الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مستويات سياسة الثقافة وأثرها على التنظيم الذاتي للمتلقي

شاكر مجيد الشاهين

2013 / 7 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لعلك تمر من أجل التبضع أو لغرض آخر في ساحة أًم البروم في البصرة ,حيث الضوضاء الصاخبة ,المتعالية بالضجيج الذي تحدثه الأفلام والتسجيلات يعدها اصحاب المحلات حيث تنطلق منها الأصوات الصاكة للسمع والبعيدة كل البعد عن الذوق السليم في الإطلاع الثقافي أو الترفيهي البريء أو المعلوماتي يعتمدها هؤلاء الباعة وسائل فاعلة لجلب المتسوقين لبضاعتهم من افلام لا تحتوي في معظمها غير انواع من التهريج البائس ,ودعاية لمنتجات لا تقترب من بناء إتجاه ثقافي متزن ,خاصة وهي تُعرَض على شريحة الشباب ,هذه الشريحة التي هي بحاجة إلى عناية في إختيار ما ينمّي حاسة التذوق السليم للمعرفة وما لها من أثر إيجابي في بناء شخصية رصينة تعتمد نوعاً من الثقافة لا تخضع للإنتقائية السلبية كما هو حاصل فيما تعرضه هذه المحلات غير الخاضعة للمراقبة والمحاسبة من قبل جهات معنية في أجهزة الدولة ,وحتى الرقابة الشعبية مفقودة والتي يجب أن تثبِّت موقفها من خلال منظمات المجتمع المدني أو إتحاد الكتّاب والأُدباء والجهات الإعلامية المعنية في ترسيخ الأسس الكفيلة لبناء الذوق العام في إختيار النشاطات الإجتماعية التي تربّي وتثقّف الجمهور صعوداٌ به إلى مستوى عال من سياسات ثقافية تعمل على إحراز تطور في التنظيم الذاتي للقارئ والمستمع والمشاهد في كل المجالات الثقافية والتي يجب أن لا تفتقد مزاياها التربوية في منابعنا الإعلامية صوناٌ لإنتقائية تصون التقاليد الحافظة للعدالة الثقافية التي تبدأ بالتعرف على الأشكال الجديدة في المعلومة الهادفة والعاملة على صقل الشخصيات المتهرئة التي تحاول بها جهات كثيرة إلى إضعافها وقتل عنفوانها الشبابي بملهيات ضبابية سقيمة .
إننا بحاجة ماسّة إلى كثافة بالغة للبحث في الزوايا المهبطة لمكوّنات الشخصية الشبابية والتي تأخذ مداراتها المؤثرة ,تكاد أن تبان للباحث البسيط بأنها بريئة وغير قصدية ولها مبرراتها والتي أولها إن ليس هناك بديلاٌ لها في المساعي الثقافية ,الملتزمة ببناء الإتجاهات الإيجابية في تحركات المجتمع وخاصة الشريحة الشبابية منه ,فالمقاهي التي تستجذب الشباب وما يُعرض بها من نشاطات "ثقافية "سواءٌ من أفلام أو ألعاب وممارسة التدخين "الأركيلة " وغيرها لا تستبعد المخدِّرات التي كثيراٌ ما يخفي أصحاب المقاهي وبطرق فنية التعامل بها لإبعاد الشكوك لدى الباحث هذه المقاهي هي بؤر فساد تربوي كان من الأجدى للمسؤولين عن تتبع الوضع الإجتماعي وما يدور في تثبيت هدوئه وإتزانه ومعالجة ما يثير الممارسات السلبية وفق دراسة للأسباب والنتائج ,أن تكون في مواجهة يومية ,رقابةٌ وتوجيه لإنتشال المجاميع الشبابية ,الذين بات إرتيادهم لها يشكل إلتزاماٌ سلبياٌ,حين تتحول ملتقياتهم إلى مراكز ثقافية تثبّت الأفكار والسلوكيات المبيدة لتطلعات معرفية تشحذ الهمم لبناء عالم شبابي مدرك لمهماته اليومية المبنية على التزود بالمعرفة القائدة إلى سلوكية إيجابية بعيدة عن الإحباط والتردد والنكوص كما هو حاصل في كثير من الأجواء العلاقاتية الشبابية اليوم .إن مجالات كثيرة يتبارى إليها الشباب تكون موجعة ومؤلمة للبناء الحيوي لشخصياتهم ومثبطة للجهود التي تبذلها مؤسسات أخرى من أجل حصول رصيد إيجابي لوضع الشباب على السكة السليمة المؤدية إلى بناء مجتمع واع ٍ لمهماته اليومية والمستقبلية .ولما كان "الوجود الإجتماعي يحدِّد الوعي الإجتماعي " كان من اللازم ,حتى نكسب الشباب وعياٌ إجتماعياٌ , متجاوباٌ مع ضرورة دفعهم إلى التمسك به و تبنّي قضاياه ,ليس فيما يخصهم كأفراد وإنما بالتماهي مع الخصوصية الإجتماعية ,كان علينا أن نخلق الأجواء الإجتماعية الطبيعية القائمة على الممارسات ذات الأثر البنّاء لمؤهلات قادرة الإنتاج المتسامي مع الثقافة الرافعة والمؤكدة لمقومات تسرِّع لإنتعاش التكامل والتكافل وسط قيم تتعالى على المهبطات وزوايا التخلف .وإحدى الإستجابات الممكنة والمقربة تماماٌ إزاء حذف التأثيرات السلبية على الشباب ,وحتى المجموع الكلي للمجتمع ,كان الأجدى بالمسؤلين في المجال الإجنماعي العام ,المنشآت الثقافية ,الرسمية والأهلية ,وضمن كل إختصاصاتها الترفيهية أوالتعليمية ,أن يُبذل جهدٌ مرموقٌ في إنتشال كل ما يسبب التردي والتراجع في بناء شخصية الإنسان ,وذلك بخلق البديل المتضمن الأُسس العلمية الكفيلة بإزاحة الإنتقاء السلبي في التربية الإجتماعية مع إحلال التوجيهات السليمة في البناء الإجنماغي وفق برامج مدروسة ومراقَبة بنّاءة من اجل إعتبار العجز في التربية الإجتماعية الحالية هو إستثناء يمكن تجاوزه ,بإحلال مستويات ثقافية يكون للإختيار الصائب سواءٌ للمتلقي أو المربي إمكانية ٌ في خلق ذاتية تقاوم الكساح الثقافي الذي تعمل عليه بعض الجهات الكارهة للثقافة البنّاءة واللاواعية بحق لواقع يحب التخلص منه وإلى الأبد ليحل واقع جديد يتماشى مع المستجدات الحداثية وما ينتجه العقل الواعي ,غير المدجّن لحفنة من افكار تخلفية تخاف النور قابعة بظلامها الدامس .وأليس الإهنمام بالشباب هو أهم الإحداثيات الرئيسية للحياة الإجتماعية الواجب صونها من التلوّث بالموبقات المتخلفة ؟! والتي تخلق التسييجات لإنطلاق وعي الإنسان المتمدن الحديث ؟!
إن هذا يتم بحملات منظمة لتجديد هذه التواجدات الشبابية وفق أُسس تتضمن التربية الإجتماعية ذات المردود الإيجابي غي إنتشال الشباب من الممارسات اللاخلقية واللاصحية ,العاملة على شلّ الإرادة والملحقة الضرر بالفرد والمجتمع ,وهذا الإتجاه في المعالجة يصب في قضية بالغة الأهمية هي في عمق قضايا الحقوق المدنية التي يجب علينا أن تثبيتها في سلوكياتنا المجتمعية ,التي تتطلب حماية من قبل الباحثين والعاملين في منظمات المحتمع المدني و التنظينات المجتمعية الأخرى بالإضافة الى المقررين في الدولة والحكومة كل حسب إختصاصه ,بإعتبار إن هذا التحرك في معالجة ما يجري من خطأ في التعامل الإجتماعي ,هو مجال مهم للمساهمة المدنية التي تفرضها حاجات ملموسة لتنقية كل الأجواء الإجتماعية من إضطراباتها المؤدية الى الإنحدار في القيم الثقافية
يمكن لنا أن نرفع من مستوياتها فيما إذا جعلنا همنا منصباً على خلق البديل في بناء مقومات أساسية تعتمد المساحة الواسعة في النشاط الإجتماعي فلتطلق شَرَرُ أشكال تنظيمية حركية لشبابنا ضمن برامج هادفة ليس من أجل الإحتواء القسري ,وإعاقة وتقليص النشاطات الشبابية لغايات حزبية ضيقة أو إتجاهات مذهبية وطائفية مبتسرة ,وإنما خارج كل السياسات التجزيئية الموّرِّثة للإستبداد .علماٌ إنه لا يمكن ان يحصل أي مجال إصلاح مجتمعي من دون مشاركة وإعتماد على الشباب أنفسهم مع العاملين الآخرين ,للحفاظ على إرتقاء مستويات الثقافة الإجتماعية إلى آفاق لائقة في عملية بناء مجتمع متطور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة