الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 12

حبيب هنا

2013 / 7 / 18
الادب والفن


- 12-
تالا تتابع التلفاز أثناء التقرير الإخباري لأحد مراسلي الفضائية التي تبث أخبارها من عاصمة عربية . كان التقرير موثقاً بالصور ويتحدث عن منزل تم تدميره بالكامل على من فيه من سكان، وفي الصورة اظهر المصور ببراعة يد طفلة تتحرك من بين الركام وبعضاً من ملامح وجهها المغبّر وطرف ابتسامة على شفتيها مرسومة بعفوية .
وبعد انتهاء التقرير علقت تالا على المصور قائلة :
- إن المصور فنان بكل المعايير، استطاع على نحو لم يسبقه أحد من اختطاف لحظة رائعة بخفة وأناقة لا يمكن لأمهر اللصوص سرقتها بهذه السرعة، لعرضه علينا وثيقة تؤكد أن العالم الصامت إزاء جرائم الاحتلال لا يمكن أن يكون متحضراً وهو يشاهد يد الطفلة ووجهها وطرف ابتسامتها دون أن ينزل أقصى العقوبات بالمجرمين القتلة . فضلاً عن أن الصورة على المستوى الفني تشكل عملاً فنياً غاية في الروعة والإبداع والكمال، ويستحق عن جدارة الحصول على جائزة، أو وسام وشارة نصر، باعتبار أنه ضحى بهذه الصورة الثمينة من امتلاكه وحده، لتصبح ملكاً للجميع وفي متناول أيديهم ونظرهم .
وفجأة، تذكرت تالا، زمنان متباعدان التقيا بالصدفة في مدينة غزة المسكونة بالوجع والمخاض الدائم، صورة المبني الذي تم تفجيره فوق رؤوس أصحابه في حرب 2008م وصورة المبنى الذي قصفته طائرة ال ف 16 في 2012م فجعلته في اللحظة كومة ركام فوق رؤوس أصحابه ومن بينهم الطفلة التي حركت يدها في غفلة من الطيار الذي تلقى الأوامر ونفذها بدقة: اقتل كل من في البيت ! .
صورة تؤكد دون مجال للشك أن غزة باتت حقل تجارب للأسلحة المستحدثة. مع ملاحظة، أن التسامح الدولي مع المحتل في الحرب السابقة، شجعه على اقتراف جرام أكثر بشاعة في الحرب ال 2012م.
صورتان تؤكدان أن غزة ما زالت تحيا وتتنفس وتتصدى للقتلة، نفس القتلة رغم تغير الوجوه !
ومع ذلك، لم يكن مطلوب إخضاع غزة بالكامل للمحتل، ولم يكن الهدف قتلها بالمعنى المجازي . كان المطلوب فقط، أن تبتهج وهي تشيع ضحاياها أمام أعين الكاميرات والدول التي تهرع لإعادة أعمارها من جديد حتى يصبح هناك فرص عمل بدلاً من تحمل أعباء البطالة وازدياد نسبة الفقراء وما يترافق معهما من أمراض!
وما يؤكد هذه الحقيقة هو انه لا يوجد أحد يكفر عن خطاياه بهذا القدر من الأموال، وإلا كيف نفسر وجود الملايين من المتسولين بدون مأوى في دول هي أهم من غزة بمئات المرات ولا يكلفون أنفسهم عناء إلقاء نظرة على مستقبلهم البائس . إنه ببساطة المطلوب بقاء غزة تحيا وتتنفس لإجراء التجارب على شيوخها ونسائها وأطفالها وأبنيتها وأشجارها، وكلما احتاج الأمر إلى تأديب الآخرين قبل أن تسول لهم أنفسهم التصدي للمحتل وتحرير المقدسات التي مازال العرب جميعاً يتباكون عليها عند الضرورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في