها توضيح الصورة بشكل جلي. سيما وأن أصحاب هذا الرأي يرون أن شعبية حزبهم مازالت قوية، والانتخابات المبكرة ستضمن عودة حزب العدالة والتنمية للحكومة مع أغلبية أكبر وأريح.
هل هناك ربّان يدير اللعبة السياسية في المشهد المغربي اليوم من وراء ستار؟
لقد اعتاد المغاربة حتى اليوم على وجود متحكمين في اللعبة السياسية المغربية من وراء الستار، إذ هم الذين يتحكمون في خيوط اللاعبين الطاهرين على الركح السياسي المرئي . لقد تمت دعوة حميد شباط وأصدقائه إلى تحمّل مسؤولياتهم كاملة غير منقوصة وعلى عبد الإله بن كيران أن يقرر في مآل الأحداث، علما أنه ظل يصرح دائما انه لن يقدم على شيء دون مشورة رئيس الدولة.
فهل نحن الآن بصدد ولوج حقبة جديدة في ممارسة السياسة بالمغرب، حيث تمّ الإقرار بالمزيد من الحرية والتحرك للسلطة التنفيذية خلافا لما كان واقعا بالأمس القريب، وهكذا سنعاين، عين اليقين، ترسيخ الفصل النسبي بين السلطات على أرض الواقع؟
في هذا الوقت بالذات يبدو أننا نشهد إعادة ترتيب قواعد منطق واقعي جديد الرامي إلى إعادة إحياء الكتلة لتقعيد معارضة قوية. لكن هل هناك من إمكانية لإقناع حزب التقدم والاشتراكية للالتحاق بالكتلة والانضمام إليها من جديد؟ يبدو هذا من باب المستحيلات حاليا، خصوصا بعد التصريحات الأخيرة لنبيل بنعبد الله، والتي ظلت تعزف على وتر معارضة خروج حزب الاستقلال من الحكومة بذريعة خطورة من اللحظة والسعي وراء مصلحة البلد والعباد. في حين يقرّ حزب الأصالة والمعاصرة غير معني بهذا ولا بذاك، فهو في حرب مع الجميع، حيث لا يرى نفسه في أي حكومة مع حزب العدالة والتنمية أو في المعارضة تحت مظلة الكتلة أو في صفوفها. والنتيجة واضحة المعالم إلى حد الآن، هي أن على حكومة عبد الإله بن كيران التفاوض بخصوص عودة التجمع الوطني للأحرار إلى سدّة الحكم، كما عليها التصدي لمعارضة برأسين اثنين علما – وهذا لا ينبغي أن يخفى على الأذهان- أن حزبي الحمامة والجرار انبثقا معا من عائلة واحدة، وهذه من خصوصيات المشهد السياسي المغربي، حزب في الحكومة له روابط مع المعارضة.
وهناك مخرج حسب بعض أعضاء حزب الميزان قد يضمن دم الوجه
لم يخف بعض وزراء فريق بن كيران وأعضاء في حزب العدالة والتنمية تفضيلهم أن يكون سعد الدين العثماني، الوزير الحالي للخارجية، رئيسا للحكومة بدلا من عبد الإله بن كيران. وهذا ما دفع البعض إلى القول إن أعداء عبد الإله بن كيران لا ينحصر وجودهم فقط في الأحزاب السياسية المعارضة، ولكن هناك منهم من هم من حزبه وصمن فريقه الوزاري الحالي. في الواقع، عشية الإقرار بانسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية ومروره إلى المعارضة ، طالب بعض وزراء حزب الميزان بإجراء مراجعة شاملة للهيكلة الحكومية، مرورا عبر ابتعاد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران عن رئاسة الحكومة، وفي هذا اليساق راج - فين هؤلاء – اسم وزير الشؤون الخارجية، سعد الدين عثماني ليحل محل رئيس الحكومة الحالي، عبد الإله بن كيران .
ومن مؤاخذات هؤلاء على رئيس الحكومة اعتماده على دائرة ضيقة جدا لاتخاذ القرارات الكبرى، ووثوقه أكثر من المطلوب برأي "نائبه"، وزير الدولة عبد الله باها. كما يؤاخذون على عبد الإله بن كيران تعيين أحد الموالين إليه والمقربين منه مديرا لديوانه، جامع معتصم، الذي يتهمونه بالبطء غير المفهوم وغير المبرر في تقديم مشاريع مراسيم معدة من طرفهم.
ومن المعلوم أن سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، يحظى بتقدير خاص في صفوف أعضاء حزب المصباح، وظل يعتبر رجل الإجماع.
ويرى أصحاب هذا الرأي في سعد الدين فرس الرهان القادم، وحامل المفاتيح التي يمكنها فك شفرات المشهد السياسي الغارق في القلق وترقب الانتظار. إن مفاتيح الحل التي يملكها العثماني – حسب هؤلاء- لا يستمدها من الجذور والأصول فقط، فتتبع سيرته ومسيرته يمكن أن يرسم صورة أكثر وضوحا للرجل المنتظر، فهو أحد القيادات التاريخية للحركة الإسلامية التي صارت الرقم الأهم في المعادلة السياسية الحالية، وليس طارئا عليها، ولعب دورا تاريخيا يعطيه من المشروعية ما لا يحظى به كثيرون التحقوا بالإسلامية بعدما أقلع القطار وتأكدت صحة الوجهة، وكان في قيادته للحركة قادرا على معرفة حركة واتجاه الريح، وإدارة الدفة وسط الأمواج العاتية.
كما يذكر للعثماني أنه كان من أبرز مهندسي الانتقال الآمن بالحركة الإسلامية من العمل الدعوي الفكري إلى العمل السياسي المباشر، فقد كان ممن قادوا الاتفاق مع الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب لاحتضان حزبه (الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية) لأبناء الحركة الإسلامية، وحين عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب سنة 1996 اختير العثماني عضوا بالأمانة العامة، ثم عين مديرا للحز ب سنة 1998، وانتخب في المؤتمر الرابع سنة 1999 نائبا للأمين العام قبل أن يتم انتخابه بعد أربع سنوات من ذلك أمينا عاما للحزب بأغلبية مطلقة في المؤتمر الخامس الذي عقد في إبريل 2004. وكان العثماني صاحب جهد بارز في إقناع الإسلاميين بجواز التحول للعمل السياسي فضلا عن جدواه، ولم تزل الحركة تذكر له -عام 1997 عندما كانت تتأهب لخوض أول انتخابات رسمية- كتابه "فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام ابن تيمية" الذي كان له ولمقالاته "الفقه السياسي والفقه الدعوي" تأثير بالغ الأهمية في تأصيل هذا التوجه ودعمه ضد أجنحة أخرى بالحركة كانت رافضة للعمل السياسي الحزبي.
وفي كل هذه الانتقالات والتحولات والتحالفات استطاع العثماني بهدوئه وقدرته على التحكم في انفعالاته أن يبقى صديقا لرفاقه القدامى في الإصلاح والتجديد، وأن يحافظ على علاقات متينة مع القادمين من رابطة المستقبل الإسلامي، وأن يستوعب الحزبيين من خارج الحركتين على رغم الخلافات الحادة بين هذه الأجنحة والتيارات، وقد ظهر ذلك واضحا في فوزه المكتسح بانتخابات الأمانة العامة التي حصل فيها على 1268 صوتا من أصل 1595 في حين لم يحصل رفيقه عبد الإله بن كيران إلا على 255 صوتا فقط، فقد بدا أن الرجل موضع إجماع الفرقاء الإسلاميين، ومحل قبول من فرقاء المشهد السياسي والحزبي الذين اقتنعوا بأصالته في العمل السياسي فلم يروا فيه طارئا على المسرح السياسي ككثير من الإسلاميين الذين ما زالت صورتهم في الحياة الحزبية كأشخاص لحقوا بقطار السياسة في عربته الأخيرة.
أهم ما في سعد الدين – في نظر هؤلاء - وضوح الهدف والغاية وعدم التشتت في الطريق والقدرة على الحسم دونما الركون إلى ترف التأجيل ذلك الذي اعتاده كثيرون من الإسلاميين خاصة حين يغازل التأجيل نزق وجموح الجماهير، والسبب في أن سعدا مسيس بالفطرة ضالع في السياسة وليس هاو كما هو حال البعض، وهو ما ساعده على المساهمة الفعالة في حسم الموقف في أكثر الأمور التباسا في المشهد السياسي المغربي، وكان الحسم في الغالب عبر رؤية إستراتيجية مدروسة وليس رهنا لردود الفعل.
وفي هذا المضمار يُحكى أن عشرات الصحافيين والمراسلين توافدوا على سعد الدين العثماني ليلة الانتخابات التشريعية لعام 2002، فاستقبل كل صحفي على حدة بحفاوة واحترام، وأعطى لكل سائل جواب، وخرج الصحفيون وكل واحد يعتقد أنه حصل على تصريح خاص به وسبق امتاز به عن بقية زملائه، لكي يفاجأ الجميع بتطابق التصريحات التي نشرت في مختلف المنابر الإعلامية كأنها صدرت في وقت واحد، لهذا السبب يصفه بعض رفاقه داخل الحزب بأنه يتقن لغة الخشب حين يحتاج إلى استعمالها، إنه لا يقول إلا ما يريد قوله، واستفزازه ليس مهمة سهلة، كما أنه لا يتخلى عن ابتسامته العريضة حتى عندما يحاور ألد خصومه .
في هذا الوقت أضحى حزب الميزان في اتجاه آخر
ذهب حزب الاستقلال بمعية حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى تشكيل قوة معارضة بديلة، حول مختلف القضايا التي تهم مستقبل المغرب مؤكدين العزم على مواجهة التطرف الديني والمنهج التكفيري والمذاهب الرجعية الدخيلة. وهذه أول خطوة عملية بين الحزبين بعد مغادرة الحكومة. كما تم الإعلان عن تشكيل لجنة تتنسيق مشتركة لوضع برنامج العمل وآليات التنفيذ، من أجل تحقيق تعاون متواصل بين الهياكل الحزبية، على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي والقطاعي، وعلى مستوى التنظيمات الموازية، من شبيبة ونساء.
الحزبان يسعيان إلى تشكيل بديل حقيقي وقوة اقتراحية ، ذات كفاءة وخبرة وتتميز بحس المسؤولية، من أجل تعزيز دورالمؤسسة التشريعية و الدفع بتأهيل الإقتصاد المغربي، وتحقيق التنمية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والمحاربة الفعلية للفساد، والتضامن والتنسيق مع القوى النقابية والاجتماعية والحقوقية، وكدا صيانة وتعزيز المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية، وذلك بالعمل الجاد من أجل تفعيل حداثي ومنفتح لمبادئ الدستور المتعلقة بالمساواة والمناصفة، وحماية فعاليات المجتمع المدني من محاولات التضييق و الهيمنة والوقوف في وجه مشاريع خنق التعددية والتنوع والاختلاف، داخل الإطارات الجمعوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا