الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الممارسة المدنية / حكاية مدينة ومشغل ثقافي

ياسر اسكيف

2005 / 5 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



بمثابة تحيّة إلى من يتحرّشون بالمستقبل متّخذين من المشغل الثقافي في جمعية عاديات جبلة مقرّاً للتربص والغواية .

/ مقاربات في الوصف /

جبلة : بلدة متوسطيّة في محافظة اللاذقية – سوريا

جبلة : مدرّج روماني صالح للاستخدام / كورنيش بحري يمتد لعدّة كيلومترات / جوامع كثيرة أشهرها جامع السلطان إبراهيم / ألف مستمع أو يزيد مجتمعون في حديقة على الكورنيش ليستمعوا إلى ( تحية إلى نصري شمس الدين ) الحفلة الغنائية التي قدّمتها فرقة ( البيت العربي للموسيقى ) ضمن فعاليات مهرجان جبلة الثقافي الأول 2004 / قاعة المركز الثقافي دون كرسي شاغر في أمسيات شعريّة ل ( عباس بيضون – قاسم حداد – نزيه أبو عفش – اسكندر حبش – هالا محمد – منذر مصري – محمد مظلوم – الخ ...

جبلة : نديم محمد / كمال خيربك / أدونيس / نبيل سليمان / وديع اسمندر / حسن م يوسف / عماد جنيدي / جمانة طه / ملك حاج عبيد / أنيسة عبود / هاشم صالح / حسن صقر/ حسن أحمد/ محمد عضيمة/ وفيق خنسة/ سمر يزبك/ سليم عبود/ هنادي زرقة/ حسين عجيب/ أسامة اسبر/ فرات اسبر/ نبيل صالح /عهد فاضل/ ناظم مهنا /عيسى إسماعيل/حسين عبد الكريم/ رنا علي/ نضال جديد/ علي عثمان/ مفيد خنسة/ حافظ أحمد شنبرتي /عبد الكريم شعبان/ أيمن معروف / أحمد داؤود / فارس حاج جمعة / أحمد اسكندر سليمان / أكثم عبد الحميد / بول صابور / زهير خيربك / فهمي خيربك / ياسر اسكيف / ........

/ سيرة مكتملة لكائن النقص /

بدأ المشغل الثقافي كمحترف للقصّة القصيرة . ويقصد بالاحتراف هنا , التدرب على امتلاك عادة القراءة وتشكيل موقف نقدي . إنّه ببساطة نوع من إعادة التأهيل للذائقة . واتّسعت بعدها دائرة الاهتمام لتطال الرواية والشعر والمقالة والكتاب الفكري .

كان احتكاكي الأوّل مع هذا المشغل عبر دراسة بعنوان ( إعادة إنتاج التخلّف – نزار قبّاني نموذجاً ) وكانت غايتي أن أقدّمها كمحاضرة ضمن البرنامج الثقافي المستمر الذي ترعاه جمعيّة عاديات جبلة والذي يعتبر واحداً من أبرز نشاطاتها .
لكنّ أسباباً لا أستطيع التكهن بها جعلت من اعتلائي المنبر كمحاضر أمراً غير ممكن ( لو حدث لكانت المرّة الأولى في حياتي ) فالدراسة تطرح شكاً صريحاً في الذائقة الجمعيّة وآليات تلقيها , الأمر الذي قد يسبب مشكلة في حال إلقائها . غير أن النزعة الإنسانية العالية للأستاذ ( جهاد جديد ) رئيس الجمعيّة , وقدرته الفائقة على التجاور مع الآخر تركت باب الحلم مفتوحاً أمام تحوّل هذه الدراسة إلى محاضرة ولكن عليها المرور من باب أقلّ اتّساعاً كمرحلة أولى , وكان نقاشها في المشغل الثقافي , حيث اشترك في النقاش ممن أذكرهم , مع حفظ الألقاب : جهاد جديد – علي عمران – ملك حاج عبيد – فائز عطّاف – حسن جنيدي – احمد اسكندر سليمان – حامد سليم – ايراهيم سعيد .....
شكّلت قراءتي للدراسة مجزرة لغوية , وكان أغلب الحاضرين من مدرّسي اللغة العربية . وأثبتّ في تلك الجولة بأنّني محاضر من الطراز السيئ , بل السيئ جداً , أسرع إذ يكون التمهل هو المطلوب , أتوقف أحياناً في منتصف الجملة دون مبرّر , ودونه أجمع ثلاث أو أربع جمل دون توقّف , والأشد فتكا من هذا رحت أرفع المنصوب وأجر المرفوع كأنّني مذيع في التلفزيون أو مسؤول يلقي خطبة .
لن أحاضر إذاً . ولا أعتقد بأن أحداً يحتاج إلى ذلك .
الجديّة , والسوية العالية التي ميّزت النقاش كشفت لي عن جانب خفي من الحياة في هذه المدينة التي لا يزيد عدد سكانها عن المئة ألف . هذه المدينة التي كنت أنسجها كفناً .
وكان أن بدأت التدرّب على حياة مدنية عبر ممارسة مدنية .

/ الظنّ إذ يتداعى /

ظننتني على الدوام ديموقراطياً من الطراز الأوّل , وأكّدت نفسي لنفسي هذا الأمر مراراً , وعلى هذا الوهم عشت طويلاً . كانت المسألة أنّني من يحاكم ادعائي ومن يمنحه المصداقيّة . وفي الحوار على امتداد اللقاءات , وتنوّع المواضيع اكتشفت أن الحوار لم يعن لي سابقاً سوى نوعاً من القبول : قبول الآخر خاضعا ً أو قبول الخضوع له . يستثنى من ذلك حالات شديدة الخصوصيّة .
- كيف لي أن أمسك نفسي عن الاشتباك مع أحدهم إذ يصفني بالغباء لمجرّد أنّني لم أوافقه الرأي على أن ( كارمينا بورانا ) ليست من التراث اليوناني .؟؟؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أبتسم , أن لا أحتجّ بصوت عال حينما يقوّلني أحدهم ما لم أقله ويحاسبني على ما قوّلني إيّاه . ؟؟؟؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أقدّم نقدا ً يحترم العمل الذي بين يدي دون أن أبدو فظّاً وقاسياً , ما دامت الغالبية من الكتّاب يعتقدون بكمال أعمالهم ومكانتها الهامّة في علم الأدب والفكر . ؟؟؟؟
- وكيف لي أن أغيّر نبرة الصوت ( التي هي بعد نفسي خلقي ) كي لا أبدو مستفزّاً وجاهزاً للشجار . ؟؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أسمع شتيمتي معتبراً أنها مجرّد وجهة نظر , رأي ليس إلا . ؟؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أقول لقاصّ بأنه أخطأ تقنياً حينما أوقع بطل قصّته من الطابق السابع أو التاسع لبناء يصفه بأنه يتألف من ثلاث طوابق فقط , دون أن يتهمني هذا القاص بالجهل الفني , ويتّهمني غيره بأنّني أنصّب نفسي وصياً على القاص وأعلمه كيف يكتب . ؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أقول لشاعر بأن نصّه خال من أيّة إلتماعة دون أن يضعني على اللائحة السوداء أو ( سكّة حلب ) ؟؟؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أطالب بوقتي ( حصّتي من الكلام ) حينما يأكله الآخرون , دون أن أبدوا في نظرهم استبدادياً لا أسمح لأحد بالكلام . ؟؟؟؟؟
- وكيف لي أن أقدّم قراءة انطباعية لعمل أدبي على درجة عالية في سلّم القيمة الإبداعية كي لا أتّهم بالاستعراض ونفش الريش .
- وكيف لي أن أرتكب أخطائي وأدلّلها في الارتكاب دون تذمّر الآخرين ومحاولة محوي , ودون كابوس محاكم التفتيش ولمعان أنصال المقاصل . ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- باختصار شديد : كيف لي أن أكون ذاتي دون إلغاء لأحد ودونه من قبل أحد . ؟؟؟؟؟؟؟

هذه الهواجس والتساؤلات كانت أوجاعي كلّما انفضّ لقاء جمعنا في المشغل الثقافي . هواجس وتساؤلات بدأت بالتضاؤل التدريجي تحت ضغط الحاجة للاجتماع والحوار, بل التجاور والحوار , تلك الحاجة التي حسمت أمري على أنها الأهم والأجدر بالتلبية .
لا يمكنني القول بأنها لم تعد هواجسي حتى اليوم , وبعد كلّ حوار . لكنّها أصبحت تمضي بقليل من الألم , القليل الذي ينبيء بأنّه قد يزول , والذي ينبيء أيضاً بأنّني قد أجيد الممارسة المدنية .

جبلة – 7 – 5 – 2005









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح