الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول العدوان الصهيوني على سوريا

عبد الناصر جلاصي
باحث

(Abdennaceur Jelassi)

2013 / 7 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية




قام سلاح الجوّ الصهيوني ليلة 6 مايو/ايار 2013 بعدوان مدمّر على أهداف محدّدة في دمشق و تحديدا في جبل قاسيون شمال دمشق (متازمنة مع قصف سلاح الجوّ الأسدي لجنوب دمشق) إستهدفت مركز بحوث علمية و مخازن أسلحة متطورة بنيت بجهود الشعب السوري. هذا العدوان -و الذي ليس لأي مواطن عربي و أي مناصر للحرية في العالم إلاّ رفضه و الدعوة للردّ عليه- و قد كانت المواقف متباينة سوى من الدول الإمبريالية والقوى الإقليمية في المنطقة والنظام السوري والقوى السياسية في كافة أرجاء الوطن العربي...

الدول الإمبريالية الغربية ظلت متماهية مع نهجها منذ غرس الكيان الصهيوني في خاصرة الوطن العربي أواسط القرن الماضي و تحدثت عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" و تحدثوا "عن حقّ إسرائيل في إستباق الإرهاب" وما إلى ذلك من المواقف المساندة للإرهاب الصهيوني العنصري في حق العرب و هذا أمر مفروغ منه فطبيعي أن يقفوا في صفّ شرطيهم في المنطقة ورأس حربتهم لمزيد تأبيد واقع التجزئة و التبعية و التخلف في بلد العرب, الإمبريالية الصينية لم يبتعد موقفها عن نظيراتها في الغرب و على لسان المتحدثة بإسم خارجيتها تحدثت عن "ضرورة إحترام سيادة الدول" دون أن تسمي الأشياء بمسمياتها مذيّلة خطابها بالترحيب برئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي إمتطى الطائرة في الطريق الى بيكين لزيارة الصين بعد ساعاتين من إنطلاق العدوان الصهيوني. القوى الإقليمية و على راسها إيران و التي طالما صمّت أذاننا و على لسان الخامنائي و قيادات الحرس الثوري أنّ "الردّ سيكون مزلزلا في قلب تلّ أبيب" إذا تجرأ الصهاينة على العدوان على سوريا إكتفت بشجب العدوان و تأييد أحكام إعدام في حق العرب الأحوازيين المناضلين من أجل حقّهم تقرير المصير و تلاعب بأقدار الشعب العراقي عن طريق حكومة العمالة التي قدمت على ظهر الدبابات الأمريكية. تركيا وريثة العثمانيين و وكيلة حلف الناتو في المنطقة (صحبة الكيان الصهيوني) ندّدت بالعدوان وواصلت المحادثات مع الصهاينة حول التعويض لشهداء سفينة مرمرة و لتطبيع العلاقات برعاية قطرية.

شيوخ الإقطاع و الرجعيّة و أعراب النفط واصلوا تدنيهم الأخلاقي و باركوا العدوان عن طريق واجهاتهم الإعلامية. هذا فيم يخصّ الجهات الرسمية و فيم يخص النظام السوري فقد أكّد مرّة أخرى على إستعداده لحرق كل سوريا مقابل أن يظلّ على سدّة الحكم و قد فضح العدوان الصهيوني السافر و الإرهابي كذبة المقاومة و الممانعة التي يتبجح بها هذا النظام الطائفي و التي بإسمها إظطهد و قمع السوريين و دمّر سوريا مما فتح الأبواب على مصراعيها لكل الإرهابيين من جميع أنحاء العالم و لكل الدوائر الإمبريالية لتحويل وجهة الحراك الشعبي الديمقراطي الوطني السوري و أكثر من هذا قام نظام الممانعة لسحب فرقتين على الحدود مع فلسطين المحتلة و توجيهها إلى الساحل السوري لتقتيل الأبرياء في بنياس و قصف بقيّة المناطق المنتفضة براجمات الصواريخ و بالصواريخ طويلة المدى التي دفع السوريون من قوتهم للتحضير للمعركة مع أعداء سوريا سقط بعضها على بعد أقل من كيلومترين من بعض السدود في الفرات وما ينجر عنه من نسف لمدن كاملة في بعض دقائق هذا دون مواصلة آلة التقتيل الأسدية ممثلة في العصابات الأسديّة المسمات سابقا بالجيش العربي السوري و لا بأس أن نذكرّ العديد من النخب العربية التي تحولت لوضعية لحس أجذية هذه العصابات بتاريخها منذ أن وجد الأسد الأب في الحكم و في قيادته فبإيعاز من الرئيس الأمريكي جيرالد فورد (1973-1976) تدخّل هذا الجيش في لبنان و بمباركة من اليمينين المسيحي و الإسلامي لكسر التحالف اليساري اللبناني مع مختلف الفصائل الفلسطينية المسلّحة التي أذاقت الصهاينة الويلات وقتذاك. أمام أعين هذا الجيش مرّ الجيش الصهيوني ذات جوان 1982 و إجتاح بيروت و قتّل اللبنانيين و الفلسطينيين و لم يحرّك ساكنا هذا الجيش الذي و بمعاضدة أداته الطائفية حركة أمل حاصر مخيمات الفلسطينية لعدّة أشهر إظطر فيها الفلسطينيين –الفّارين من جحيم الإرهاب الصهيوني- لأكل القطط و الفئران. هذا الجيش العظيم قاتل تحت اللواء الأمريكو-صهيوني في سنة 1991 ضدّ عراق الصمود و العروبة الى جانب 30 دولة مقابل ضوء أخضر لطرد ميشيل عون من لبنان؟؟؟ ناهيك عن الإرهاب و التقتيل الذي لا يصدقه عقل في حق السوريين و الذي ضمن لقائده مكانا في نادي كبار سفّاحي الإنسانية و الغريب أن كثيرين يراهنون على نظام فاقد للشرعية أجرم في حقّ الأمة العربيّة أكثر من الصهاينة في بعض المحطات من تاريخها. مواقف القوى السياسية لئن إختلفت بين اليمين و اليسار إلا أنها إتفقت في عدم إنحيازها للشعب و لسوريا فالإخوان المسلمون في سوريا ودون إستحياء تحدّثوا عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"؟؟؟ و ترهات من طينة أن السلاح الذي دمّره الصهاينة كان سيوجه لصدور السوريين وهنا و أمام هذه التعاسات التي تجعل مستمعها و قارئها للشعور برغبة بيولوجية في التقيأ و لن يفوتنا تحميل المسؤولية للنظام الفاشي الوحشي الذي تسبب في وجود بعض الظواهر الغريبة عن السوريين من ديمقراطيي الدبّابات و العمالة .

جبهة النصرة كذلك هلّلت بالعدوان و اليوم أصبح واضحا للعيان أن هذه المجموعات التي قد يصّح عليها تسمية عصابات وهابية قد أصبحت عبئا كبيرا على السوريين خاصة مع ممارساتها الوحشية التي لا تبتعد كثيرا عن ممارسات النظام و هذا دون تطييف الثورة (الإخوان المسلمون كذلك يسعون دائما لتطييفها) لتظهر هذه الثورة الشعبية من ثورة وطنية من أجل الشغل و الحرية و الديمقراطية و العيش الكريم إلى ثورة "سنيّة ضدّ نظام علوي" و هو ما حال دون التحاق عديد المناطق وخاصة منها الساحل السوري و ابناء الطائفة العلوية حدّ ذاتهم. هذا دون الممارسات الاستفزازية لبقية الطوائف وحتّى للسوريين السنّة الذين لا يسايرونهم و سوى عن وعي أو دون وعي فهذه العصابات تخدم مصالح أنظمة ريوع النفط – أخر من يتحدّث عن الديمقراطية و الحقوق الإنسان في هذا العالم- و التي ترتعد من الثورات العربية لأنها تعي جيّدا أنها ستجرف عروشها الفاشية و العميلة لذلك تسعى وعن طريق هذه العصابات و لإرعاب بقية الشعوب التي لم تشهد بعد حراكا و لوأد المنجز الثوري السوري و إغراقه في مستنقع إقتتال طائفي و هنا كذلك لن نفوّت و نؤكد أن نظام الأسد هو المتسبب الأول في قدومها خاصة أنها تخدم مصلحة النظام كذلك و تبرر جرائمه الوحشية بدعوة أنه "نظام علماني" يكفل مصالح الأقليات من الحركات التكفيرية.

العديد من القوى التي كانت تساند الثورة السورية – هنا لن نتحدث عن المساندين للنظام منذ انطلاق الثورة بل يهمنا أكثر الذي ظلّوا في صف الثورة لحدود العدوان الصهيوني- أربك بعضها و انتقلت لخندق النظام السوري فتحوّل فجأة إلى نظام عروبي – في السنتين الأخيرتين أفحمنا العديد بمشروع قومي عربيّ وحدوي لكن في أحضان مشروع فارسي توسعي شوفيني يحتل ألاف الكيلومترات المربعة من أراضينا العربية بالحديد و النار- و نظام مقاومة وممانعة لكن اليوم ومنذ 40 عام يحتفظ "بحق الردّ في المكان و الزمان المناسبين" –لو كان بشير الجميّل مكانه لردّ على هذا العدوان- فلو كانت التعلّة الخشية أن يدمّر الصهاينة سوريا الأكيد أنها لن تلحق بها دمارا أكثر من الذي بلغته اليوم بصواريخ النظام و ليس بصواريخ الصهاينة كما نذكّر هؤلاء أنه لا علاقة للثائرين بهذه الغارات فقد سبق للصهاينة و أن استباحوا السيادة السورية ألم تحلق الطائرات الصهيونية فوق القصر الجمهوري في دمشق سنة 2007 ألم يقصفوا و يقتلوا مواطني دير الزور و لم يرد النظام بل و تبجح فقط أن الطائرات كانت على مرمى قوات الدفاع لكنّه "سيحتفظ بحق الردّ" إذا لم يطرأ أي تغيير و بالعكس من المفروض أن يقتنع هؤلاء أكثر أن هذا النظام ممانع فقط في الإنصات للسوريين فأي تحضير يظلّ أكثر من 40 عام (ثلثي عمر المؤسسة الصهيونية المسمّاة إسرائيل) فالعديد اليوم بعد هذا العدوان ضيّعوا بوصلتهم و نسوا دروسهم بعضهم نسي أن الإستمعار لم يخرج أصلا من الوطن العربي ليطلقوا صفّارات إنذار عودته و نسوا أن الإقليمية الرجعية لها مصالح مشتركة مع الصهاينة و الإمبريالية لنهب هذا الشعب و تأبيد واقع التجزئة و أن توحيد بلاد العرب و تحرير فلسطين لن يتم إلا بمقدرات قومية و أن الصامتين عن الإستبداد هم المستبدون في دولة الوحدة (و إن كانت دولة الوحدة لن تقوم على يد هؤولاء الأذكياء) و آخرون نسوا مئات المناضلين البعثيين السوريين الذين اعدموا بتهمة "اليمين المشبوه" لمساندهم للعراق في حربه مع إيران و في العدوان الإمبريالي سنة 1991 و نسوا أن نفس من يطبقون أوامر بول بريمر لإجتثاث البعث في العراق يضخون المليارات و الرجال لدعم البعث في سوريا على كلّ نترك ذوي الذاكرة المثقوبة ونواصل نحن لأننا لم نحترف النسيان و نعرف جيّدا أن المشروع القومي لن يعود لحاضنته الشعبية إلا بعد التخلص من الأنظمة العائلية اللصوصية التي قمعت شعوبها باسم الوحدة العربية و تحرير فلسطين و معاداة الإمبريالية فتحولت هذه الشعارات الإنسانية التقدمية إلى نفايات على ألسنهم قد نجد عذرا لجزء من الشعب العربي عندما يكفر بها. كما أننا لن ننخرط أبدا في الجوقة التي تعتبر كلّ الشعب خائنا ووحده معتوه ليبيا أو سفّاح سوريا وطنيين.؟؟ والبعض الأخر أمضوا عقودا وهم ممتعضون من الخمول و الركود الشعبيين و عندما ينتفض هذا الشعب ضدّ الظلم و الفقر و البطالة و الاستبداد لم يكتفي هؤلاء بعدم مساندته بل تخندقوا في صفّ الجلاّد ونسوا كلّ دروس الصراع الطبقي و الإطاحة العنيفة بالنظام و الإئتلاف الطبقية الذي ينهب فائض عمل المفقرين السوريين و أن كل القوى الدولية التي تلوّح برئسها لا يحركها شيئ غير مقاومة ميل الربح نحو الإنخفاض.
ختاما لا يختلف عاقلان في الوضع الكارثي الذي بلغته سوريا من تدمير لبنى تحتية و ما يناهز 100 ألف شهيد من الأبرياء و عربدة أمراء الحرب و عصابات التكفير و الإرهاب و العصابات الطائفية و تدخل كلّ الأجهزة الإستخباراتية العالمية لكن هذه هي الثورات لا يضمن فيها الحياة فقط بل حتى سلامة الأوطان لا تضمن فيها هذه هي الحرية لا ترضى مهرا غير الدماء القانية و أن المتسبب الأول فيم بلغته سوريا و الشعب السوري من وضع مأساوي هو النظام السوري و لن نقدّم الإعتذارات للجلاّدين و ستكون الكلمة الفصل –مثلما تؤكد كلّ التجارب التاريخية- للشعب السوري العظيم كما لن يثنينا الإرهاب اللغوي بربط كلّ من يعارض هذا النظام الطائفي و مساندة الثائرين بالوقوف في صفّ الصهاينة و نهمس في أذنهم أن من يقف في صفّ الصهاينة هو نظام الممانعة الكاذب بتدميره للإنسان العربي السوري و تحركنا قناعة لا تتزحزح أنه لا إنعتاق لهذه الأمة خارج مدخلي المواطنة و المقاومة لإسترجاع الإنسان العربي كما إنّ كلّ ما يحدث منذ 17 ديسمبر 2010 –على هنّاته و انتكاسه في بعض المحطات و محاولات الإلتفاف من الوكلاء الجدد- هو الطريق نحو إسقاط الطغاة و دحر اسيادهم الغزاة و أن هؤولاء الأخيرين و ربيبتهم المنظمة الصهيونية كلّهم إرتباك بعد ما يقارب النصف قرن من الإستقرار و النهب دون إزعاج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام