الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع والسلطة في ايران

محمد سيد رصاص

2013 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


كانت الثورة الايرانية في عامي1978-1979من أكبر ثورات القرن العشرين بعد الثورتين الروسية والصينية،وقد اشتركت فيها العديد من التيارات السياسية،الاسلامية والليبرالية والماركسية والقوى السياسية للأقليات من كردية وعربية وآذرية،ضد نظام الشاه الذي أصبح في النصف من السبعينيات بناء سياسياً فوقياً مع أرجل اجتماعية ضعيفة،وهو ماجعل عملية رفع الغطاء الدولي عنه،مع منع الأميركان الجيش والحرس الامبراطوري من الانقلاب العسكري،مؤدياً إلى سقوطه التلقائي.
خلال النصف الأول من الثمانينيات بدأت القاعدة الاجتماعية للنظام الايراني الجديد بالتآكل التدريجي،بحكم اتجاه الخميني إلى تصفية كل التيارات السياسية التي عاونت التيار الاسلامي في الثورة،قبل أن يتجه قبيل وفاته في 4يونيو1989إلى تصفية تيار آية الله منتظري،خليفته المعين من قبله،وهو مااضطر آية الله علي الخامنئي من أجل استكمال ترتيبات النظام الجديدة لمرحلة مابعد الخميني إلى عقد صفقة لتوزيع السلطة بين "المرشد" ومنصب رئيس الجمهورية،بعد الغاء منصب رئيس الوزراء،الذي احتله هاشمي رفسنجاني بكل مايمثله من قوى البازار ووسطية لاقت تأييداً في الفئات الوسطى بالمدن الكبرى وعند الشباب والنساء.
خلال عهد رفسنجاني(حتى 1997)كان هناك تناغم بين ررئيس الجمهورية و"المرشد"الخامنئي:عندما انتخب محمد خاتمي(الذي دعم "المرشد"منافسه المحافظ علناً) ظهر مقدار الانقسام الاجتماعي الذي أصبح يجلس فوقه النظام بين تيارين،اصلاحي فاز ممثله في انتخابات رئاسة الجمهورية وآخر محافظ ينزع للتشدد في السياستين الداخلية والخارجية،وهو ماانعكس في انقسام للمؤسسات بين "المرشد"الذي وقفت وراءه قوى(الحرس الثوري)ورجال الدين المتشددين،في مواجهة رئيس الجمهورية الذي وقفت وراءه قوى مجتمعية تركزت في الفئات الوسطى والبازار والشباب والنساء. حاول خاتمي الهروب من عجزه، عن تحقيق برنامجه في السياسة الداخلية، باتجاه التركيز على مجال السياسة الخارجية عبر تقارب مع السعودية ومحاولة فتح صفحة جديدة مع واشنطن التي أعلنت بأن"مشروع التغيير في العراق لن يكون متعارضاً مع المصالح الايرانية..وبأن أمام الايرانيين..أن يكونوا شركاء في العراق"("الحياة "،2تموز1999)في تجاوز لسياسة"الاحتواء المزدوج"التي انتهجتها إدارة كلينتون منذ عام1993تجاه بغداد وطهران وفي تعاكس مع"قانون داماتو"التي وضعه الكونغرس ضد الشركات العالمية المتعاملة مع ايران:عندما حصل غزو أفغانستان-2001وغزو العراق-2003من قبل واشنطن فإن تحالف الايرانيين مع الأميركان في الغزوين لم يؤد إلى تقوية خاتمي الذي أعيد انتخابه في عام2001بنسبة77%بل صب ذلك في صالح منافسيه المحافظين الذين وصلت براغماتيتهم بعد أشهر من سقوط بغداد إلى توقيع "اعلان طهران- 21أوكتوبر2003"،مع الغربيين ووكالة الطاقة الذرية في فيينا،لوقف تخصيب اليورانيوم الايراني،وعلى مايبدو أن ذلك الاتفاق قد أتى من أجل أن لايعرقل البرنامج النووي عملية الهضم الايرانية لمكاسب طهران الجديدة في العراق التي ماكان ممكناً أن تتم لولاالحلف الأميركي – الايراني في العراق المغزو والمحتل،وهو مااتجه المحافظون بعد فوزمرشحهم أحمدي نجاد بالرئاسة،على أنقاض فشل الخاتمية،إلى استئناف برنامج تخصيب اليورانيوم بعد أيام قليلة من تسلمه منصبه في3أغسطس2005وللدخول في مجابهة اقليمية مع واشنطن امتدت من كابول حتى الشاطىء الشرقي للبحر المتوسط وصولاً إلى صعدة جنوباً بعد أن شعرت طهران بأن تعثر الولايات المتحدة في المنطقة من خلال فشلها في أفغانستان والعراق يتيح لها المجابهة انطلاقاً من أرباحها الاقليمية الجديدة لكي تفرض على الأميركان الاعتراف بايران بوصفها"الدولة الاقليمية العظمى"وفق تعبير الجنرال رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري الايراني.
لم تفد المكاسب الاقليمية لطهران المواطن الايراني،بل ازدادت مصاعبه الاقتصادية نتيجة العقوبات الدولية التي بدأت مع القرارات الدولية منذ عام 2006: في انتخابات الرئاسة الايرانية بيونيو2009كان هناك منطق جديد عند ميرحسين موسوي،الذي نافس نجاد،يقول ب(ايران أولاً)عبر طرح مقولة أن التصالح مع الغرب الأميركي- الأوروبي،ومع الجوار الاقليمي،هو الطريق إلى تجاوز المصاعب الاقتصادية والمعاشية التي يعانيها المواطن الايراني وبأن السياسة الخارجية التجابهية مع واشنطن والجوار هي السبب في السنوات العجاف اقتصادياً وفي التشدد الداخلي على صعيد الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية الذي جرى بعهد نجاد.حصل موسوي،وفقاً للأرقام الرسمية،على33,86%من مجموع أصوات المقترعين الذين بلغوا85%من أصحاب حق الاقتراع،وحصد أصوات الأكثرية في المدن الكبرى وعند الفئات الثرية والوسطى ولدى الشباب والنساء والمتعلمين،فيماأخذ نجاد أصوات الفقراء والأرياف والمدن والبلدات الصغيرة،وقد بينت المظاهرات المليونية التي أعقبت الانتخابات ضد فوز نجاد مقدار الانقسام الاجتماعي الايراني حول السياستين الداخلية والخارجية ومقدار الهوة التي تفصل الحاكمين وأصحاب القرار في السلطة عن شرائح واسعة في المجتمع.
خلال فترة مابعد الخميني ، ظهر بأن الانسجام بين السلطة والجسم الاجتماعي من خلال مايمثل طرفا المعادلة السلطوية بعده ،أي "المرشد"الخامنئي ورئيس الجمهورية رفسنجاني ،قد انكسر جسر تواصله منذ عام1997مع انتخاب خاتمي الذي كان تعايشه ،كرئيس يمثل قوة اجتماعية كبرى صبت أصواتها لصالحه في دورتين انتخابيتين،سلبياً وتنافرياً مع القوى النافذة في السلطة،فيماكان عهد نجاد تكريساً لانقسام اجتماعي وصل إلى حدود انفجارية ضد الحاكمين في صيف2009. لم ينفع انتصار السلطة أمنياً ضد احتجاجات الشارع سوى في انشاء كبت سياسي كانت تزيد من وتيرته المصاعب الاقتصادية التي ترافقت عكساً مع نجاحات السياسة الخارجية الايرانية في الاقليم.
عندما انتخب الاصلاحي - المعتدل حسن روحاني رئيساً جديداً لايران بيوم14يونيو2013فإن فوزه من الدورة الأولى ب50,71%من الأصوات ضد خمسة مرشحين محافظين أومتشددين توزعت دوائر دعمهم بين"المرشد"و(الحرس الثوري) كان يعكس مقدار الانقسام الاجتماعي الايراني،وأولاً وقبل كل شيء مقدار تباعد الغالبية الاجتماعية عن السلطة الحاكمة والذي كان التصويت اقتراعاً ضدها وبحثاً عن خيارات جديدة في السياستين الداخلية والخارجية.
في هذا الإطار، كان خروتشوف في الكرملين بين عامي1953و1964 تعبيراً عن أزمة النظام السوفياتي بمرحلة مابعد ستالين،قبل أن تقوم المؤسسة الحزبية،بالتحالف مع العسكر والبيروقراطية،بعزله والاحتفاظ بالوضع القائم داخلياً مع محاولة تحقيق نجاحات في السياسة الخارجية:عندما وصلت السياسة الخارجية السوفياتية إلى الفشل مع اصطدامها باختلال التوازن الدولي لصالح الأميركان أثناء النصف الأول من الثمانينيات فإن الفشل في السياسة الخارجية كان اجتماعه مع وضع داخلي مأزوم مؤدياً إلى تمهيد الطريق للإنهيار السوفياتي دولياً واقليمياً وداخلياً.
بالمقابل صينياً:في يوم 3يونيو1989قامت الدبابات الصينية بقمع اعتصامات الطلاب بساحة (تيان آن مين)ثم اتجهت المؤسسة الحزبية،بالتعاضد مع الجيش، لعزل الأمين العام للحزب الشيوعي زهاو زيانغ من منصبه بعد أن تضامن مع الطلاب من أجل اصلاحات سياسية تتجاوز وحدانية الحزب الشيوعي. منذ (تيان آن مين)،قام "المرشد الصيني" دينغ سياو بينغ بمزج الاصلاح الاقتصادي مع الانفتاح على (القطب الأوحد الأميركي الجديد للعالم) مع التشدد السياسي الداخلي. نجحت "وصفة دينغ" في تفادي صيني للتجربة السوفياتية الغورباتشوفية.
كيف سيكون مصير طهران بين الخامنئي وروحاني:عند مصير موسكو أم بكين،أم في وضع ثالث لايعرف كنهه؟..............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون