الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا قامت الثورة المصرية ؟؟

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2013 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أمام حالة التجاذب الحادة التي ستحدد معالم مستقبل مصر، يقف الفريقان المتخاصمان وجهاً لوجه، كل فريق يرى المشهد من زاويته الخاصة، ويعبّر عنه بطريقة مختلفة. وأمام الحشود الهائلة التي تملأ الميادين يخرج من كل فريق من يتهم الجماهير المخالفة له بالرأي أنها مضللة (هذا في أحسن الأحوال).

جماعة الإخوان وأنصارهم راضون تماما عن أداء مرسي، ولا يرون أنه ارتكب أية أخطاء ذات شأن، ويجدون لكل تقصير تبرير، وهم واثقون من صوابية منهجهم، وأن ما يحتاجونه لإثبات ذلك هو الوقت.

أما المعارضون فلديهم الكثير ليقولونه؛ سواء كانت ملاحظاتهم على شخص الرئيس، أم تحفظاتهم على أيديولوجية الإخوان نفسها؛ فيقولون: إضافة إلى ضعف قدرات مرسي الشخصية، فقد تفاقمت أخطاء الإخوان في الحكم، بدءً من الفشل في استثمار النجاح في الانتخابات، وصولا إلى الإخفاق في احتواء الأزمات المتعاقبة، والتصلب في المواقف الداخلية دون إبداء أي مرونة أو استعداد لتقديم تنازلات، حيث راحوا يتصرفون كما لو أن الأصوات العددية (التي حصلوا عليها بفعل عوامل متعددة لا تخفى على المراقبين) ستوفر لهم الشرعية ليستخدموها في تبرير الخطأ والعجز والفشل، وبدوا كما لو أنهم مبتهجين بالأعداد المليونية التي يحشدونها في الساحات في كل يوم جمعة تحت مسميات مختلفة، معتقدين أن قدراتهم على حشد الجماهير تعفيهم من الإجابة على الأسئلة الصعبة التي تواجه الحكم.

ويبدي المعارضين استغرابهم من ازدواجية المعايير في تعامل الإخوان مع الملفات المختلفة: فمقابل التشدد في التعاطي مع الملفات الداخلية أظهرت الجماعة مرونة غير معتادة إزاء الملفات الخارجية، حيث اهتمت بتوثيق علاقاتها مع البيت الأبيض، وهادنت إسرائيل، وأعلنت التزامها باتفاقية كامب ديفيد، وأعادت السفير المصري إلى تل أبيب، بل أن الرئيس مرسي وجه خطاب مجاملة غير متوقع إلى شمعون بيريز، ومقابل ذلك أبقت على معبر رفح مغلقا وردمت الأنفاق بتشدد لم يمارسه نظام مبارك، لدرجة أن حليفتها حماس شعرت بالخيبة وسيّرت مظاهرات مضادة، وهذه كلها ممارسات ومواقف تتناقض جذريا مع خطابها السابق. ليس ذلك فحسب، فقد وقعت أخطر ما يمكن أن تتعرض له مصر من خطر قومي، حيث قامت أثيوبيا بحجز مياه النيل، ولم يرتقي رد الدولة والإخوان إلى المستوى اللائق والمتوقع إزاء تلك الملفات الخطيرة.

ويضيف المعارضون: على الصعيد الداخلي لم يحسن الإخوان الإدارة وصياغة التحالفات، ولم يتقنوا فن المرونة والاحتواء والمساومة؛ فقد اتسمت سياستهم بالتشدد لأبعد الحدود، خاصة في مجال صياغة وإقرار الدستور أو غيره من الملفات، إضافة إلى ذلك حكموا مصر بحكم المرشد وبما يعتقده المرشد، في نموذج أقرب إلى حكم ولاية الفقيه، وبان مرسي وكأنه موظف لدى المرشد وليس رئيسا، وأنه يتصرف كقائد حزبي أكثر من كونه رئيسا على كل المصريين. وهذا كله بيّن أن الإخوان لا يعرفون شيئا عن الحكم من خلال المؤسسات، والأخطر من ذلك كله ترويج البعض منهم للخرافات، كما في قصة المنام الذي ظهر فيه مرسي يصلي إماماً بالنبي محمد (ص)، وكذلك رؤية جبريل عليه السلام يهبط في ساحة رابعة العدوية، وغيرها من الخزعبلات التي لا تليق بحزب حاكم.

فشل الجماعة في استيعاب المرحلة الجديدة التي خلقتها الثورة، وعدم تقديمها إجابات مناسبة للملفات الخطيرة الداخلية والخارجية، والتفرد بالحكم وتهميش الفئات المجتمعية الأخرى التي صنعت الثورة، ترافق مع أزمات داخلية عديدة أبرزها تراجع الخدمات وأزمات البنزين والكهرباء والخبز والغلاء وتفاقم البطالة وتراجع السياحة والاستثمارات، وهي أزمات كانت موجودة منذ زمن مبارك، لكنها تفاقمت أكثر، بالإضافة إلى صِدام الرئاسة غير المبرر مع القضاء والإعلام والمثقفين، وغير ذلك أدى إلى حالة من التآكل في الدولة المصرية، وزيادة في تراجع مكانة مصر الإقليمية والدولية، لدرجة ارتهان تحسن الاقتصاد المصري بالمساعدات القطرية، وظهور القيادة المصرية بمظهر التابع والمنفذ لسياسات قطر إزاء مجمل القضايا الإقليمية خاصة في القضية الفلسطينية والمسألة السورية، ناهيك عن تدخل قطر السياسي والمالي في الشأن المصري الداخلي، والتسهيلات غير العادية التي منحت للأموال القطرية ومناقصات قناة السويس والتنقيب عن الغاز.

ومن ناحية ثانية فقد أدى تقرب الإخوان من السلفيين إلى الإضرار بصورتهم، وظهورهم وكأنهم ينتمون لثقافة مغايرة لثقافة المجتمع المصري الوسطية والمعتدلة، وهذا التشدد الديني والمظهري والسلوكي وبروز النزعة الطائفية لم يتقبله الشارع المصري بأريحية؛ فقد بدأت تطفو على السطح الخطابات الطائفية المشحونة بالكراهية ضد الأقباط وضد الشيعة، ما جعل المجتمع متخوفا من حرب دينية، ومن نشوب فتنة مذهبية، فضلا عن تخوفه على الحريات الشخصية والسياسية التي ناضل من أجلها. وهذا كله أعطى الذخيرة اللازمة لخصوم النظام لتحريض الجماهير وتذكيرها ببؤسها، وبالتالي زيادة منسوب الغضب الشعبي، وتراجع شعبية الإخوان، بما في ذلك لدى الجماهير التي انتخبت مرسي ولم تلمس النتائج التي كانت تنتظرها.

وتآكل شعبية الإخوان لم يقتصر على الناس العاديين؛ بل شمل أنصارهم وحلفائهم التقليديين؛ فسياسة إمساك العصا من المنتصف جرّت عليهم نتائج عكسية: بالنسبة للقوى المدنية فقد ركزت على تخوفها من قيام دولة دينية ثيوقراطية، ومن "أخونة" مؤسسات الدولة والمجتمع. أما الإسلاميين فقد رفضوا شعارات الديمقراطية واعتبروها نقيضاً لحكم الشريعة، ورأوا أن الجماعة تراجعت عن وعودها بإقامة "الخلافة"، وتراخت في تطبيق الشريعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم