الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية ..ام مجتمع مدني

سلمان النقاش

2013 / 7 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتحول المجتمع الساكن مدنيا اذا ما اختار في نشاطاته وحركته "التنوع وملاحقة تلبية حاجاته المتجددة دائما "..وهذا التنوع يفترض حتميا التخصص وتقسيم المهام والعمل والاختلاف ومن ثم بعد ذلك التناقض الذي يخلق حالة من الصراع تجعل التنظيم امرا لابد من وجوده ...
غير ان التنظيم شأنه شأن الحاجات المتجددة يتقادم ويخلق بدوره تناقضاته الخاصة التي ترتفع منحنيات مقاوماتها ..بسبب اعتمادها على خلاصة الافكار المتناقلة بين الاذهان ..وكلما كانت عملية تلاقح الافكار سريعة ومنطقية كلما ارتبطت مصالح المجتمع بكافة تنوعاته واصبح وجود الاخر مهما كان اختلافه ضروريا لوجودي .. اذن فالمجتمع المدني يتأسس على الحرية ومنها حرية تأسيس شركات ومؤسسات أهلية للتجارة أو الإنتاج الصناعي. فبتزايد الشركات المساهمة التي ينشؤها الأهالي تزداد فرص العمل، ويقل العبء على الدولة لتوفير عمل لكل مواطن، ويتيح للحكومة أن تهتم بالتعليم من المدرسة الابتدائية إلى الدراسة الجامعية والتأهيل الجيد للشباب ليقوم بعد ذلك بالمشاركة الفعالة في الإنتاج. ومن واجبات الدولة بناء البنية التحتية و الاهتمام بالمواصلات وتسيير السكك الحديدية، والبريد. فالمجتمع المدني هو تضامن اجتماعي يشمل الجميع، يشمل الترابط بين اصحاب العمل والعاملين ، وتختص ادارة للدولة والجهاز التشريعي فيها باصدار القوانين .
اما المجتمع الساكن فهو مجتمع يتوقف عند حدود وجوده الطبيعي ..اي الاستهلاك والتكاثر ،ولكون هذا الوجود لابد ان يكون جمعيا تبعا لطبيعة الانسان الاجتماعية ..فان هذه الجماعة تستلزم حماية بقوة تفوق قدراتها الطبيعية ..فكان الانسان الاله والانسان العبد ،وكانت السلالات والاعراق الشريفة والنبيلة ..وبعبارة اخرى اقرب الى الفهم ..اصبح الثنائي الدين والعشيرة هو الامتياز الحقيقي لهذا المجتمع وصاحب السلطة فيه .. يتسم هذا المجتمع بالركود أو التخثر فإيقاع الحياة الاجتماعية رتيب، وتتسم الأعراف والعادات والتقاليد بالثبات وقوة النفوذ. وتختلف حقوق الأفراد وعلاقاتهم في المجتمع باختلاف الفئات التي ينتمون إليها، وتتباين العلاقات بين الفئات الاجتماعية بحسب موقع كل منها في الهرم الاجتماعي الذي تحتل الأرستقراطية المحاربة قمته. وتقوم العلاقات الاجتماعية بوجه عام على مبدأ القرابة والعصبية والانتماءات العشائرية والمذهبية والدينية والحرفية. والقضاء فيه قضاءا شرعيا ..
ونتيجة للتطور المعرفي والعلمي في العالم ، الذي سارعت الثورات الاتصالية في وتيرة تقدمه ، بدءا باللغة ثم الطباعة مرورا بوسائل النقل وثورة الاتصالات اللاسلكية ، ثم الثورة الاعلامية المسموعة والمرئية الى الثورة المعلوماتية الحالية فقد تداخلت ثقافات هذه المجتمعات ووصلت للحد الذي اصبح فيه العالم وكانه موحدا..مايعني ان مصالح الانسان اينما وجد على هذه الارض باتت اليوم تخضع لقوة وقيم المجتمع المدني الذي اثبت قدرته على الاستمرار والثبات وتطورت انظمة الحكم فيه حتى وصل الى الديمقراطية ..وهذه وقبل الخوض بتفاصيل مفاهيمها ،لا يمكنها العيش اوحتى التنفس الا ضمن هذا المجتمع اي المجتمع الدني .
فالديموقراطية تعني اصطلاحا "حكم الشعب" حسب الترجمة الحرفية لاصل الكلمة اليوناني ..اذ يؤكد فرانسيس فوكوياما الكاتب الامريكي ذو الاصول اليابانية في كتابه (نهاية التاريخ) ان اسلوب الحكم الديموقراطي هو المرحلة النهائية لفكرة تنظيم المجتمع .
فلو سلمنا جدلا بهذا الاستنتاج وبآخر مرحلة من مراحل تطورها الا وهي الديموقراطية الليبرالية التي اضافت حماية حقوق الافراد والاقليات ..وما حققته من مكاسب مثيرة وفعالة في مجال الاستثمار والانتاج وحركة رؤوس الاموال وانتقالها والسيطرة الفعلية على موارد الطبيعة والقدرات البشرية ..فاننا نجد مبررا منطقيا لهذا الاصرار من جانب الاطراف الاقوى ضمن خارطة القوى العالمية على تعميم نمط هذا الحكم في جميع المجتمعات في العالم وان تطلب الامر صناعة الحرب من اجل ذلك .. وربما يفسر لنا هذا بشكل واضح وصريح ..اسباب الانهيار المجتمعي الذي صاحب التغيير والذي تولته الجماهير في مجتمعاتنا التي ضمرت حقوقها حد الاهانة وهي ترفع المطالب بالحصول على الديمقراطية ومكتسباتها .
والان لنعود ونتسائل ..هل من الضروري ان تقدم هذه المجتمعات كل هذه التضحيات والفزع والرعب والارهاب والخوف ثم الانتظار لتحقق الاسلوب الديموقراطي في الحكم ؟!...هل بامكان الديموقراطية ان تدك اوتاد خيامها في بيئة المجتمع الراسخة فيه قيم المجتمع الساكن بثقافته السلوكية الدينية والعشائرية؟!
وهل ان الانتخابات التي يضع قوانينها المتنفذين في هذه المجتمعات والذين يكتبون دستورها ايضا ..تضمن عدم تفكيك السلطة المطلقة وتحويلها الى سلطات وجيوب حكم ..يساهم الناخب نفسه باستمرار حكم الاقوياء واصحاب الامتيازات عليه .
البعض يقول ان ولاءات الناخب سوف تتبدل – تتغير مع ما ستقدمه الديمقراطية بفسحها مجال حرية التعبير والمراقبة ..لكن المدى المنظور يقول خلاف ذلك تماما بالاخذ بنظر الاعتبار مستوى تطور هذا المجتمع او ذاك ..والحاصل هو عكس هذا تماما ..فالناخب ترسخت في ذهنه ثقافة الولاء الفرعي المتجذرة في ثقافة المجتمع ..وغاصت اقدامه في وحل اللانتماء العشائري والطائفي والعائلي ..وصار اصحاب القرار في المجتمع يوغلون في ارغام المواطن على القبول بهذه الثقافات ويغذونها بالمال السياسي ..
اعتقد ان الامر بهذا الوصف يبدو خطيرا جدا ..ان تكون سلطة دكتاتورية واحدة وقوية وتوفر الامن اهون بكثير من تعدد السلطات الدكتاتورية وتقسيم المجتمع الى عبيد لها .. ما الحل اذن ؟!
هناك ضرورة ان يكون الناخب قادر على اختيار حكامه ..كيف يمكنه ذلك وان نسبة الامية والفقر والبطالة والمرض والبيئة الملوثة والعنف الاسري..والامية الثقافية ..تصل الى ارقام مرعبة ..وانا اسوق مثلا هنا للانتخابات في العراق ..((عراقي متزوج من اربع نساء وله عشرون ولدا بالغا متزوجا ..كلهم اميون ..وله 10بنات متزوجات كلهن اميات مع اولادهم ..في قرية باقاصي الريف يطلب منهم شيخهم(قريبهم) التصويت له ..هل سيرون غيره في قئمة الناخبين.. واخر له كرامات ..واخر يوزع المال ..الخ) تصوروا برلمانا ينتج بهذ الاصوات .
الديموقراطية ..برغم ما اذهلت بانجازاتها الانسانية لكنها قتلت الناس هنا ..فمن يريد الديمقراطية ..عليه ان يناضل من اجلها ...عليه ان يتثقف بها السلطة في اياد غير ديمقراطية ..المصريون ادركو ذلك ..؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات