الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغرب فدرالي: مدخل أساسي نحو الديموقراطية ( الجزء الأول )

محمد ميمون عتوتي

2013 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


يوما بعد يوم و منذ معاهدة إكس ليبان في 2 نونبر1955 يستمر نموذج الحكم المركزي اليعقوبي بالمغرب المستوحى و المستورد من فرنسا في إثبات فشله الذريع على جميع المستويات, السياسية منها و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية.
لقد عاش المغاربة ما يزيد عن 58 عاما و هم ينشدون و ينتظورون الديموقراطية و التنمية و الحرية التي وعدو بها من قبل أقطاب أوفاق معاهدة إكس ليبان ( الملكية. الحركة الوطنية الأعيان ). فإذا بهم ( المغاربة ) ينالون نظام سياسيا إستبداديا بوجهين أحدهما تقليداني تيوقراطي قائم على شرعية الدين و النسب و الشريف عماده البيعة و الولاء و الخضوع. و ثانيهما وجه عصري يعتمد على مؤسسات حديثة من برلمان و حكومة و دستور و قوانين وضعية . لكن بصيغة شكلية بحيث يبقى للحاكم بأمر الله في الأرض و سبط الرسول الأمين الكلمة العليا في تدبير شؤون البلاد و العباد .و هكذا ترنح المغاربة و بمقتضى نظامهم السياسي المركزي الفريد من نوعيه في العالم بين مواطنين حينا و رعايا أحيانا كثيرة.
لقد حصل المغاربة بعد صراع مرير مع الإستعمار الفرنسي قدمو من خلاله مئات الآلاف من الشهداء بقيادة المقاومة المسلحة و جيش التحرير على نظام سياسي جعل من العاصمة و المشور السعيد مركزا للسلطة و الثروة. و من العروبة و الإسلام مرجعيته الحضارية و الثقافية في مقابل إقصاء تام و كلي للهامش. بكل تمظهراته السياسية و التاريخية.
إن إطلالة و لو قصيرة على التجارب المقارنة بخصوص أشكال الدول بالعالم و أنماط الحكم و التدبير فيها يحيلنا بما لا مجال للشك فيه على حتمية أن الدول القوية في عالمنا هي دول فدرالية. بل إن الدول التي كانت في مستوى متقارب مع المغرب قبل 58 سنة مثل الأرجنتين و و إسبانيا تقدمت نحو الديموقراطية و التنمية بمجرد إعتمادها النظام الفدرالي عبر تعاقد سياسي واضح بين المركز و الإقليم . و أن الإختلاف بينها يندرج في إطار تعدد نماذج الفدراليات كل حسب سياقه التاريخي و تطوره السياسي.
إن النظام الفدرالي نقيض للنظام المركزي بحيث تتخلى من خلاله الدولة المركزية عن مجموعة من الصلاحيات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و القضائية و الثقافية لصالح الأطراف أو الأقاليم . بحيث يساهم هذا التوزيع بين المركز و الهامش في تذويب الفوارق و تقليص الإختلالات كما يمكن المواطنين بالتساوي من تقرير مصيرهم على كل المستويات و الإستفادة من ثرواتهم بشكل ناجع والإنخراط الفعال في بناء دولة المواطنة و الديموقراطية و التضامن. هذا ما لم تستطع التجربة المغربية من ملامسته رغم كل المبادرات المحتشمة في هذا الإتجاه منذ صدورالميثاق الجماعي في 23 يونيو 1960 مرورا بظهير12 دجنبر 1963 و الرتوشات اللتي أحدثت بمقتضى تعديلات 1976 و 1992 و1996 , 2002 على الميثاق الجماعي .هذه الترسانة القانونية جعلت من الجماعات المحلية مجرد ملحقات إدارية لوزارة الداخلية مهمتها تسجيل المواليد بكنانيشها و تزفيت الطرق و معالجة مشاكل المواطنين مع الماء و الكهرباء و قنوات الصرف الصحي. تحت وصاية العمال و الولاة المعينون من قبل المركز. و ابتعدت كثيرا عن ملامسة طموحات المواطنين وتوقهم لإنخراط فعلي و حقيقي في تدبير شؤونهم على مختلف الأصعدة و كانت صناديق الإنتخابات الزجاجية و العجيبة. المرتبة في دهاليز وزارة الداخلية الوسيلة الوحيدة لتبرير أن المغاربة يقررون مصيرهم السياسي محليا و وطنيا.
لقد حاول النظام السياسي المغربي كما التشكيلات السياسية اللتي تدور في فلكه و عبر عدة وسائط منها اللإعلام الرسمي و الحزبي و ( المستقل ) و منظمات المجتمع المدني الموازي الترويج لأن مشروع الجهوية الموسعة اللذي شكلت من أجله لجنة إستشارية برئاسة السيد عمر عزيمان خادم القصر الأمين هي السبيل الوحيد لحل مشكلة المركز مع الهامش فبدأت المشاورات و اللقاءات مع عديد من الفاعلين السياسيين و المدنيين و الإقتصاديين و الإجتماعيين و الثقافيين ليكتشف المغاربة أن معظم هؤلاء الفاعلين لا يمتلكون أية رؤية بخصوص ماهية العلاقة بين المركز و الهامش خصوصا الأحزاب السياسية اللتي إلى حدود يومنا هذا لا تمتلك و لو مقاربة أو حتى أفكار في هذا الإتجاه مع استثاء حزب الأصالة و المعاصرة. بحكم ظروف نشأته و تنفذه داخل هياكل الدولة و قربه لمراكز القرار و انتماء أغلب مؤسسيه للهامش ( الريف. الصحراء ). فالقوانين الأساسية للأحزاب المغربية دليل واضح على هذا الضعف كما أنه من الصعوبة بمكان على النخب الحزبية المغربية استيعاب ثقافة الشراكة بين الدولة و أقاليمها لإنها تربت على ثقافة أن السياسة لا يمكن أن تمارس إلا في المركز قريبا من المشور السعيد و أن الأقاليم و سكانها قاصرون عن ممارسة السياسة. لذالك نجد مع الاسف أن طرح مواضيع من قبيل الفدرالية. الحكم الذاتي للنقاش العام يثير حساسية زائدة لدى النخب السياسية.
إن طرح مشروع الجهوية الموسعة مرده فشل النموذج التنموي المغربي بعد 58 سنة على تاسيس الدولة الحديثة حيث يوجد المغرب في مراتب متأخرة جدا على سلم المنظمات الدولية المعنية بمؤشرات التنمية .(الفقر. الصحة. التعليم...) مثلما يصنف في المراتب المتقدمة جدا في سلم مؤشرات الفساد و الرشوة و....لكن هل مشروع الجهوية الموسعة كما تم الترويج له يحمل في طياته آمال المغاربة في التنمية و الديموقراطية؟ سؤال سنحاول الإجابة عليه ف الجزء الثاني من المقالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي باشتباكات في جباليا | #


.. خيارات أميركا بعد حرب غزة.. قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ




.. محاكمة ترامب تدخل مرحلةً جديدة.. هل تؤثر هذه المحاكمة على حم


.. إسرائيل تدرس مقترحا أميركيا بنقل السلطة في غزة من حماس |#غر




.. لحظة قصف إسرائيلي استهدف مخيم جنين