الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيري الذي تَفرَّع من -الملف السوري- إلى -الملف الفلسطيني-!

جواد البشيتي

2013 / 7 / 20
القضية الفلسطينية



على "نارٍ سوريَّة"، وفي غيابٍ (إيجابي إسرائيلياً) لمصر "الانتقالية الجديدة"، شرع جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة يَطْبُخ (ولقد طَبَخ) الحل لمشكلة التوقُّف، الذي طال أمده، لـ "مفاوضات السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين؛ وهذا "الإنجاز" لكيري، الذي لم تعرف جهوده ومساعية الدبلوماسية والسياسية، في "الأزمة السورية"، إلاَّ الإخفاق المتزايد، تَزَامَن مع الانتهاء من إعداد الخُطَط والمشاريع الاستثمارية لتنمية وتطوير الاقتصاد في الضفة الغربية؛ فرَفْع مستوى عيش الفلسطينيين في "أراضي السلطة الفلسطينية"، مع استئناف "مفاوضات السلام" بين طرفيِّ النزاع الإسرائيلي والفلسطيني، قد يتسبَّب (الآن) بمزيدٍ من "الأمن والاستقرار الانتقاليين" بين الإسرائيليين والفلسطينين، إذا لم يتمخَّض عن تسوية للنزاع، أو عمَّا يؤسِّس لتسوية نهائية.
كيري (مع غيره) يسير الآن في طريقٍ (إسرائيلية ـ فلسطينية) تخلو، أو تكاد أنْ تخلو، من "العقبة" التي تسمَّى "حماس (المسيطرة على قطاع غزة)"؛ فهذه الحركة أَلْزَمَتْها "الأزمة السورية" أنْ تَقِف مواقف (من طرفيها) أَفْقَدتها، أو تكاد أنْ تفقدها، أهمَّ حلفائها الاقليميين (سورية بشار الأسد، وإيران، و"حزب الله" في لبنان). ومع عَزْل الرئيس المصري محمد مرسي، والذي هو ابن حزبٍ (مشتق من جماعة "الإخوان المسلمين") شقيق (في الفكر) لحركة "حماس"، عُزِلَت الحركة مصرياً، أيْ في مصر التي يحكمها الآن خصوم مرسي (وحزبه وجماعته) وفي مقدَّمهم المؤسسة العسكرية؛ وهذا الطرف المصري الحاكِم (والذي هو خليط من قوى كثيرة يتصدَّرهم الجيش) يتوفَّر الآن (وفي الإعلام على وجه الخصوص) على جَعْل الخصومة "الشعبية" للرئيس مرسي خصومة لحركة "حماس" أيضاً، وسبباً لتشديد الحصار المصري لقطاع غزة (من طريق إغلاق "الأنفاق"، وجَعْل زمن فتح معبر رفح أطول من زمن إغلاقه). وأحسبُ أنَّ الولايات المتحدة تستطيع الآن أنْ تَسْتَثْمِر في حاجة (وفي اشتداد حاجة) حُكَّام مصر الجُدُد إلى أنْ تَقِف إلى جانبهم في مواجهة خصومهم من مؤيِّدي الرئيس المعزول محمد مرسي؛ وكأنَّ الصفقة هي أنْ تَقِف إلى جانبهم في مقابل أنْ يقفوا مواقف تساعِد كيري في إنضاج طبخته (الإسرائيلية ـ الفلسطينية).
هذا "المتغيِّر الفلسطيني المهم" كان من أهم الأسباب التي حَمَلَت الولايات المتحدة (وقوى أوروبية، في "الاتحاد الأوروبي"، وقوى عربية، منها الأردن) على السَّيْر في هذه الطريق (الإسرائيلية ـ الفسطينية) المتفرِّعة (أيْ التي تفرَّعت فجأةً) من "الطريق السورية" المزروعة بكثير من "الألغام"، والمليئة بـ "العقبات"؛ ولو كان لبعضٍ من عِلْم وفَنِّ التفاوض السياسي أنْ يشغل حيِّزاً من التفكير السياسي للطرف الفلسطيني لَمَا تعذَّر عليه إدارك أنْ العودة إلى طاولة المفاوضات الآن (أيْ في هذا الوقت العربي والإقليمي والدولي) هي "الخيار الأسوأ (فلسطينياً)"؛ لكن ما نفع هذا "الإدراك" إذا ما كانت المصالح التي تتعارَض معه هي التي تَصْنَع "القرار"؟!
وأَظُنُّ أنَّ إدارة الرئيس أوباما قد نَفَثَت في روع دولٍ أعضاء في "مجلس التعاون الخليجي"، اشتدَّ وعَظُم شعورها بالاستياء من مواقف الولايات المتحدة من "الأزمة السورية"، والتي تعود بكثير من النفع والفائدة على بشار الأسد، أنَّ إسرائيل القلقة كثيراً على أمنها القومي إذا ما سقط حكم بشار الأسد هي التي تَحُول بين الولايات المتحدة وبين وقوفها مواقف جديدة (جيِّدة) من "الأزمة السورية"، تُحبِّذها، وتسعى إليها، تلك الدول؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ إرضاء إسرائيل في "الملف الفلسطيني" يمكن أنْ يجعل الولايات المتحدة تَقِف مواقف من "الأزمة السورية" ترضي تلك الدول الأعضاء في "مجلس التعاون الخليجي"؛ وكأنَّ إسرائيل تقول لكيري: دَعْهُم يُعْطوني ما أُريد (أو كثيراً ممَّا أُريد) في "الملف الفلسطيني" حتى أَدَعَكُم تُعْطوهم ما يريدون (أو كثيراً مِمَّا يريدون) في "الملف السوري".
وينبغي لنا أنْ نتذكَّر الآن أنَّ "مبادرة السلام العربية" فَقَدَت، أو توشك أنْ تَفْقِد، ما كان يبدو سبباً لعدم قبولها إسرائيلياً؛ فـ "المبادرة" يُعيد كيري الآن تشكيلها بما يجعل قبول الدول العربية "تبادُل الأراضي" مبدأً من أهم مبادئها.
وأحسبُ أنَّ هذا المبدأ (تبادُل الأراضي) لن يُفْهَم (معناه) على خير وجهٍ الآن إلاَّ إذا أَسَّسَنا لصلةٍ بينه وبين "خريطة إقليمية جديدة قَيْد الرَّسم (الآن)"؛ فإنَّ "تبادُل الأراضي"، توصُّلاً إلى تعيين الحدود النهائية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، قد يتَّصِل بصلةٍ سببية مع مَوْضِعَيْن إقليميين، هما "الجولان" و"سيناء". و"المَوْضِع الأوَّل"، وهو "الجولان" يبدو الآن أكثر وضوحاً، لجهة صلته بتسوية مشكلة "الحدود" بين إسرائيل والفلسطينيين، من "المَوْضِع الثاني"؛ فـ "الأزمة السورية" قد تتمخَّض عن رَسْم خريطة جديدة لسورية، تَجْعَل إسرائيل أكثر اطمئناناً إلى أنَّ احتفاظها بالسيطرة على الجولان سيستمر زمناً طويلاً؛ أمَّا "تكبير قطاع غزة"، أو "قطاع غزة الكبير"، فيمكن أنْ يجعل مصر طرفاً في "تبادُل الأراضي"؛ فإسرائيل تأخذ من أراضي الضفة الغربية ما تريد أخذه، مُعْطِيَةً مصر من أراضيها ما يَعْدِل ما أخذته من الأرض الفلسطينية، في مقابل أنْ تعطي مصر قطاع غزة من أراضيها في سيناء ما يَعْدِل ما أخذته من إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و