الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بروباغاندا الدراما السورية

سالم الصادق

2013 / 7 / 21
الادب والفن


يحضرني في هذا المجال مشهد مشابه قرأت عنه كان في عزِّ الحرب الباردة في أواخر الستينات من القرن الماضي ، حيث كانت تعرض إحدى محطات التلفزة الأمريكية أسبوعياً حلقة لمفكر اقتصادي أمريكي شيوعي أحمر ربما أكثر من ماركس نفسه أو يكاد. ينتقد هذا المفكر النظام (الإمبريالي) الليبرالي اقتصادياً ، ويفصفص عظامه ، ويفضح عيوبه ونواقصه ، ويكشف ثغراته بحماس شديد وبكل شفافية وديمقراطية.
هذا المفكر من حيث يدري أو لا يدري استُخدم أمثلَ استخدام من قبل جهابذة الرأسمالية ، فكل ما يقوله يتم بحثه ودرسه لتلافيه وترميم الثغرات في النظام الاقتصادي الرأسمالي.
الدراما السورية التي تعرض اليوم على القنوات المختلفة ، ويكثر الحديث عنها هي عمل مشابه لما كان يقوم به هذا المفكر مع اختلافات إلى حد ما.
يعتقد السذج من أبناء هذا المجتمع السوري المُبتلى أن تحولاً ما حدث في المنظومة الرقابية الأمنية ، أو أن الفن تمرد على المخابرات وكاد يلامس سقف الوطن الحقيقي ، أو قد ولدَ مولوداً سوياً من البطن أو الظهر أوحتى من الخاصرة ، لا يهم ، أو أن هامشاً كبيراً من الحرية قد انتزعه الكتاب والفنانون من فم ال (......) وهم ربما لا يدركون أو يدركون أنهم يبتلعون الطعم الذي يرميه النظام عبر كتابه وفنانيه على شاشاتهم الفضية.
هذه الدراما تتغلغل في أعماق المُشاهِد الشعورية واللاشعورية ، وإلى هذا الكم المكبوت من الانفعال والرفض الصامت ، فتتم عملية إزاحة له وإراحة منه أوتخفيف له على الأقل ، وهناتحقق البروباغاندا الدرامية هدفها، فهي في عملها( تسليط الضوء على الأحداث الجارية ( الثورة) ) تحقق التوازي بين ثنائية الواقع والفن ، إذ كثيراً ما يلتحم الخطان ويتقاطعان في أعماق الحس الوجداني فيتم تفريغه من شحنته السلبية ( من جهة نظرالنطام ) أو التخفيف منها أو إلباسها لبوساً آخر، فتقوم هنا بعملية ( تنفيس) تلك التي برع فيها منذ زمن الفنان دريد لحام في مسرحياته الثورية.
هذا الطرح للواقع الأسود الذي يجري في كل الأرض السورية يصبح مقبولاً ومألوفاً حين يُشاهد ولكن فنياً على التلفزيون ، وخصوصاً حين يوجه وبشكل خبيث مدروس ، وتدس عبارات مقصودة تولد قناعات معينة ، وتنطق بما يريد المشاهد( المواطن) النطق به.
هذا الاستغلال لوظيفة الفن ورسالته أبدع النظام الفاشي في سوريا فيه ، وأبدع في توظيف خاصية ما يسمى الإيهام بالواقع ( العقد الخفي بين المتلقي والفنان ) على أن ما يحدث أمامه هو الواقع بعينه وكأنه يعيشه فعلاً ، ويكون قد اكتفى بما شاهد واقتنع به، فإذا ما عايش الواقع الحقيقي لن يتأثر به التأثر الحقيقي المفترض ، فقد اكتسب ما يمكن تسميته مناعة ضد ما يحدث من مآس في الحياة التي يعيشها وهي هنا ( الدراما السورية اليوم) تؤدي أيضاً وظيفة ما سُمي بالتطهير الذي تحدثه التراجيديا في المسرح اليوناني القديم .
وفي هذه الدراما يستكمل النظام حربه على شعبه من زاوية أخرى لا تقل فتكاً عن راجمات الصواريخ والبراميل ، وهو الذي برع في فنون الكذب والتزييف عبر سنين طويلة انقضت.
ويمضي بجرائمه الدعائية الخفية التي يروج بها لهذه الدراما عبر الاعتقال المكشوف لكتاب أو فنانين على خلفيات غامضة تترك الجمهور في حالة تساؤل وتشوق أكثر لرؤية هذا العمل أو ذاك الذي ربما كان السبب في الاعتقال . هذا الاعتقال على فداحة الجرم المفترض والذي لا يقاس أمامه سيناريوهات أبسط بكثير وكثير جداً يروح ضحيتها شباب ( بسب صورة على جوال أو ( مسج)) ، ثم يأتي الإفراج عن هذا المناضل الثائر، المعارض (الافتراضي) ؛ الكاتب أوالفنان ليخلف حالة من النشوة لانتصار مزيف في نفسية الشعب الموهنة يعززه ما يقوم به بعض المغيبين من دعاية غير مباشرة مدفوعين بشكل محسوب في احتجاجات على هذه الدراما أو تلك عبر وسائلهم المختلفة.
فأي دراما تبيعونها لشعب صار أفراده أبطالاً لدراما حقيقية في استديو الوطن الكبير كتبوا سيناريوهاتها بالدم لا بالصبغ الأحمر.
فأغلقوا استوديوهاتكم واستحوا على فنكم إن كان فيكم ذرة من........ فن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع