الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبء الزواج المدني فيما لو تم فرضه على المجتمع السوري

راميا محجازي

2013 / 7 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



المدنية كمفهوم تعني الحضارة و التقدم و اتساع العمران و هذا مطلب شرعي و سامي لأي مجتمع يسعى لبناء نهضته و لكن يا ترى هل المدنية بكافة مقاييسها و قوانينها و التي نطالب فيها لسوريا الغد تحمل معاني النهضة حقا أم أنها ستكون وباء على المجتمع السوري بإختلاف مكوناته الأثنية وبالتالي السبب الرئيسي لإنهياره
أنا لن أخوض في المدنية بشكل كامل و ما تحمله من قوانين و ما توجبه من أنظمة و إنما أنا بصدد طرح واحد من القوانين المدنية التي فيما لو طبقت في مجتمعنا ستكون عبئأ عليه لعلنا من خلال هذا الطرح نعي بشكل أكبر و أكثر نضجا مطالبنا و طموحاتنا لدولة المستقبل ونستطيع تنظيم
مجتمعنا بما يناسبه و يتوافق مع معاييره الأساسية التي هي أساس في بناء نهضته .

قانون الزواج المدني : و هو من أحد المطالب التي تحاول أن تفرض و بقوة على لائحة صياغة الدستور المستقبلي لسوريا الغد و التي تنطلق من مطالبنا بسوريا مدنية ديمقراطية حرة تتساوى فيها الحقوق الإنسانية بغض النظر عن الإختلاف في مكونات الشعب السوري وموزاييكه المتميز.

فهل حقا يتناسب مفهوم الزواج المدني مع الشعب السوري بمكوناته المختلفة أم سيكون عبئأ و وباء عليه ؟
دعونا نبدء بلمحة عن الزاوج المدني و بعض بنوده المتفق عليها :
الإنطلاقة كانت من أوربا بحيث كان ثمرة من ثمار إنفصال سيادة الكنيسة عن الدولة و كان ذلك منذ عام 1556 ميلادية و مما شجع الدول الأوروبية عليه هو المشكلات التي كانت تعاني منها المجتمعات الأوروبية في تنظيماتها الإجتماعية و صعوبة و تعقيد القوانين التي كانت تفرضها الكنيسة في أمور الزواج و الطلاق و تشددها مما كان سببا أساسيا في إعاقة حركة تنظيم المجتمع و استقراره .
من الأراء التي كان لها بالغ الأثر و التي خدمت السلطة المدنية في القرن السادس عشر كانت المعارضة التي أعلنا مارتن لوثر ضد نظرة الكنيسة الكاثوليكية للزواج و أعتباره سر من الأسرار السبعة حيث نادى بأن الزواج نظام طبيعي مدني .

نابليون بونبارت كان يعتقد بأن الأنظمة الرجعية فقط هي التي تقيد الزواج بسلطة دينية و بذلك كان من نتائج الثورة الفرنسية تطبيق الزواج المدني بتشجيع من نابليون بونبارت عام 1804 ميلادية .

اليوم و من مطالب الثورة السورية و التي أيضا قامت لإسقاط الأنظمة الرجعية و الديكتاتورية وبناء مجتمع يعتمد على العدالة و المساواة الإنسانية ظهرت مطالب الزواج المدني .
و الذي بعودة بسيطة و بديهية لتاريخه هو فصل سلطة الدين عن الدولة و بالتالي المطالبة بزواج علماني بكامل مقاييسه .
و المطالبة بفصل الدين عن الدولة لربما هو إحتياج أكثر منه مطلب في ثورتنا كونه يجنب مجتمعاتنا ثقافة التكفير و الإنقياد الأعمى وراء بعض المتشديدن من رجال الدين الذين استغلوا ارتباطنا كشعب بالعادات و التقاليد الدينة و طبيعتنا العاطفية للسيطرة على مجتمعنا و أدلجتنا بما يمكنهم من فرض نفوذهم و إشباع نهمهم في التسلط , و مع ذلك كل منا يدرك بأننا كشعب سوري شعب معتدل في طبيعته مهما اختلفت إعتقاداتنا وأدياننا وعباداتنا ومفاهيمنا حول الله والخير و الشر , المجتمع السوري بطبيعته مجتمع محافظ منذ بدء تكونه وقطعا من الصعب عليه التجرد عن أعرافه و معتقداته بسهولة وأي محاولة للعبث فيها ستكون بمثابة عمل تخريبي سيدفع مجتمعنا إلى مشاكل كبيرة ربما هي بعض من المشاكل التي تمزق مجتمعات الدول اللأوروبية .
دعونا نتسائل نحن السوريين بواقعية وجدية كعائلات محافظه من مختلف الطوائف و الأديان من منا سيتقبل الزواج المدني عند تطبيقه بصياغته الغربية ؟ هل يناسبنا إرتداء هذا الحذاء أم أنه سييعق مسيرتنا ؟ .

يقول دعاة الزواج المدني في تبرير مسوغاتهم له بأن تطبيق التشريعات الدينية المتعلقة بالأسرة و غيرها يقف حجر عثرة دون تكوين الوحدة الوطنيه التي هي أساس لنهضة أي دولة و يقولون بأن إلغاء التشريعات الدينية سيؤدي إلى الوحدة الوطنية و التلاحم المرتجى.
يقولون بأن وجود مرجعيات دينية و رعايتها للزواج يحدث إنقاصاً كبيراَ لسلطة الدوله و بأن الزواج سر مقدس و على الدولة كسلطه مدنية أن تتولاه بالتنطيم .

و نحن في سوريا و كشعب يطالب بالديمقراطية و حرية الرأي و التعبير لا يحق لنا أن نصد الآذان و لكن هذا لا يعني إطلاقا بأننا يمكننا أن نتبنى هذا المفهموم أن نتبعه بقالبه الأوروبي فمهما بلغت درجة ثقافتنا و مهما بلغنا من التحرر و التقدم و مهما علت مطالبنا في فصل الدين عن الدولة إلا أننا لا نستطيع فصل الدين عن ثقافتنا و عاداتنا و أيديولوجيتنا
لا يمكننا أن نفصل بين مفهومنا عن حرية الآخر و مفهومنا عن حرية ممارسة طقوسنا و عباداتنا و عاداتنا
و شرائعنا كشعوب محافظة فطريا .

نحن كشعب في أزمة مع الإستبداد و حكم الديكتاتوريات لم نجد حلا أفضل من فصل الدين عن الدولة و خصوصا مع أزمة التكفيريين من جهة و العلمانيين من جهة أخرى و لكننا بحاجة حقا إلى إعادة صياغة لقوانين المدنية التي تناسبنا قبل تبنيها و عدم استهلاكها كمادة علاجية ربما تكون آثارها الجانبية أشد خطرا من علاجاتها

في سوريا علينا صوغ المدنية التي تجمعنا حقا دون أن تقتل أصالتنا و تفكك أسرنا وتمحي جميل قيمنا وتهدم أخلاقنا
أيها السوريون انتفضنا و ثرنا لإسقاط النظم الديكتاتورية الرجعية لا لإسقاط مفاهيمنا الأخلاقية .

دمتم










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي


.. United Nations - To Your Left: Palestine | كمين الأمم المتحد




.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي