الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل إلى الفريق السيسي

أماني فؤاد

2013 / 7 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رسالة رقم (1)
تحت وقع أمواج هادرة تتلاطم علي صخور مصر، تُطرح مجموعة من الخواطر والقراءات والمخاوف علي الساحة، تضرب بتشوف وقلق كل مصري يدرك قيمة الوطن وتحديثه.
قراءاتي أوجهها إلي المواطن المصري "عبد الفتاح السيسي" بشخصه ، ثم بصفته القائد العام للقوات المسلحة. قائد وطني تعامل مع لحظة تاريخية حاسمة ومتوترة في التاريخ المصري المعاصر، يملك من مقومات التأثير مايمكّنه من توجيه مسار الديمقراطية الحقيقية إن استطاع.
تحتضن عينيه "مصر" التي تقع الأن تحت بؤرة تشكّل متوترة ومشتعلة، لكنها محورية وفاصلة في تاريخ هذه الأمة، لحظة تسحبنا إلي الماضي السحيق، أو تدفعنا إلي المستقبل، يتمثل الاختيار مابين مجتمع ــ حتي بعد المد الثوري الأخير في 30 يونيوــ يخضع لمواد إعلان دستوري تمت فيه مغازلة تيارات أصولية لا تدرك حقائق التاريخ والتطور، ولا تمثل أغلبية أطياف المجتمع المصري، تسيطر عليها حجية الماضي، عقيدة دينية تعتمد النقل لا العقل والاجتهاد، استنادا علي أنها تُمنح من قوي أعلي، وفسرها سلف صالح ، ثم كف الزمان عن الدوران ، تيارات أصولية تشتبك لديها العقيدة السياسية مع الدينية، والحاكمية فيها لله ، وهي البيئة المثلي لصناعة: الملك أو الديكتاتور أو المرشد أو أية الله أو ما شابه هذا.. مرة أخري .
فيها تضيع قيم حقوق الإنسان والأقليات، وتفرغ فيها مادة المواطنة الموضوعة في الدستور من محتواها علي مستوي التطبيق.
أو اختيار دولة الديمقراطية الشعبية التي تؤمن بعمل البشر وانتاجهم، وقدرة المجتمع علي صنع ذاته وتطويرها، تؤمن بالعلم وتاريخية الظواهر، بالذاتية والكفاءات البشرية المميزة، بحرية الإبداع و التفكير.
نحاور فيك قائدا تخير موقفا وطنيا لمؤازرة الشرعية الشعبية، التي رفضت بأغلبية حاسمة قيادة الأخوان المسلمين والأحزاب الدينية للمشهد السياسي المصري ، فقبض علي لحظة متأججة ومتأرجحة، بين شجاعة اختيار الوطنية والمستقبل ودعمهما، أو المقصلة حالة الفشل لا قدر الله .
سيادة الفريق السيسي يقدر كل مصري موقفك النابع من المسئولية، المتلمس لثورة الغضب التي أمتلأت بها قلوب المصريين وهي لم تزل جنينا تضيق به نفوسهم، ويعبرون عنه قولا وفعلا من خلال الإعلام، ووسائل الرفض كافة من اعتصامات ومظاهرات ومايشبه العصيان المدني أحيانا، شعورك برفض البسطاء والمطحونين من طبقات هذا الشعب لسلطة لا تمتلك مقومات البقاء ولا المستقبل .
نعلم أن مقتضيات المنطق وقرأة المشهد رأسيا لا يمكن أن تعوَل علي حركة "تمرد" وحدها، فهم مجموعة من الشباب الثوري المخلص نعم ، لكنهم لا يمتلكون مقومات تحريك الواقع، ودفعه بهذه القوة إن لم تكن القوات المسلحة المصرية قد قدمت الدعم المعنوي والمادي لهم، قراءة المشهد تقول: أن الموقف القيادي التاريخي نبع أولا: من استشعار نبض الجماهير الرافض ، وتقدير هذا الرفض واستيعاب مسبباته، ثانيا: من التعامل بذكاء حقيقي مع موقف مركب ومعقد، لا تغفل فيه القيادة موازيين القوي الداخلية والخارجية معا ، قوي التيارات والأحزاب السياسية علي اختلاف توجهاتها ، والقوي الدولية الخارجية المعنية بتوازنات منطقة هي الأشد اشتعالا في اللحظة الحاضرة المتشكَلة، ولذا نلمس إستراتيجية إدارتك لمحاور المشهد الكلي من خلال المؤسسات الشرعية المتاحة باتزان منضبط ، ثالثا: كيفيه إدارة تلك الأزمة الوطنية وتقوية ومساندة الشرعية النابعة من الشعب؛ للتحرك من خلال دعم الشباب الثوري، بالتنسيق مع قوي المعارضة الأخري ؛ لتعبر "تمرد" عن نفسها للقوي الداخلية والخارجية معا، حتي لا تنطلق الإدعاءات التي تكاثرت، و تردد حتي الأن مقولة الانقلاب العسكري، ومخالفته لأسس الديمقراطية ، أو رفض الشارع لقوي المعارضة التي تمثلت في جبهة الإنقاذ الوطني وغيرها.
وبناء علي رؤية واضحة لاستحالة استكمال الوطن لمسيرة ثورته، وتحديثه تحت سلطة الجماعة، قدمت القوات المسلحة دعمها الضمني الذي قد يكون متمثلا في: حملات الدعاية المكثفة لحملة تمرد، في الإعلام، وفي توفير المقرات في كافة محافظات مصر ومدنها؛ للتأثير في الواقع الحياتي للبسطاء، دعمها في المشاركة في طبع أكثر من ثلاثين مليون إستمارة، وغيرها من فاعليات كان أبرزها المهلة التي منحت للقوي المختلفة للتوافق. وأتصور أنه بعد الإخفاق الذي منيت به حملة التوقيعات التي دُعي إليها منذ فترة لتولي الجيش إدارة البلاد لمرة أخري، كانت "تمرد" هي الواجهة الشرعية التي تلاقت فيها رغبة الشعب مع الموسسة العسكرية المصرية ، مع القوي الليبرالية والديمقراطية؛ لتصحيح مسار ثورة 25 يناير.
سيادة الفريق لدي المصريين آمالا عريضة كي لا تضيع ثورتهم هباءا، ومعقود عليك: لقيادتك المتزنة لهذة المرحلة، ولشخصك الوطني، أحلاما كبيرة لمصرنا الغالية...
أولها: نحن لا نريد إقصاء فصيل المتأسلمين أو قمعهم، لكن لا مهادنة مع إعلاء دولة القانون، ومحاسبة كل من حرض علي القتل والتكفير لغالبية الشعب المصري، كل من استقوي بالخارج، لفرض شرعية سقطت برغبة الشعب وشرعيته،لا رضوخ لخطاب غوغائي، تدغدغ به الجماعة وحلفائها مشاعر وعقول البسطاء، من تأثر فيهم المقولات العاطفية التي تخلو من المنطق أو العقل، لا توازنات مع تيارات أصولية في وضع وإرساء دستور يليق بمصر وتاريخها، لا تراخي في وضع أسس حقيقية لبناء مصر الحديثة ، التي لا يعقل فيها أن نعيد إجترار الماضي من خلال تشكيل حكومي لا تمثيل فيه للعناصر الممثلة للثورة الحقيقية التي استمدت قوتها من دعمكم...
تلك أول رسائل مواطنة مصرية إليك..
- رسالة رقم (2)
سيادة الفريق : لقد كان اختيارك قاطعا ومتوجها بكليته إلي غالبية الشعب المصري، وهو انتصار للشرعية الحقيقية التي جبَّت شرعية الصناديق المقنَّعة، إضافة إلي سقوطها المدوي نتيجة إنعدام الكفاءة والرؤية.
من المؤكد أن اختياركم للوطن ليس التكريس لدولة عسكرية تعد إمتدادا لدولة ثورة 1952 م، بدلا من دولة دينية احتكرت فيها الجماعة و التيارات الأصولية السلطة، وأقصت منها غالبية المصريين،وهو ما تبدي جليا في كثير من الخطوات التي قمتم بها منذ 30 يونيو، وتسليم الحكم لسلطة وحكومة مدنية نسبيا، تحت مشاورات لا تنقطع معكم، وفقا لمقتضيات المرحلة وضرورة التنسيق؛ لتأمين مصر من أخطار متعددة.
إن مقومات ترسيخ دولة مدنية ديمقراطية تختلف تماما عن مقومات إدارة المؤسسة العسكرية ، الأخيرة يحكمها طاعة الأوامر دون مناقشات تذكر إلا علي مستوي القيادة العليا، ولإسباب معلومة، كلنا يدرك أبعادها الأمنية والاستراتيجية، ويتسق هذا مع طبيعة تكوين المؤسسة العسكرية، والأهداف المنوطة بها.
يتردد في الإعلام الأن إشتراط الولايات المتحدة الأمريكية أن تتم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مصر في غضون سنة، وإلا ستتوقف المساعدات العسكرية، وأنه تحت وقع هذا التهديد، قد يتم الدفع بشخصية قوية شجاعة، ولها خلفية عسكرية ؛ نظرا للهوى المصري في اللحظة الآنية، ولحصد أغلبية أصوات الناخبين، وخوفا من تشرذم القوي المدنية، واستمرارعدم توافقهم علي مرشح وطني يمثلهم ؛ لتاريخ من التناحر والمصالح المتباينة ، شخصية تلتف حولها الغالبية، ولا تترك الفرصة سانحة مرة آخري لقوي الإسلام السياسي، التي لم تزل الأكثر قدرة علي الحشد، خاصة في القري والأرياف والمدن الصغيرة، بما يقدمونه من الرشاوي الانتخابية، واستغلال تأثير خطباء الجوامع والزوايا، في حالة إجراء إنتخابات مبكرة.
وهنا قد يزين لكم الكثيرون أن تستكمل مسيرة ما بدأته من زعامة، وما نلته من تقدير وحب المصريين، وهو للحق نابع من موقف بطولي يحسب لكم.

فاللمصريين تاريخ عريض في آفة تأليه الفرد، ودفعه إلي التحول من ذات بشرية من صفاتها أن تخطأ وتصيب، إلي ذات مقدسة يوحي لها، يحوطها الملائكة ، في حين أننا لا نعرف كنه وجوهر ما يتلبس حكم الفرد، أهي ملائكة تلهم، أم مسُّ من شياطين الغرور، وشهوة السلطة والتحكم، وإقصاء كل فكر مخالف؟!!
لقد كان أحد أهم أسباب سقوط حكم الجماعة والتيارات الدينية، إستنادهم علي حكم الفرد سواء تمثل في المرشد أو إمام الجماعة أو الرئيس، الذي كان دمية يتم تحريكها من قبل مرشد، أو تنظيم عالمي .
تعتمد الدول الحديثة أنظمة ديمقراطية تنحو إلي النظام "البرلماني" أو "البرلماسي" الذي يستند إلي الجموع، وفيه تتقلص سلبيات هيمنة الفرد، وتعد الحرية و المساواة والتعدد، والمواطنة وحقوق الإنسان والأقليات، أهم دعائم نهضة الدول وتقدمها.
التركة ثقيلة ومعقدة للغاية، لكنها تحتاج إنسانا وقائدا زاهدا في الزعامة وسلطة الحكم؛ من أجل إرساء مستقبل حقيقي لمصر يخرجها من هيمنة الفرد إلي براح التعددية ، يعتمد الحكم فيه علي رئيس منتخب مدني يتشارك مع برلمان يمثل الشعب وله فاعليات واسعة .
تتطلب اللحظة الفاصلة المتوترة قائدا، يستطيع أن يتغافل عن أبواق صانعي الزعماء و الحكام المؤلهين من أجل أطماعهم الخاصة .
قائد يُبقي علي مكانته العسكرية، ودوره البطولي التاريخي، ويراعي مصالح الطبقة الرأسمالية المصرية، ومصالح المؤسسة العسكرية المرتبطة بها مرحليا؛ لكن ليس علي عاتق التضحية بمطالب الثورة والجماهير، وذلك لحين وضع رؤية إستراتيجية جذرية؛ لتنمية وتطوير وعي شعبي سياسي ناضج، يعرف واجباته وحقوقه.
ليتك سيادة الفريق تعيد قراءة التجربة الناصرية في ظرفنا الراهن ، حتما أدركت بحسك الوطني الذي عرفناه فيك: أن حس الزعامة بداخل الضابط "جمال عبد الناصر"، مع معطيات أخري قد أقحم مصر في معارك كان من الممكن تجنبها ، كما كان بإمكانه أن يتحول بمصر لدولة ديمقراطية حقيقية، لا دولة تحكمها خرافة المستبد العادل، في أي من صورها المتعددة، وإلي رسالة أخري...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد


.. Socialism 2024 rally




.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة


.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا




.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط