الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى رهاناً على جون كيري وعلى خيار المفاوضات البائس

عليان عليان

2013 / 7 / 18
القضية الفلسطينية


من تابع الجولة السادسة ، لوزير الخارجية الأمريكية ، جون كيري وتصريحاته ، بعد اللقاء الذي أجراه في عمان ، الأربعاء الماضي مع لجنة المتابعة العربية ، وبحضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يرصد مسألتين هما :
أولاً : أن كيري بات يفاوض لجنة المتابعة العربية - برضا الجانب الفلسطيني- التي باتت تسهل مهمته ، في تطويع الجانب الفلسطيني للعودة للمفاوضات ، وليتخلى عن تمترسه حول مطالبه المحددة وهي مرجعية حدود 1967 ، ووقف الاستيطان.
ثانياً: أن الجانب الفلسطيني بلع اشتراطاته نزولاً عند إملاءات وضغوط لجنة المتابعة العربية ، وعند تهديدات الأمريكان ، بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية .
كيري زعم أنه جسر الهوة ، بشكل كبير بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي ، وأنه بات مشغولاً في قضية الصياغات ، التي تؤسس لاستئناف المفاوضات ، وكأن المسألة التي باتت تعيق انطلاق المفاوضات ، هي مسألة صياغة ببعد بيروقراطي ، وتجاهل حقيقة أن قضايا الخلاف ، التي أوقفت المفاوضات منذ تشرين أول 2010 لم يجر حل أي منها.
ما تسرب عن خطة كيري ، لا يلبي أي من المطالب الفلسطينية الجوهرية فهي:
أولاً: تتحدث عن جدول زمني ، حول قضايا التفاوض كافة من استيطان وقدس ولاجئين وحدود وأمن وأسرى ومياه ، دون إسناد أي منها بمرجعية الشرعية الدولية ، وبالتالي جعلت مرجعية المفاوضات هي المفاوضات نفسها ، أي جعل المرجعية ميزان القوى المختل لصالح (إسرائيل ) ، وجعل المرجعية هي الضغوط الأمريكية والعربية الرسمية على الجانب الفلسطيني ، ليواصل التعري عما تبقى على جسده من ملابس ، تقيه برد التخلي عن الثوابت الوطنية.
ثانياً: أن خطة كيري تهرب - بالتوافق مع أطراف لجنة المتابعة العربية- نحو العموميات ، التي لا تقيد إسرائيل بأي شيء ، مثل المفاوضات تجري على أساس حل الدولتين ، دون الإتيان على حدود هاتين الدولتين أو على مرجعية العودة لحدود 1967 ، أو وقف الاستيطان.
ثالثاُ: ولإنقاذ ماء وجه المفاوض الفلسطيني ، تتحدث الخطة تتحدث عن وعود أمريكية شفوية للجانب الفلسطيني – وليست موثقة أو مكتوبة- بأن لا تمنح الحكومة الإسرائيلية الموافقة على عطاءات جديدة لبناء وحدات استيطانية ، خلال فترة المفاوضات .
رابعاً: والخطة تتحدث ، عن تسهيلات اقتصادية للسلطة الفلسطينية وعن دعم للمشاريع في مناطق السلطة ، وعن دفع (إسرائيل) لأموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة لديها في مواعيدها ، وعن التقليل من عدد الحواجز العسكرية في الضفة الغربية ، وعن الافراج عن 120 أسيراً فلسطينياً ، لا زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية ، منذ مرحلة ما قبل أوسلو .
خامساً : والخطة تدعو إلى تبني (إسرائيل ) للمبادرة العربية للسلام بعد تعديلها من قبل لجنة المتابعة العربية ، والتعديل التفريطي الذي اقترحته لجن المتابعة العربية ، يتمثل في إجراء تبادلية للأراضي ، لحل مشكلة الكتل الاستيطانية الكبرى ، عبر ضمها (لإسرائيل) مقابل تنازل إسرائيل عن مناطق أخرى هامشية ، كمنطقة حالوتسا في النقب وغيرها .
إذا الخطة تتحدث عن نفسها ، وعنوانها الحقيقي العودة للمفاوضات بدون قيد أو شرط ، أي العودة للمفاوضات ، وفقاً للشروط الإسرائيلية ، وحيث تلعب لجنة المتابعة العربية هنا ليس دور المسهل Facilater بل دور المحلل!! وفق عملية تضليلية مكشوفة.
لكن العنجهية الصهيونية ، أبت إلا أن تكشف حقيقة الخطة الأمريكية وتحول دون إنقاذ ماء الوجه العربي الرسمي المهدور ، وأبت أن لا تعطي جون كيري هامشاً شكلياً للحركة ، وقد تبدت هذه العنجهية فيما يلي :
أولاً: إعلان مكتب رئيس وزراء العدو ، بأن الحكومة الإسرائيلية لم تعط أية موافقة لجون كيري، بأن يكون التفاوض على أساس حدود 1967 ما يعني أنها لا تزال على ذات مواقفها ، بخصوص الحدود والمستوطنات والقدس .
ثانياً: التسريبات الإسرائيلية ، عشية وصول كيري إلى عمان بأن (إسرائيل ) أبلغت كيري أنها تقبل ما يلي :
1-التفاوض على أساس الخط الذي رسمه جدار الفصل العنصري وليس على أساس حدود 1967 ، ما يعني سلخ 15 في المائة من مساحة الضفة الغربية ، بما فيها القدس وضمها لإسرائيل.
2-الإفراج عن الأسرى في مرحلة ما قبل أوسلو على دفعات وليس دفعةً واحدة.
3-تجميد الاستيطان في المواقع الاستيطانية الصغيرة ، وليس في الكتل الاستيطانية الكبرى ، خلال فترة المفاوضات.
4- إعطاء دور للأردن ، في ما تبقى من أراضي الضفة الغربية في إطار التقاسم الوظيفي .
باختصار شديد ، فإن خطة كيري رغم التزويقات المختلفة لها تتبنى من حيث الجوهر موقف نتنياهو ، في عدم وقف الاستيطان ، ورفض مرجعية حدود 1967 ، وبشأن حل يرتكز للسلام الاقتصادي عنوانه الأولي: تخفيف القيود الإسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع في الضفة الغربية ، وهو الموقف الذي أعلنه كيري في مؤتمر دافوس البحر الميت في نهاية شهر أيار/ مايو الماضي ، وزعم في حينه أن الجانب الفلسطيني رحب به ، ما دعا أكثر من متحدث باسم منظمة التحرير لتكذيبه ، والإعلان أن السلام الاقتصادي ، ليس بديلاً عن الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس وعن وقف الاستيطان وإلغائه .
ولم يبذل كيري ، منذ استلامه مهام منصبه ، أي جهد حقيقي للضغط على نتنياهو بشأن وقف الاستيطان ، والعودة إلى حدود 1967 كأساس لاستئناف المفاوضات ، ناهيك أنه صمت ، على استقبال حكومة العدو له عشية جولته الخامسة إلى المنطقة ، بهدية استيطانية تقضي ببناء حوالي (1000) وحدة استيطانية ، في مستوطنة جبل أبو غنيم " هارحوما " في القدس الشرقية ما يعني في المحصلة أن الإدارة الأمريكية ، كانت ولا تزال ، جزءاً من المشكلة ، وليس جزءاً من الحل ، وأنها العدو الحقيقي الآخر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني
لقد سهل الجانب الفلسطيني الرسمي ، مهمة كيري ، منذ استلامه لمنصب وزير الخارجية ، في إدارة أوباما الثانية ، من خلال الوعود التي قدمها له بأنه لن يقدم خلال الأشهر اللاحقة ، على تفعيل قبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة ، في مسألة التوقيع على اتفاقية روما ، الخاصة بمحكمة الجنايات الدولية ، من أجل تقديم لائحة دعوى بمجرمي الحرب الإسرائيليين ، وفي مسألة التوقيع على اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة ، حول الأسرى ، والشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.
لكن رغم الصلف ، والرفض الإسرائيلي ، للعودة إلى حدود 1967 ولوقف الاستيطان ، ورغم التسهيلات ، التي قدمها الجانب الفلسطيني لجون كيري ، راح الأخير يتبنى عملياً المطالب الإسرائيلية التي لا تستند إلى أي مسوغ في الشرعية الدولية .
في ضوء ما تقدم ، نقول مجدداً : كفى رهاناً على الإدارة الأمريكية وكفى رهاناً على جون كيري ، وكفى رهاناً على خيار المفاوضات البائس الذي استثمره العدو الصهيوني ، أيما استثمار ، كغطاء سياسي لعمليات التهويد والاستيطان ، ولا بد من مغادرة هذا الخيار ، الذي أثبتت الحياة والتجربة عقمه ، على مدار 26 عاماً ، وسهل مهمة العدو الصهيوني ، لإحداث اختراقات تطبيعية هائلة ، في معظم الدول العربية.
ومغادرة هذا الخيار تقتضي ما يلي :
أولا: إعادة الاعتبار لخيار المقاومة المجرب ، بكل أشكالها – ذلك الخيار الذي أجبر العدو ، على الانسحاب من قطاع غزة ، رغم الإبقاء على حصاره .
ثانياً : ترتيب البيت الوطني الفلسطيني ، وإنجاز المصالحة على قاعدة إستراتيجية المقاومة ، ونبذ خيار المفاوضات .
ثالثاً: تحقيق أقصى استثمار ، لمفاعيل قبول فلسطين دولة " غير عضو " في الأمم المتحدة .
رابعاً: أن يكون الفعل السياسي ، امتداداً جدليا للفعل المقاوم وليس عاملاً كابحاً له .
خامساً: إعادة الاعتبار للعمق الشعبي العربي ، في ضوء الحراك الثوري للجماهير العربية ، وفك الارتهان مع لجنة المتابعة العربية ، التي باتت العديد من أطرافها ، أداة صهيو أمريكية ، لفرض الاملاءات الأمريكية والإسرائيلية على الجانب الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها فرصة عادلة ونادرة في ظروف المنطقة الملتهبة
سيلوس العراقي ( 2013 / 7 / 18 - 17:59 )
السيد عليان المحترم
ان خطة كيري تفتح باب المفاوضات المتوقفة من جديد، عسى أن تكون بداية لاستتباب الامن والسلام للشعبين، لمساعدة الفلسطينيين في اعلان دولتهم المستقلة لتعيش بسلام مع اسرائيل
نتمنى نجاح المساعي الطيبة لكيري

اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #