الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين الواقعيين واللبيراليين .

جلال خشيب

2013 / 7 / 18
السياسة والعلاقات الدولية


الفرق بين الواقعيين واللبيراليين .
البروفيسور ستيفن والت *
11/07/2013 .
ترجمة : جلال خشيب **
18/07/2013 .

نميل إلى الإعتقاد بأنّ الباحثين يعتنقون توجهات نظرية بعينها لأنّهم ببساطة يخلصون إلى الإعتقاد أنّ بعض النظريات تحمل برهانا إمبريقيا أفضل ممّا تحتويه غيرها من النظريات ، لكن وإذا كنّا صادقين ، فإنّه يجب علينا الإقرار بأنّ جميع النظريات الإجتماعية تقريبا ليست ذات قوة بشكل خاص ، وأنّ الدليل أو البيّنة والبرهان المتاح لتقييمها عادة ما يكون إمّا غامضا أو مختلطا . إذا كان هذا هو الحال فإنّه من المحتمل أن تلعب العوامل الأخرى دورا في تحديد أيّ النظريات تلك التّي نؤمن بها .
هل من الممكن على نحو خاص أن تنعكس الإنتماءات النظرية على الأقل في جزء من السمات والخصائص الشخصية الأساسية للفرد أو وجهة نظره العالمية ؟ إنّه وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار أكثر الباحثين الواقعيين شهرة وبروزا فسنرى أنّهم كانوا جميعا مفكرين إنعزاليين ، بمعنى أنّ الأغلبية الساحقة من أبحاثهم كانت أبحاثا معّدة بشكل منفرد ، يمّر بذهني هنا عدّة باحثين على غرار : إدوارد هاليت كار ، هانز مورغانثو ، كينيث والتز ، روبرت جيلبين ، جون ميرشايمر ، ستيفن كراسنر ( وأنا أيضا ) ، قد يضيف أحدهم جورج كينان أو هينري كيسنجر إلى هذه اللائحة ، فكلاهما يعّد –بتفكيره- واقعيا بشكل طبيعي ، في الواقع تبدو كل أعمالهم المنشورة ذات خطّ واحد . وبالرغم من أنّ بعض هؤلاء الباحثين كتبوا بين الفينة والأخرى مع غيرهم من الباحثين مقدمين بشكل مهم منتوجات جماعية متنوعة ، فإنّهم غالبا ما كانوا يعملون بمفردهم . ( يعّد عملي المشترك مع جون ميرشايمر عن اللوبي الإسرائيلي إستثناءا لا يُبطل القاعدة ، إنّه ليس عملا يتعلق بنظرية العلاقات الدولية ، والعمل المشترك كان ضروريا حينها لتحمّل عاصفة السب والقدح التّي كنّا نعلم أنّنا سنتعرض لها ) . بإختصار يعرض الواقعيين للمشاريع الأكاديمية بإعتبارها نظاما من "العون الذاتي" « Help-self » بينما يشتغل كل باحث أو باحثة بكّد على مشروعه أو مشروعها الخاص ، وأين تكون المكانة العلمية غالبا كنتيجة للإنجازات الفردية ، أنتم تعرفون : هذا نمط من طريقة تفكير الواقعيين بخصوص السياسة الدولية .
على النقيض من ذلك ، فإنّ كثيرا من الباحثين اللبيراليين البارزين نجدهم متعاونين بحماسة ، على غرار روبرت كيوهان الذّي بلغ الشهرة عبر عمله المشترك مع جوزيف ناي ، لكن كان له لاحقا كتب أو مقالات مشتركة التأليف مع مجموعة واسعة من الباحثين الآخرين . نفس الأمر ينطبق على جوزيف ناي : بالرغم من أنّه كتب عددا من الكتب بمفرده إلاّ أنّه تعاون أيضا مع كيوهان وعدد آخر من الباحثين طيلة مسيرته غزيرة الإنتاج . ديتو بروس روسيت ، مايكال دويل ، مارثا فينمور ، جون إكينبري ، ريتشارد روزكرانس ، توماس رايس وكاثرين سيكينك ، كل من هؤلاء كان له عمل منفرد إلاّ أنّ سيرهم الذاتية مليئة أيضا بالمنشورات المشتركة والمشاريع التعاونية مع باحثين آخرين .
بإمكاني أن أسجّل بعضا من الإستثناءات في هذا النسق . لكن من اللافت للنظر كيف أنّ عددا قليلا من الواقعيين يعتبرون متعاونين بغزارة ، وكيف أنّ قلّة من باحثي العلاقات الدولية الليبراليين عبارة عن ذئاب وحيدة متناسقة .
دعوني أؤكد أنّي لا ألمّح لطريقة واحدة تجعل من طرف أسمى من الآخر . قضيتي و تسائلي بدلا من ذلك يدور حول ما إذا كانت هناك صلة بين الإنتماءات العلمية للمرء و بين شخصيته أو جهة نظره و"فلسفة حياته" . إنّ الباحثين الذين يشدّدون التأكيد على الإعتماد المتبادل والمؤسسات في منشوراتهم يبدو من المحتمل أيضا أنّهم يتّجهون أكثر إلى العمل بطرق ترابطية ، بينما أولئك الذين يميلون إلى التأكيد على الفوضى « Anarchy » ، اللا أمن و مقاربة التنافس فإنّ أعمالهم العلمية الخاصة تقترب أكثر شيئ إلى صيغ ومصطلحات المحصلّة الصفرية والحذر من تشابك الأحلاف .
لا أشير أيضا إلى أنّ الشخصية هنا هي الأمر الوحيد –أو حتّى كونها العامل الأساسي- الذّي يُشكّل الميولات النظرية لأحدهم ، إعتقادنا بطريقة سير العالم وعمله ، والذّي يتشكل بدوره من خلال تجاربنا الحياتية ، من خلال أولئك الذين حدث وأن إلتقينا بهم في الكلية أو المدرسة العليا ، من خلال أحداث العالم الحقيقي ، وحتّى من خلال الحوافز النفعية البحتة كتوافر وإتاحة تمويل الأبحاث العلمية . أجل : يلعب الدليل والبرهان –الإمبريقي- دورا مهما ، في الحقيقة بإمكانه أن يدفعنا في بعض الاحيان إلى إعادة التفكير حتّى في أكثر إفتراضاتنا النظرية تأصّلا وأصالة .
أخيرا فإنّي لم أحاجج بأنّ الباحثين الذي يعملون على التقليد اللبيرالي هم أقل طموحا ، أو أقل تصميما و منافسة من نُظرائهم الواقعيين . فعندما نأتي لنتكلم عن المكانة المهنية ، المركز و السيرة المهنية ..إلخ ، فسيبدو كل واحد هنا حسّاسا تجاه المكاسب النسبية .

المصدر : مجلة السياسة الخارجية ، 11/07/2013 .

* البروفيسور ستيفن والت منظّر أمريكي واقعي جديد ، أستاذ العلاقات الدولية بمدرسة جون كيندي الحكومية التابعة لجامعة هارفرد الأمريكية ، و مؤلف العديد من الكتب الأكاديمية والسياسية الدولية أكثرها ذيوعا كتابه المشترك مع البروفيسور جون ميرشايمر عن اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية ، يكتب بشكل منتظم على مجلة السياسة الخارجية المرموقة .

** جلال خشيب مهتم بالدراسات الدولية والإستراتيجية ، التنظير في العلاقات الدولية ، الجيوبوليتيكا والفلسفة السياسية ، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة منتوري قسنطينة / الجزائر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية