الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سورية لمصر، حبل الوريد

علاء الدين الخطيب

2013 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هل هي مصادفات التاريخ أم مشيئة الأقدار. منذ 10000 سنة وكل دولة أو امبراطورية تنشأ أو تحط في مصر تكون سورية عبر فلسطين هدفها الأقرب، وكذا من سورية لمصر وعبر فلسطين. شاء المصريون والسوريون والفلسطينيون أم أبوا، أقالوها عروبة أو فرعونية أو فينقية أو اسلامية او مسيحية، لم تمتزج دماء شعوب مثل امتزاج الدم السوري بالفلسطيني بالمصري وليست 6 أكتوبر ببعيدة، مزّاجة الدم التي تُسكِت من يريدها اسلامي ومسيحي او سوري وفلسطيني ومصري، هذا هو النيل للفرات قدرهم أن يستمروا بالتدفق لأجل هذه البحيرة السماوية على عضد وذراع الأبيض المتوسط.
ما هي المشكلة الآن؟ لماذا أجد نفسي وكثيرين مضطرين أن نكرر البديهي من التاريخ والحقيقي المتجذر بين جناحيّ أرض الأنبياء وقلبها. ربما هي الصدمة الأكبر لشعوب هذه المنطقة والأولى التي تكشف لهم قوة سلاح "الإعلام". سلاح لم يعطوه أهمية سابقا ليجدوا بالقرن 21 أنه أمضى السيوف في تمزيق قلوبهم وأنجع البلاسم في مداوة جراحهم. الفرق بين الخنجر والبلسم في هذا العملاق هو من يدفع ومن يوجه. وللأسف نقرر أن الإعلام العربي الكبير ونقصد كبريات الأقنية التلفزيونية وكبريات الصحف العربية وكثير من الأقلام والأسماء سار بقدرة قادر نعلم من هو في عكس تيار أحلام هذا الشعوب التي تستحق الحياة. ولهذا كانت ثورات الشعوب مولودة في الفيس بوك والانترنت لانها أداة الناس الحقيقيين الذين تشبعوا بنهر الدم الأزلي لهذه الأرض وليس أصواتا وأقلاما باعت واشترت. نجد بعض الاستثناءات في هذا الفضاء الإعلامي العربي لكنها للأسف أضعف من ان تصل للشارع.
مهما اختلفنا على ما حدث في مصر في 30 يونيه أكان ثورة أم انقلابا، إلا أنه حدث ووراؤه ملايين أرادته. وأمامه ملايين رفضته. ولست هنا لأقول ملايين هنا أكثر من هناك. فليس هذا هو الأهم الآن. ليس لأني سوري وخائف على السوريين فقط، بل لأني مصري أخاف على المصريين أكثر. فبدون أي تاريخ وكتب إن موسيقى السنباطي والقصبجي وسيد درويش أجبرتني أن أعشق مصر، وكتب طه حسين والعقاد والمنفلوطي والحكيم زرعت أهرامات مصر بدمي.
ولا بد أيضا أن نقرر أن إعلام حكم الإخوان لم يكن بواقعه أفضل حالا من إعلام الاسابيع الأولى للعهد الجديد. فتحريضهم كان يرتدي جبة أخرى اسمها الإسلام ويطلق التكفيرات والتفسيقات شمالا ويمينا دون حساب. والمتوقع كان أن يرتد عليه الإعلام بعد 30 يونيه في مرحلة أولى ليشبع غلّ البعض. لكن أن يتم إدخال اسم "السوريين" و"الفلسطينيين" بهذه الصورة في الحالة المصرية فهو لا شك ليس صدفة ولا مزاجيات مراهقين إعلاميين وجدوا أنفسهم أمام الكاميرات بالصدفة. ولا نقول هذا من باب "المؤامرة" التي يسخر منها البعض. لكن الواقع والتاريخ يقول أن مصر قرار استراتيجي عالي الاهمية لكل دول الاقليم وللمحيط الدولي، ومن الطبيعي أن يتساقط على مصر كل دهاة السياسة في العالم لجر مصر لما به مصلحة حاكمهم أو انتقام امبراطورهم. هذا الدفع الغريب الذي لا يمكن أن يكون صدفة وراءه أموال ومصالح حكام في الإقليم والعالم، فلا يمكن أن تخاطر محطة مصرية بسمعتها في الانحدار للتحريض على السوريين والفلسطينيين وهم على يقين من محبة الشعب المصري للغريب فكيف بأهله السوريين والفلسطينيين.
بنفس الوقت فإن تحرك بضع عشرات أو مئات من السوريين في مصر للانحياز لمؤيدي الرئيس السابق مرسي وبحركات إعلامية أقل ما يقال فيها أنها "بايخة" فلا سورية معافاة لتغيّر او تساهم بتغيير في مصر ولا مصر بشعبها بحاجة لبضعة عشرات من السوريين ليقلبوا الميزان. هؤلاء الشباب لم يتحركوا وفق المزاجيات الشخصية والغضب، هذا نعلمه كسوريين جيدا. هناك من حرك ودفع وجيّش. وكذلك فليس إخوان مصر بقلة تحتاج لبضعة مئات من حماس أو بيانات من قاداتها، فما صدر من بيانات إن هو مساهمة في التجييش وخلق الجو الإعلامي المكهرب.
إذا هناك حرب واضحة في مصر بين معسكرين يريد كلاهما تشكيل مصر على مصالحه. وبضخامة البلد المصري وعزوف الإنسان المصري عن السلاح. وحسم الجيش المصري بأنه لم ولن يتحرك ليصبح ضد الشعب المصري (بغض النظر عن موقف السيد السيسي، فالجيش المصري من ايام عبد الناصر لم يقف بوجه الشعب في الشارع). ولإن كبت هذا الغليان الشعبي الصعب التحكم به حتى مع إعلام الجزيرة والعربية الجبار وقنوات المموّلين عربا ومصريين وغربيين وحتى ايرانيين، يبدو أن الوسيلة الوحيدة هي تقديم كبش فداء بكل معنى الكلمة أي مع بعض مئات من الدماء، التي ستعيد المصري للهدوء والقبول ويبقى الصراع بقمة الهرم بمعزل عن الشارع. نعم لقد سال دم غزير غالي جدا في مصر من سنتين وللآن، لكنه كان مضبوطا بالتوزيع والزمان فلم يصل لحجم يقارن بسورية أو فلسطين أو العراق. ولو تمكنوا من اختلاق ما يشبه هذا الألم فإن المصري سيضطر للهدوء كي لا يرى بلده يسير بما سار به شقيقه السوري والعراقي. وقد وقع الاختيار على السوريين والفلسطينيين الذين منحهم الشعب المصري حق القول "نحنا من أهل البيت".
وهنا لا بد من التوضيح أن هذا التحارب على مصر المقصود منه هنا لا يعني الطعن باشخاص سواء كانوا يحكمون بمصر الآن أو حكموا بالسنة الماضية، فما علمتنا إياه مأساة سورية أن اللعبة القذرة أكبر من أشخاص ومناصب.
هل هذا رجم بالغيب ومبالغات بالكوابيس؟ لنرجع فقط 3 سنين للوراء ونحلل. هل ما جرى كان يدور بخلد اي منّا حتى شباب الثورة المصرية في 2011 لم يتوقعوا المليون مصري معهم في التحرير. ولكننا أيضا لم نتوقع أن يقتل في سورية فوق المئة الف شهيد بما لا يشبه أي حدث بتاريخ سورية كله من 10000 سنة للآن. أحلام هذه الشعوب هي خطر ماحق على السوق العالمي وكل شيء بهذا السوق مباح وحلال. أتمنى أن أكون مخطئا في تحليلي، وأصلي باسم المسيح ومحمد أن يثبت خطأ كلامي. لكن ما يجري يقول أن الطرفين يسيران نحو تقديم كبش فداء عظيم لحسم الأمر بينهما.
أريد هنا وبرجاء السوري الفلسطيني المصري المتعمد في طبريا والمتوضأ بالنيل والشارب من بردى أن تتعالى أصوات الشباب والشابات المصريات من خلف دكاكين الإعلام العملاقة كما فعلوا بثورة مصر 2011 وكما فعلوا في 30 يونيه مؤيدين او معارضين كانوا من الأخوان أو من الليبراليين أو فقط مصريين. أتمنى عليهم ألا يستهينوا بما يسوقّه طرفي الإعلام سواء ضد مرسي أو مع مرسي لإشعال مصر بما لم يحدث في كل تاريخها منذ 10000 سنة وللآن. مصر وسورية وفلسطين تحتاج لعقولنا وصوتنا الواعي قبل قلوبنا وصيحاتنا الغاضبة. لنعلنها مدوية "من مصر لسورية لفلسطين، ومن فلسطين لسورية مصر، ألم واحد وشعب واحد وحبل الوريد لن ينقطع". فمن أغلق فضائية كانت تدعو لتكفير وقتل معارض مرسي يجب ألا يسكت على فضائية أو إعلامي يحرض على السوري والفلسطيني لأنه بالنتيجة يدعو لقتل المصري. أنقذوا مصر ليمكن لسورية أن تنجو ولفلسطين أن تبتسم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد إقراره بالذنب.. القضاء الأمريكي يطلق سراح جوليان أسانج و


.. طفلان فلسطينيان يخرجان من بين نيران مدرسة قصفت من قبل الاحتل




.. غانتس: حماس فكرة لا يمكن تدميرها ولكن بإمكاننا القضاء على قد


.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل




.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف