الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانجليز يدعمون سيطرة المشايخ

وصفي أحمد

2013 / 7 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


( الحلقة الثامنة )
واهتم الانجليز كذلك بألا يسمحوا بأي اخلال في موازين القوى عبر اضعاف سيطرة المشايخ العشائريين على الأرض . فمثلاً عندما سعى وزير المالية العراقي , سنة 1926 , إلى (( تدمير .. النظام الذي بموجبه كانت تؤجر قطع واسعة من البلاد إلى رؤساء العشائر شبه الإقطاعيين )) في العمارة , استخدم المندوب السامي البريطاني حقه في الرفض (( الفيتو )) .
وفي دعمهم لرؤساء العشائر , لم يكن الانجليز يفكرون بمجرد التوازن ضد الملك ورجاله بل موجه إلى المدن والبلدات , التي كانت هي المراكز الحقيقية لمعارضة الحكم الانجليزي . وكان الانقسام بين أبناء العشائر و أبناء المدن قد تحول إلى ميزة , بل وجرت تقويته بدرجة غير قليلة . و استثنى قانون خاص , هو (( قانون النزاعات الجزائية و المدنية العشائرية )) , رجال العشائر من نطاق سيطرة المحاكم الوطنية ومنح أعرافهم وتقاليدهم صفة الالزام .
ووصل تنفيذ سياسة فصل أبناء العشائر عن ابناء المدن إلى حد التخطيط لايجاد مدرسة داخلية خاصة لأبناء مشايخ العشائر على طراز (( غوردون كوليج )) في الخرطوم أو كليات رؤساء العشائر في الهند .إلا أن هذا المشروع قد جرى التخلي عنه بسبب تكاليفه المالية الباهضة .
وكذلك فقد تم دعم موقع رؤساء العشائر بالوسائل الاقتصادية أيضاً , كما استخدم البريطانيون نظام المعونات و الهبات و الهدايا النقدية لاستمالة شيوخ العشائر .
ولابد من التوضيح أن بنية المشيخة شبه الإقطاعية في عهد الانتداب لم تستمد قوتها من أية حيوية داخلية , بل كانت الحياة تضخ فيها اصطناعياً من قبل قوة خارجية لها مصلحة في ديمومتها .
ولكن إذا كان الانجليز ساهموا في بناء الزعيم العشائري فإنهم في الوقت نفسه ساهموا في تقويضه بشكل غير متعمد , لان مجرد وجودهم كان يعني ضمناً مزيداً من النظام و أمناً اكبر واتصالات أفضل , وكل هذه الامور , إلى جانب أمور أخرى , جعلت الشيخ غير ضروري في أعين الفلاحين .
إذا كانت قوة رؤساء العشائر قد اعتمدت إلى هذا الحد على الوجود الانجليزي , فلماذا لم تتراجع هذه القوة بعد انسحاب الانجليز من السيطرة الداخلية سنة 1932 ؟ للإجابة على هذا السؤال لابد من القاء نظرة على سياسة الحكومة الملكية العراقية .
في العشرينيات و الثلاثينيات من القرن الماضي , كان الملك ورؤساء العشائر متنافسين في الأساس . وكان الأول مثل فكرة المجتمع الموحد , ومثل الآخرون رفض هذه الفكرة ونقيضها . ولهذا فإن نمو سلطة الملك كانت يقضي بضعف موقع المشايخ و الأغوات .
ونظراً لحداثتها , و اصولها غير العراقية , و تبعيتها , فإن الملكية لم تكن في سنواتها المبكرة لا الرهبة ولا المحبة . وكثير من أكبر زعماء العشائر كان قد اقسم يمين الولاء للملك لمجرد الشكل و ارضاءً للانجليز .
وإذا كان الملك ورؤساء العشائر المتنافسين سياسياً بشكل عام , بغض النظر عن التلاقي المؤقت لمصالح فيصل و المشايخ المعادين لبريطانيا وغير المتمتعين بالامتيازات , فكيف يمكن فهم استمرار نفوذ شريحة المشايخ بعد سنة 1932 ؟
في سنة 1932 كانت الحكومة في بغداد لا تزال لا تملك قدرة قتالية ملائمة ,وبالتالي فإنها لم تكن تستطيع التصرف بصورة حاسمة . ولكن في النصف الثاني من الثلاثينات , ومع الزيادة العددية للقوات المسلحة وفي قوتها النارية , انحطت القوة العسكرية للمشايخ في السهول و الأغوات في الجبال . ولكن موقعهم الاقتصادي لم يمس , بل تقوى بشكل ملحوظ في العقدين التاليين .
ومن ناحية أخرى , وعلى الرغم من اشمئزاز (( السادة الملاكين )) الحضريين من القوة العشائرية , فإن البيرقراطيين – الملاكين و الضباط الشريفيين السابقين الذين أصبحوا ملاكين – كانت لهم – باعتبارهم ملاكين – بعض المصالح المشتركة مع مصالح أكبر من حائزي الارض , الذين أفادوهم بقوانين وضعت بالدرجة الأولى لصالحهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات عنيفة بين قوات من الجيش الإسرائيلي وعناصر من الفصائ


.. اقتصاد فرنسا رهين نتائج الانتخابات.. و-اليمين المتطرف- يتصدر




.. كيف نجح اليمين المتطرف في أن يصبح لاعبا أساسيا في الحياة الس


.. الشرطة الكينية تطلق الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من




.. شاهد: تجدد الاحتجاجات في نيروبي والشرطة تفرق المتظاهرين بالغ