الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبننة - التيار العوني ... لمصلحة الجميع -

إبراهيم إستنبولي

2005 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كدت أقول " عوننة " لبنان ... ما دفعني إلى هذا القول هو ما يجري في العراق من جدل و محاصصة و توزيع للمناصب الوزارية ، و حيث لم نعد نسمع سوى مفردات طائفية و مذهبية .. و ما انتهت إليه تشكيلة الحكومة العراقية من تقاسم على أساس دون وطني لا يليق بأية نخب ثقافية تعلن رغبتها ببناء عراق ديموقراطي على أسس حضارية .. ثم جاءت كلمة رئيس مجلس الأمة العراقي أثناء أداء الحكومة العراقية القسم حيث توجه فيها إلى : فخامة رئيس الجمهوري .. إلى دولة رئيس الحكومة العراقية و دولة نائبي رئيس الحكومة العراقية .. و هلم جرا .. فظننت أنني اسمع فقرات من خطاب عضو برلمان أو مسؤول لبناني ...
و أسوق هذا الكلام لأشير إلى أن الجمهورية اللبنانية لم تستطع حتى الآن أن ترتقي إلى مصاف الدول العصرية على الرغم من كل ما يقال عن ديموقراطية الجمهورية اللبنانية ( و هذا ما دفع كلاً من الشاعر الكبير أدونيس و المثقف الكبير الوزير السابق غسان سلامة إلى مطالبة النخب السياسية اللبنانية بإجراء ثورة إصلاحية في الحياة السياسية و في المجتمع اللبناني تقطع مع المذهبية و الطائفية كأساس لبناء الدولة ... ) . بل بقي دولة محاصصة مذهبية و طائفية .. و بذلك بقيت الجمهورية اللبنانية " دولة مفخخة " قادرة أن تنتج ، بل قل أنتجت عدة حروب أهلية .. لأن الصيغة الدستورية القائمة في لبنان كانت و لازالت تسمح بالتدخل الخارجي ، الإقليمي أو الدولي ، في شؤونها الداخلية ؛ أو كانت التركيبة السياسية و الدستورية التي على أساسها قامت مختلف الجمهوريات اللبنانية تساعد في إنضاج الظروف المؤاتية لحدوث فتنة داخلية تسمح هي الأخرى بالتدخل ..
من هنا أرى أنه من مصلحة جميع اللبنانيين بل و السوريين و كل العقلاء في البلدين أن يتم تعميم و نشر مفردات الخطاب السياسي للجنرال عون ، الذي يكرر باستمرار تمسكه بالانتماء الوطني إلى لبنان بعيداً عن أي خطاب طائفي .. لأنه سبق و رأينا كيف أن مختلف القوى السياسية في لبنان إنما تعتمد الانتماء الطائفي أو المذهبي أساسا لنشاطها و لمواقفها حول القضايا اللبنانية الخلافية و المعقدة للغاية .. بالضبط لأن الجميع ينطلق في نظرته إليها من منطلق دون وطني .. و هذا ما نلمسه و نسمعه باستمرار على لسان الغالبية من ممثلي القوى السياسية اللبنانية ، اللهم باستثناء بعض الشخصيات الوطنية و على رأسهم الوطني الكبير ، ضمير لبنان السيد سليم الحص ، و الأستاذ نجاح واكيم ، و بالطبع المثقف و الإعلامي الكبير طلال سلمان ... و غيرهم ممن ينطلق في مواقفه من أرضية بحجم لبنان ككل ..
و هنا يمكنني أن أضيف إليهم الجنرال ميشال عون العائد إلى لبنان بعد أيام ، و الذي افصح في السنوات الأخيرة عن نضج و تطور واضحين في خطابه السياسي و ظلّ خطابه يشمل لبنان ككل و يتوجه إلى كل لبناني بغض النظر عن انتمائه الطائفي أو المذهبي بالرغم من كل ما جرى في لبنان من استقطاب على أسس دون وطنية .. و هذا ما يجب أن يقر به كل عاقل و كل مَن تهمه مصلحة الشعب اللبناني .. و ذلك بمعزل عن نقاط الاختلاف مع الجنرال حول هذا الموقف أو تلك القضية .. (أعتقد أن الجنرال كان في بداية التسعينات يبدي تشنجاً في حديثه السياسي و كانت لغته السياسية تنم عن تفوق الشخصي لديه على العام ... ) .
من هذا المنطلق أرى أنه من مصلحة السوريين قيادة و قوى سياسية علمانية و كمجتمع مدني أن تدعم الخطاب الوطني ، فوق الطائفي و فوق المذهبي للجنرال و لمناصريه من التيار الوطني الحر ( لنترك اللهجة التي كانت تستعمل ضد سوريا جانباً ... ) .. لأننا على أبواب هجمة إعلامية ، أمريكية بالدرجة الأولى و إن يكن بأدوات عربية و عبر وسائل إعلام عربية ، تركز على الاختلافات المذهبية و الطائفية و الإثنية .. بل إن الكثيرين ، ممن لا يدركون خطورة هذا الخطاب الطائفي سواء عن وعي أو عن غير وعي ، يغلبون المصالح الطائفية أو يغلبون الخطاب الطائفي على الوطني .. و السبب في ذلك هو الفراغ السياسي القائم في المجتمع لأسباب متعددة ليس آخرها سياسة التنكيل و القمع اللذين مارستهما السلطة خلال عقود ضد مختلف الأحزاب و القوى السياسية ، العلمانية منها خصوصاً ... و طبعاً بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة و انتشار الفقر و الجهل و غياب الشعور بالأمن بين أبناء الشرائح المسحوقة من مختلف الطوائف و هذا ما سهّل على المستفيدين - على مستوى السلطة أو " أعدائها " من " رجال دين " و مجموعات تشعر بالغبن - استغلال هذه الأمور لصالح استقطاب و تمترس مذهبي و طائفي خطير .. و هذا ما لمسناه من خلال بعض الاحتكاكات التي نشأت على أساس شخصي و تافه لكنها تطورت أو أراد البعض دفعها في اتجاه لن تحمد عقباه إذا لم تبادر القوى و الجماعات المثقفة إلى ممارسة دورها بشكل أكثر نشاطاً و أكثر فاعلية .. و إذا لم يتم تنشيط مؤسسات المجتمع المدني لتلعب دورها بشكل أفضل .. و الأهم ، إذا لم تلجأ الدولة إلى الإسراع في إعادة الثقة إلى المواطن بمستقبله و بأمنه و أمن أفراد عائلته ...
لكل ذلك أرى أنه من المفيد علينا جميعاً التركيز على خطاب تيار الجنرال عون اللاطائفي و إعادة إنتاج مفرداته في وسائل إعلامنا كقوة سياسية معارضة و لكن على أسس وطنية ، و ذلك في مواجهة خطاب إقصائي و ما قبل وطني على الساحة اللبنانية .. لأن في ذلك مثال حسن لن يضرنا بشيء .. خصوصاً و أن الجنرال يعتبر أن " مشاكله " مع سوريا قد انتهت بخروج الجيش السوري من لبنان ..
فهل سنتطلع إلى الأمام أم سنظل متمسكين بما مضى ؟


3 / 05 / 2005
د . إبراهيم إستنبولي
طرطوس – سوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30