الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تغيير مواقف الحكيم والصدر السياسية من المالكي تكتيكية أم إستراتيجية؟

غازي الجبوري

2013 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لقد أشرت التحالفات السياسية في إدارات المحافظات العراقية بعد انتحابات مجالس المحافظات التي جرت في العشرين من نيسان الماضي تحولاً واضحاً في موقفي عمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري تجاه المالكي زعيم حزب الدعوة الإسلامي وائتلاف دولة القانون المتحالف معهما ضمن التحالف الوطني.
كما أشارت تصريحات بعض السياسيين من التيار الصدري لبعض وسائل الإعلام إلى نيتهم التحالف مع ابرز قياديي القائمة العراقية السابقة إياد علاوي زعيم كتلة الوفاق الوطني وأسامة النجيفي زعيم كتلة عراقيون وائتلاف متحدون.
ويعزو المصرحون السبب إلى استئثار المالكي بالحكم وعدم السماح لأي من الكتل الأخرى في مشاركته باتخاذ القرار السياسي لا من قبل شركاءه في العملية السياسية القائمة العراقية والتحالف الكردستاني الذين وقع معهم اتفاق اربيل الذي لم ينفذ منه سوى الجزء الذي يوصله إلى رئاسة مجلس الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة ، ولا من قبل مكونات التحالف الوطني وفي مقدمتهم التيار الصدري والمجلس الأعلى ولم يسمح لهم بالحصول على حصصهم من المناصب الأمنية ووكلاء الوزارات والسفراء وقيادات الجيش كما تنص عليه التحالفات والاتفاقات ومن ابرز هؤلاء النواب بهاء الاعرجي وجواد الشهلاني وباقر جبر صولاغ ومها الدوري.
وشهدت الفترة الماضية منذ تشكيل الحكومة ولحد الآن خلافات حادة بين المالكي وبين شركائه في الحكومة والتحالف الوطني لهذه الأسباب ، وبسبب استمرار تدهور الأوضاع الأمنية التي حصدت أروح مئات الألوف من العراقيين الأبرياء دون أن تستطع القيادة العامة للقوات المسلحة تحقيق أي تقدم في هذا المجال فضلا على الفساد غير المسبوق في العالم الذي تتهم معظم الكتل المالكي والموالين له في الدولة بممارسته لوحدهم دون أن يتخذ أي إجراء جدي لمحاسبتهم بل على العكس من ذلك فانه يوفر لهم أقصى درجات الحماية القضائية كما يذكرون من خلال مختلف وسائل الإعلام سيما برنامج (الساعة التاسعة) الذي تقدمه قناة البغدادية والذي يبدو وكأنه من إعداد وإخراج التيار الصدري بالدرجة الأولى والمجلس الأعلى بالدرجة الثانية ، ناهيك عن اتهامهم له بالانتهاك الصارخ للدستور من خلال ممارسة الترهيب والترغيب لمنتسبي الهيئات المستقلة سيما القضاء لإجبارها على إصدار القرارات التي تخدم مصالحه وقيامه بمصادرة صلاحيات مجلس النواب من خلال إصدار أوامر عزل وتعيين ونقل قيادات هذه الهيئات وتعيين وزراء أمنيين بالوكالة وعزل آخرين وتعيين قادة الفرق وقادة الأجهزة الأمنية والدرجات الخاصة بالوكالة أيضاً ، في الوقت الذي لايحق لهم وفق الدستور ممارسة أعمالهم لحظة واحدة قبل تصويت مجلس النواب على توليهم تلك المناصب وهذا يعني إن كل ما اتخذوه من قرارات ومن أوامر وإجراءات غير دستوري وغير قانوني وفق القاعدة التي تقول (ما بني على باطل فهو باطل) مما يعدونه انقلاباً عسكرياً على الديمقراطية والدستور وآخرها الانتهاكات التي يتهمونه بها العراقية باعتقال أبرياء من جماهير القائمة العراقية بتهم ملفقة ولفترات طويلة وتعذيبهم بقسوة ووحشية حتى الموت واغتصابهم بما في ذلك النساء وآخرها مجزرة معتصمي الحويجة التي ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء العزل بينهم عدد من الأطفال.
وجاءت حادثة الاعتداء العلني الذي وقع بكل قسوة ووحشية من قبل قوات (سوات) الخاصة بالمالكي على مواطن بريء هو مدرب نادي كربلاء العراقي الأصل الهولندي الجنسية المرحوم محمد عباس لتؤكد الاتهامات ضده بشكل صارخ ولا لبس فيه ،كما كان وصف احد المواطنين من المتظاهرين في إحدى المحافظات الجنوبية احتجاجاً على تردي واقع الكهرباء على شاشة قناة البغدادية والذي زار وزير الكهرباء مؤخراً حاملا ً(فانوس ومهفه) ومرتدياً كفنه نائب رئيس الوزراء الشهرستاني بـ(الشمر الثاني) لكونه المسئول عن ملف الكهرباء ومن المقربين من المالكي ، و(الشمر) هو أسوء مجرم في التاريخ في نظر المسلمين لأنه هو هو الذي ارتكب جريمة قتل الإمام الحسين بن أمير المؤمنين علي اللهم صل وبارك عليهما وآلهما ومثَّل بجثته مما يعكس مدى استياء المواطنين من الحكومة.
إن هذه الخلافات والصراعات لم يعد تداولها سرا بل أصبح تداولها ليس على ألسنة قياديي تلك الكتل فحسب وإنما على ألسنة المواطنين دون أن يرد المالكي بما يفند تلك الاتهامات أو يتخذ أي إجراء لتصحيح هذه السياسة.
وهذه تعد ضربة كبيرة توجه لمكونهم الديني الذي يراد إثبات عدم قدرته على الحكم بشفافية وعدالة تعكس أوامر الله تعالى ونواهيه وأخلاق المنتمين لدينه من رجال دين وسياسيين لكي لا يحكم مستقبلا لا في العراق ولا في أي بلد آخر أسوة بالتوجه العام في العالم الإسلامي في إظهار الحكم الإسلامي بأنه ظالم وعاجز عن توفير مقومات الحياة الكريمة والسعيدة للمواطن وكما يحصل في العديد من الدول الإسلامية التي تحكمها أحزاب دينية كإيران وتركيا ومصر وتونس وليبيا وسينسحب الأمر حتما إلى دول مستقرة أخرى قد تكون السعودية إحداها ونعتقد إن الصهاينة هم الذين يقفون وراء هذا المخطط .
ولكن وبرغم كل ذلك فان تفكك التحالف الوطني القائم على أساس ديني لا يمكن حصوله بالسهولة التي نتصورها فرجال الدين الذين يحضون بقوة تأثير غير محدودة على القيادات السياسية والناخبين سيواجهونه بكل ما أوتوا من قوة للحفاظ على تماسك التحالف السياسي الديني وإبقاء السلطة التنفيذية التي تعد أهم السلطات في العراق بأيديهم ، مما يجعلنا نعتقد إن ما يصرح به قياديوا المجلس الأعلى والتيار الصدري لايعدو كونه إحدى وسائل الضغط القصوى على المالكي لتغيير سياساته تجاههم وليس تغيير استراتيجي في سياسة هذين الكتلتين بسبب الارتباط العقائدي لجميع مكونات التحالف الوطني لجهة دينية واحدة.
وفي كل الأحوال ستبين لنا الأيام القادمة لحين إجراء انتخابات مجلس النواب بعض التطورات التي تؤكد لنا صحة رؤيتنا من عدمه سيما إن المالكي يقرا بالتأكيد هذه التحولات في المشهد السياسي ولن يجلس مكتوف الأيدي إزائها وقد يجري بعض التغييرات على سياساته بالقدر الذي يجعل الحكيم والصدر يعيدان النظر بمواقفهما تجاهه أو قد يستمر على سياساته الحالية المنتقدة من معظم الكتل السياسية فتكون فرصته القادمة في تولي رئاسة مجلس الوزراء ضعيفة جدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها