الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن التاريخ في المنطقة العربية؟

عماد صلاح الدين

2013 / 7 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



اصرف النظرة الى التاريخ هنا من ناحية المعنى والصلاحية والتناسب والتناغم المنسجم بين حدود الجغرافيا والديموغرافيا وخصوصية الانسان وخصوصية المكان، وكل ذلك بطبيعة الحال في اطار الايجابية المنشودة انسانيا وتاريخيا.
وفي الحقيقة ان ما دفعني الى كتابة هذا المقال ما يجري من انقلاب عسكري قائم ومستمر في مصر ضد شرعية الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، لا بل بصورة اوضح ضد الخيار الاسلامي الوسطي.
وعلى هذا اقول ما يلي:
1- ان المنطقة العربية هي منطقة ذات تكليف اسلامي، فيها خصوصية الانسان النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مرسل الى الانسانية جمعاء، وفيها خصوصية الجغرافيا ممثلة بمكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس في فلسطين في المنطقة الوسطية فلسطين الحلقة المهمة عربيا واسلاميا وعالميا( بالمناسبة الصراع عالمي على فلسطين والقدس)
2- ان خصوصية المنطقة العربية( ديمغرافيا وجغرافيا) بحكم التكليف العقدي ومن ثم الفكري والفقهي، يستشف منه تشريف امتيازي للعرب على بقية البشر، والامر طبعا غير ذلك، بل تكليف له ضوابط وشروط تقع الصورة المشهدية له بين انتصار وتقدم وحضارة فوق المألوف او هزيمة وتراجع وتخلف غير معتاد وتحت العادة.
3- ما ورد في النقطة اعلاه عليه دليل ملموس من خلال واقع العرب قبل الاسلام وبعد الاسلام، وما عانته التجربة القومية العربية في التاريخ العربي الحديث من فشل زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتجربة الراحل صدام حسين وعموم القومين العرب، هذا فضلا قبلا عن تجربة محمد علي ومشروعه في المنطقة العربية، وبعدا ما جاء من حركات واحزاب العلمانيين والليبراليين العرب الداعين الى دمقرطة الشعوب والنظم السياسية العربية.
4- في تجربة خوض عدد من الحركات الاسلامية للانتخابات في عدد من الدول العربية في الجزائر في بداية تسعينيات القرن المنصرم وكذلك في الاردن تقريبا في نفس الفترة، وايضا على المستوى الاسلامي في تركيا في غير حقبة ولكن تحديدا في أواخر التسعينيات زمن البروفسور نجم الدين اربكان، كذلك في فلسطين عام 2006، ثبت من خلال هذه التجارب ان دعاة الديمقراطية من قوميين(مؤخرا) ووطنيين وعلمانيين وليبراليين هم اول من ينقلب على هذه الديموقراطية المشترك فيها اسلاميون.
5- وفي مصر جرى حراك انتخابي ودستوري بعد ثورة 25 كانون ثاني(يناير) 2011، فاز فيها الاسلاميون على مستوى الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب وكذلك في الاستفتاء على الدستور، وطبعا جرى الانقلاب على هذه الشرعية الديمقراطية في مصر بالتدريج اولا من خلال تجريد الشرعية من ادوات الحكم ( لمن يتهم الرئيس المصري محمد مرسي بارتكاب الاخطاء بل والخطايا السياسية والدستورية)، وثانيا من خلال حل مجلس الشعب، ومواجهة كل خطوات الرئاسة المصرية في مواجهة الفساد والدولة العميقة التي لا زال يسيطر عليها ما يسمى بالفلول، واخيرا بالانقلاب العسكري في 3 تموز يوليو 2013، والذي تم بموجبه تعطيل الدستور مؤقتا وعزل الرئيس محمد مرسي وحل مجلس الشورى، وكل حملة اغلاق قنوات الاعلام المؤيد للشرعية واعتقال مئات قيادات وعناصر الاخوان المسلمين وارتكاب مجزرة الحرس الجمهوري، وغيرها ضد المتظاهرين العزل بل والساجدين.
6- يذكرني ما ورد بشأن مصر اعلاه، وفي وجه من الوجوه، ما حصل في فلسطين عام 2006 حين تم تجريد حماس من الصلاحيات ومحاصرة تجربتها، وحدثت مفارقة عجيبة وقتها: حيث كان الرئيس ابو مازن عام 2003-2004 يطالب وبدعم امريكي وغربي باستحداث منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية وبالتالي احالتها من رئيس السلطة حينها الراحل ابو عمار اليه، وجرى العكس عام 2006 حينما طالب الرئيس ابو مازن المنتخب عام 2005 بل وعمل على سحب كثير من الصلاحيات من الحكومة التي كانت تقودها حماس وتحويلها اليه.
هذا على الرغم ان ما جرى عام 2004 تم تعديله بموجب ما تم على القانون الاساسي الفلسطيني، اي جرى الانقلاب دستوريا في عام 2006 على القانون الاساسي الفلسطيني(الدستور المؤقت).
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تبقى مقدرة لدى القائمين على المشروع الاسلامي الوسطي واقصد قيادة الاخوان المسلمين في مصر وكافة عناصر وبنى الاطار الاخواني على تقبل واقع الازاحة القسرية من المشهد السياسي في الحياة العامة ؟
او بسؤال ادق ما معنى ازاحة الخيار الاسلامي الوسطي من ساحة العمل السياسي في مصر وعموم المنطقة العربية؟
لم يعد ممكنا ولا مقبولا لدى قادة الخيار الاسلامي الوسطي في مصر تحديدا ازاحة الخيار الاسلامي الوسطي في هذه اللحظة التاريخية من عمر الثورات العربية. هذه لحظة مفاصلة من ناحية بذل الجهود في التدافع الانساني في تسويد المناهج والنظم وبالتالي نصرها في المنطقة العربية. لا يمكن القبول بالازاحة والعزل لكون ان الاخوان فائزون بالانتخابات الرئاسية وغيرها، بل لان الازاحة اليوم للاسلامين الوسطيين صار يصيب بشكل مباشر معنى المشروع الاسلامي المراد حياة ونظاما.
حدث ان جرى انقلابات في العقود الماضية على الاسلاميين في الجزائر والاردن وتركيا وحتى في مصر نفسها سواء بطرق عسكرية او بالتزوير، وكان وقتها يوجد مجال تاريخي في احتمال او الصبر على هذا الانقلاب او التزوير لنتائج الانتخابات، ومع انه حدث حرب اهلية في الجزائر حين تدخل قادة الجيش وعملوا على عسكرة المواجهة مع جبهة الانقاذ الجزائرية الفائزة بالاغلبية بنتائج الانتخابات.
اليوم يميل القائمون على الاسلام الوسطي –وبشدة- الى حسم الموقف في المواجهة السلمية؛ فوجود الحراك الجماهيري المحتشد في عديد ميادين مصر في رابعة العدوية والاسكندرية والنهضة وغيرها لمدة ثلاثة وعشرين يوما من وقوع الانقلاب العسكري، هو دليل قوي على شدة الموقف باتجاه الحسم تاريخيا.
ان الاخوان المسلمين في مصر يدركون حجم المسؤولية الاخلاقية والتاريخية الملقاة على عاتقهم في قيادة المشروع الاسلامي الوسطي الانساني العالمي والعمل على انجاحه، وان ما سيجري ايجابا او سلبا في مصر سيكون له تداعيات مباشرة وغير مباشرة على على مجمل الحراك الثوري العربي سواء في حلته الديمقراطية او الاسلامية.
من قراءة تاريخ المنطقة العربية وتاريخ المسلمين فيها، يجد الباحث ان مسار الافكار وحركاتها التطبيقية والتنفيذية كمشروعات ونظم سياسية في النسق والمحتوى غير الاسلامي انها في بداياتها يتجه اشخاصها نحو اعلان الوطنية والقومية، ولا شك انهم جادون في مشروعاتهم، الا انهم في مواقعة العدو او في الدفاع عن انفسهم ينكسرون شر انكسار، وما يلبثون حتى يتحول كثير منهم من الوطنية والقومية الى الشخصانية ومن ثم عاملا مخلصا للعدو الاجنبي كما حدث مع الراحل انور السادات والرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
ان التجربة التاريخية تقول ايضا ان الاسلاميين على اقتصار بنائهم المتكامل على دعمهم وتضحياتهم الذاتية يستطيعون الصمود بل وتحقيق المنجز في مقابل احلاف دول عربية سابقة مع الشرق والغرب لم تصمد امام اسرائيل لبضع ساعات هجوما او دفاعا.
ان التجربة التاريخية الاحدث بعد قيام الثورات العربية ان الاسلاميين الوسطيين( الاخوان المسلمين وحركة المقاومة الاسلامية حماس) هم متصدرو المبدئية وصحة المواقف الاخلاقية والانسانية في دعم الشعوب العربية قاطبة دون استثناء في حراكها الثوري في مواجهة الاستبداد والطغيان الرسمي العربي، في مقابل تيارات قومية واسلامية ودول كايران دعمت اشد الدول العربية طغيانا واستبدادا بسبب المصالح ولغة المذهب ولربما لمشترك قومي عروبي ثبت واقع زيفه ليس بالتجربة التاريخية الاوسع، بل على يد ادعيائه انفسهم.
ان التاريخ الحقيقي الماجد في المنطقة العربية هو لاولئك الذين ينصرون انفسهم واهليهم ويسعون في كل حين الى نصر الانسانية جمعاء وقيادتها الا برالامان.
ان التاريخ المشرف في المنطقة ليس لادعياء الشرف القاتلين له؛ مرة بتدمير انفاق غزة ومرة بادعاء مصادرة صواريخ للمقاومة في القاهرة وثالثة بالوقيعة بين المصريين والفلسطينيين، هل هذه هي الثورة المصرية ، هل هذه ثورة حمدين صباحي وايمن نور ومصطفى البكري؟؟؟
لو ان هذا الادعاء الثوري من البرادعي وعمرو موسى وحتى احمد شفيق لتفهمنا معنى اي ثورة مصرية يقصدون!!
ان الدارس للثورات وما يجري عليها من ردة وارتداد بل وانتكاس بعودة الاستبداد من جديد، ثم صعود الحق الثوري من انبعاثة جديدة الى استقرار وامان طويليين ينعم الناس فيهما بالعدل والانصاف مع سيادة القانون على الجميع، ليؤكد ان المستقبل سيأتي معززا للذين تم الانقلاب على خيارهم الشعبي، وسيكون ما جرى ضامنا لمنع التكرار في التربص والافشال بتجارب الشعوب الثائرة الباحثة عن العدالة باسمى معانيها وتجلياتها.

محام وكاتب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أعلاك فوق جراحنا ليراك ؟
نايـــــــــــــا ( 2013 / 7 / 20 - 13:43 )

يا الله .. جربناك جربناك
من أعطاك هذا اللغز ..
من سمّاك ؟
من أعلاك فوق جراحنا ليراك ؟
فاظهر مثل عنقاء الرماد من الدمار

اخر الافلام

.. ندوة سياسية لمنظمة البديل الشيوعي في العراق في البصرة 31 أيا


.. مسيرات اليمين المتطرف في فرنسا لطرد المسلمين




.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع


.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف




.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا