الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم في مصر وباكستان: ما بين الجيشين من اتفاق، والشعبين من افتراق

عبد العالي الجابري

2013 / 7 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تعد مؤسسة الجيش من أهم مؤسسات الدولة الحديثة، لكنها غالبا ما تكون لا تساهم بشكل مباشر في الحياة السياسية في معظم الأقطار الديمقراطية. على عكس العالم الإسلامي العربي أين يشكل الجيش أهم المؤسسات السياسية... وقد اتضح ذلك خلال أحداث "الربيع العربي" حيث شكل تخلي الجيش عن الرئيس التونسي زين العابدين بنعلي دفعة قوية للثورة، كما كان له دور هام في انتقال السلطةفي اليمن، وكان لفشله أمام قوات الناتو الكلمة الفصل في قتل لقذافي وشيوع الفوضى بليبيا، وأخيرا احتضانه لثورة 25 يناير دفع مبارك لتقديم استقالته من رئاسة مصر.
وعليه لم أستغرب من عزل الجيش لرئيس منتخب ديمقراطيا من طرف الشعب المصري، لأن هذا الجيش حكم ويحكم هناك منذ ما يزيد عن 60 عاما، لقد خرج كل الرؤساء السابقون: عبد الناصر والسادات ومبارك، من الثكنة ، لكنهم استبدلوا البزة العسكرية بلباس مدني وربطة عنق. ونظرا لموقع مصر الجيوبوليتيكي الهام فقد كان للجيش المصري دورا واضحا في العديد من الأحداث السياسية.

لذا مهما تكن التبريرات، فلا يمكن اعتبار عزل الرئيس مرسي إلا انقلابا من طرف الجيش المصري على حكومة مدنية خرجت عن سيطرته. وهو بهذا الإجراء يؤكد انه الحاكم الفعلي، مرجحا كفة السيناريو الأسوأ القريب من الأفغنة وتحوّل مصر إلى دولة فاشلة، أو في أحسن الأحوال التجربة الباكستانية.
الجميع يعلم أن التجربة الباكستانية عرفت سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم تارة بشكل مباشر و تارة أخرى من خلف الستار. وخلافا للأنظمة الديمقراطية الجيش الباكستاني ليس تابعا للحكومة، بل الحكومات المنتخبة في باكستان تقع دائما تحت تأثير الجيش، ويظهر هذا التأثير في تشكيل الحكومة أو في إقالتها.
فكلما حاولت حكومة منتخبة الخروج عن سيطرة المؤسسة العسكرية، إلا وتمت اقالتها واستولى الجيش على الحكم.
ويعتبر تدخل الجيش في السياسة من أهم أسباب ضعف المؤسسات الديمقراطية في باكستان التي لم تشهد استقرارا حقيقيا منذ الانقلاب العسكري في عام 1977 بقيادة الجنرال ضياء الحق ضد رئيس الوزراء المنتخب ذو الفقار علي بوتو الذي أعدم لاحقا. واستمر الحكم العسكري في باكستان حتى اليوم بموازاة ممارسة انتخابية متعثرة.
انطلاقا من التجرية الباكستانية، نستطيع تخمين الوضع في مصر في المستقبل القريب، علما أن لا أحد يجادل بأن الحسم في كل الأمور هو بيد الجيش الذي لا رقابة عليه.
لاحظنا دور الجيش المصري في تشكيل الحكومة المدنية المؤقتة، ونتوقع أن يكون تأثيره واضحا في تشكيل الحكومة التالية بعد الانتخابات. وبالطبع لن يكون من السهل على الحكومة القيام بمهامها في ظل سلطة المؤسسة العسكرية، وارتكاب الأخطاء قد يؤدي إلى إقالتها، كما حصل لحكومة مرسي إثر وقوع الإخوان في خطئ فادح عند محاولتهم الاستيلاء على مفاصل الدولة.
وستجد الحكومة القادمة نفسها في موقف لن تحسن عليه، إذ سيكون من الصعب عليها أن تتصف بالكفاءة والجدارة والحزم لترضي الشعب، وباللين والمرونة لإرضاء الجيش...!!! علما أن الصفة الأخيرة هي التي ستكون الأكثر أهمية في الفترة المقبل/الراهنة ليستطيع الجيش بسط سيطرته التامة على البلد، ومنع تطور الأحداث إلى حرب أهلية تبدو بوادرها واضحة للعيان.
المشكلات الأمنية التي يتصدى لها الجيش المصري اليوم نفسها عانت منها باكستان، فالوضع الأمني غير المستقر في مصر سببه عدم ترك الجيش حكومة منتخبة ديمقراطيا تكمل فترة ولايتها، في نفس الوقت علي الجيش تعقد الرهانات لإعادة الاستقرار إلى البلد.
أوجه التشابه كثيرة بين الحالتين الباكستانية والمصرية يؤكده دور الجيشين المصري والباكستاني في الحياة السياسية، مما يجعل المقارنة مشروعة...
فهل من أوجه اختلاف لتجنب الأسوأ؟
هنا نسجل ما يلي:
الاختلاف الأول يكمن في كون ثورة 25 يناير المصرية لم تكن انقلابا، بل ثورة قام بها الشعب.
الاختلاف الثاني يحدده الاختلاف الجذري بين الشعبين، فتنظيم الشعب المصري ونشاطه في إطار المجتمع المدني، وقدرته على تنظيم احتجاجات تخرج عشرات الملايين إلى الشوارع ولفترة طويلة نسبيا، تنبئ بأنه شعب يعرف قيمة صوته ويعرف كيف يحقق مطالبه.
كل هذه الأمور قد تصعب مهمة السلطة العسكرية في مصر، كما قد تجعل تدخل الجيش في الحياة السياسية أكثر مرارة في حال تغاضيه على تلبية المطالب الشعبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي