الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الفيدرالية الكردية رعب نووي ؟..

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 5 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


هل المشروع الكردي الفيدرالي المطروح في العراق اليوم والأمس رعب نووي في خطورته وتداعياته حتى يثير كل هذه القلاقل والمخاوف والآراء المتباينة . فمواقف وآراء الشارع العربي من مسألة الفيدرالية وخاصة تلك الكردية المطروحة في العراق تصب كلها في خانة القشعريرة القومية العربية من هذا المولود المنتظر حين يستكمل فضاءاته . بينما لا يعير هذا الشارع العربي أدنى اهتمام لمسألة التسلح الإيراني التي يبدو أنها قضية أمريكية فقط . وأنا متأكد أن الشارع العربي ودول الجوار العراقي سيطالبون عما قريب بمفتشين أمميين كمفتشي الأسلحة للبحث في العقل الكردي وتنظيفه من كل كلمة تنتمي إلى الحقل الفيدرالي وما شابه .
سيناريو تأدية الحكومة العراقية القسم في الجمعية الوطنية وبالشكل الذي تم يفتح أبواب المخاوف . ليس أمام الكرد فقط . بل أمام سائر مكونات العراق الذي يفترض فيه أن يكون جديداً في كل شيء وليس على مستوى الذهنية فقط . وإلا ما الفرق بينه وبين عراق المذابح والتهجير والأجهزة الأمنية السابق . نتمنى أن يكون إشكال القسم هفوة وخطأ عرضياً غير متعمد . وإلا سيكون الحادث بوابة لتراكمات وتفاقمات ونخراً في جدار التحالفات الماراتونية التي لا يريد العراقيون كلهم تكرار فصولها الرتيبة .
ألا يمثل الإصرار الكردي على معرفة المسبب حقاً مشروعاً في سبيل بناء الحياة السياسية العراقية على أسس سليمة وبعيدة عن سياسة الزواريب والأنفاق منذ البدايات وقبل أن تتراكم فواتير الأخطاء على الأطراف . ثم ألا يمثل التنصل والتهرب من عبارة " نظامه الديمقراطي الفيدرالي " في القسم المؤدى من الحكومة الانتقالية برئاسة الجعفري تنصلاً وتهرباً من مستحقات العراق الجديد الذي سيشكل قطعاً سياسياً ومفاهيمياً مع عراق العهود السابقة . ولنقل منذ التأسيس في عشرينيات القرن العشرين وحتى الانهيار التاريخي للنظام السابق .
من حق الجميع البحث عن الضمانات والقلق من تصرفات ربما تسوّق على أنها أخطاء أو هفوات . فالكردي خَبِرَ أكاذيب سياسيي عراق العهود الماضية وما استتبعته عقليات الإقصاء تلك من حروب وثورات أخرّت العراق جملة وتفصيلاً عن قطار التحولات العميقة التي تسرح في العالم طولاً وعرضاً . العراق اليوم في طور وضع حجر الأساس لمشروع دولة حديثة تأخذ بعين الاعتبار احترام حقوق الإنسان والتعامل مع الوضع المستجد بمزيد من العقلانية السياسية المعرفية والتي من شأنها تمتين الجسور بين المكونات العراقية في الداخل وتجسير الهوّات بين العراق والمفاهيم الإنسانية التي لطالما غاب عنها .
لا شك أن العراقيين يستوعبون مآلات الأمور والخيارات . ويدركون أنهم الدينامو المحرك والدافع على إحداث نقلات نوعية . ومن هنا ليس ثمة عراقي يتصدى لإجهاض جنين الدولة الوليد . فالديمقراطية هي الفيصل بين الجميع . ومن هذه النقطة نريد العبور إلى الإشكال الآخر المتمثل بالمواقف المجانية من فيدرالية الكرد . الجميع في العراق وإلى وقت قريب - إن لم نقل إلى الآن - كانوا يحاربون الفيدرالية تحت ذرائع وتسميات كثيرة لا نريد الوقوف عندها وهذا كان قاسماً مشتركاً بين هؤلاء العراقيين ودول الجوار العراقي . ثم بين ليلة وضحاها تغيرت الأحوال وصار المتشددون في مواقفهم من الفيدرالية من دعاتها والمطالبين بها لأنفسهم وللغير . ففي موقع " دار الحياة " يوم 6/5/2005 نقرأ أن " الشيخ فصال الكعود " محافظ الأنبار يرغب في إقامة إقليم فيدرالي تعددي لمناطق غرب العراق تضم محافظات الموصل وتكريت والأنيار . ويقول : " نحن مع الفيدرالية في عراق واحد وإقرارها ضرورة لأنها ستدفع الأقاليم إلى التسابق لتحسين وضعها الاقتصادي والأمني ". وهو يؤيد فيدرالية جنوب العراق ويعتبرها خطوة جريئة تدل على شجاعة أبناء المنطقة . معروف أن العرب كانوا وحتى وقت قريب ينظرون بعين الريبة إلى المطالب الكردية المتمركزة حول الفيدرالية والتعددية . أما أن ينعطف العقل السياسي العربي هذه الانعطافة الهائلة مبارحاً قواعده التاريخية المستندة على لاءاته التاريخية كذلكم الأمر فهو شيء مثير للفرح وباعث على الغبطة . قبل هذا زار وفد من فيدرالية الجنوب العراقي هولير لمشاهدة تجربة الشمال الكردي في الحقل الفيدرالي عن كثب . واليوم يأتي تصريح محافظ الأنبار . والملفت فيما يتعلق بملف الفيدراليات الجديدة التي تولد في العراق أنها لا تثير استياء منظومة دول الجوار التي تفرخ يوما بعد يوم دولا أخرى تجتمع إلى الطاولة وإذا استمر الوضع هكذا لا نستغرب أن تصبح نيوزيلندا من دول الجوار ولا نستغرب أن يمتعض الاسكيمو من ذكر الفيدرالية الكردية في نشرات أخبارهم فربما تشكل هذه الفيدرالية تعدياً على مجالهم الحيوي .
إن الفيدرالية في العراق ضرورة ملحة اليوم وغداً . ويجب الاعتراف بالاختلافات والتباينات بين الشعوب العديدة والتي تقطن داخل الأسوار نفسها . لا يمكن اليوم فتح الأحضان إلى آخرها أمام خرافة العيش المشترك الذي يكون في أغلب حالاته عيشاً مشتركاً إجبارياً برعاية الفروع الأمنية التي ترسم سياسات بلداننا وفاقاً لموازينها ونحن المواطنون إنما كائنات غريبة وكأننا من كوكب آخر . إن أدوار الدولة/ الأمة التي فرضت التناغم والتجانس الإثني والثقافي والديني بغية قيامها على أسس صلبة ومتينة قد ولى وإلى غير رجعة وذلك بفعل مناخات العولمة التي تسبب جزء من عملياتها كثورات الاتصالات والمعرفة التقانية في تصاعد خطاب الاثنيات أينما كانت في العالم . لا مكان في عالمنا الحالي لدولة تقوم على جماعة مهيمنة تهدر كل مرافق الدولة ومؤسساتها وتحول خيراتها إلى مجرد حطب لموقدها . ولكن المشكلة في منطقتنا أن جبرية خلفاء بني أمية لا تزال متسيدة وعلى نطاق واسع . فهذه الشعوب الملقية ومنذ الأزل في إسطبلات الأجهزة المنتهكة للحريات والأنفاس ليس بوسعها التواصل بعمق مع الأبجديات الحديثة والخطاب السياسي العقلاني الذي يفتح آفاق لانهائية أمام حداثية الدولة النافضة نفسها ومؤسساتها من فيروسات القتل والرعب والشمولية المقيتة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت