الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة السيسي..... تفويض وأشياء أخرى

محمد محمود السيد

2013 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


هو تطورٌ خطير يربك حسابات اللحظة الثورة، ويؤثر على خريطة تداعيات الموجة الثورية في الثلاثين من يونيو. فدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي ربما جاءت لتعيد رسم ملامح حالة الاستقطاب السياسي والمجتمعي التي يعاني منها أبناء الشعب المصري حالياً. فسرعان ما انقسمت العديد من طبقات الشعب إلى فريقين؛ الأول، وينتمي معظمه إلى تيار الإسلام السياسي، رفض دعوة السيسي ورأى فيها مقدمة لعمليات قتل وانتهاك حقوق أبناء تيار الإسلام السياسي ومؤيدي الرئيس المعزول، أما الفريق الثاني فقابل دعوة السيسي بالترحاب، واعتبرها دعوة للتأكيد على شرعية مكتسبات الموجة الثورية في 30 يونيو، بل وذهب إلى أن النزول يوم الجمعة هو فرض على كل مصري يبغي محاربة الإرهاب في مصر.
ولكن قبل أن نصبح جزء من حالة الاستقطاب هذه، وقبل أن ننضم إلى أي ٍ من الفريقين، علينا أن نترك المعاني المباشرة التي يحملها خطاب السيسي ونحاول أن نعي دلالات هذه الدعوة في ذلك التوقيت تحديداً وبهذا الأسلوب، وأن ندرك دلالات ردود الأفعال على دعوة السيسي. وأن نتوقع تداعيات الدعوة.

دلالات حول خطاب السيسي

يمكن القول أن دعوة الفريق السيسي جموع الشعب المصري إلى النزول يوم الجمعة وتفويض الجيش لمحاربة الإرهاب، تحمل دلالات هامة تتخطى المعاني المباشرة لكلمات السيسي، ويمكن تناول تلك الدلالات على النحو التالي:
1. جاء الخطاب ارتجالي باللغة العامية وعاطفي في معظمه، وهي ليس من عادة القادة العسكريين عموماً، وخاصة في مثل تلك المناسبات "حفلات التخرج من الكليات العسكرية".
2. علاقة الأبوية بين الحاكم والشعب التي غالباً ما يشير إليها الحكام الديكتاتوريين في دول العالم الثالث، والتي دأب الرئيس الأسبق مبارك في الإشارة إليها في أكثر من موضع. أشار إليها السيسي في خطابه ولكن في صياغة مختلفة، فأشار إلى كون الجيش هو الأسد والشعب هم أبنائه وذلك حينما قال "الأسد ما يكلش ولاده". وهو تعبير لم يكن متسق مع صيغة الاحترام والعاطفة التي كانت مسيطرة على الخطاب، وبالتالي يمكن اعتبار تلك المقولة هي معتقد مترسخ لدي السيسي حول العلاقة بين الجيش والشعب.
3. يبدو أن السيسي يحاول مغازلة التيار السلفي، ويحاول كذلك تعميق الخلاف بين التيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين، من خلال الحديث عن اجتماعه مع الشيخ الحويني وبعض القيادات السلفية، والذي لم يكمله بذكر توقيت ذلك الاجتماع أو مناسبته، وهو ما يجعل جموع الشعب تظن أن ذلك اللقاء جاء عقب 30 يونيو، وهو الأمر استنكره الشيخ الحويني ونفاه على صفحته الرسمية على الفيس بوك وذكر أن ذلك اللقاء قد عُقد مع الفريق السيسي بصفته رئيس المخابرات الحربية عام 2012 قبل الانتخابات الرئاسية.
4. حاول الفريق السيسي من خلال التفاصيل التي تحدث عنها حول لقاءاته وأحاديثه مع الرئيس السابق محمد مرسي، إظهار تعنت الرئيس السابق وجماعته في حكم البلاد وعدم الاستماع إلى الرأي الأخر. وهو الأمر الذي يحاول السيسي من خلاله التأكيد على شرعية ما قام به من عزل للرئيس السابق، وكذا حاول اكتساب تأييد بعض الفئات التي مازالت تقف على الحياد فيما يتعلق بعزل مرسي.
5. أكدت البيانات السابقة للقوات المسلحة أنها لا تسعى لمناصب سياسية أو السيطرة على حكم البلاد وأن ما قامت به من عزل الرئيس السابق لم يكن إلا تلبية لمطالب الشعب، إلا أن ذلك الخطاب وتلك الدعوة التي أطلقها السيسي في ظل وجود رئيس مدني مؤقت يدير شئون البلاد، يشير إلى أن المؤسسة العسكرية تتمتع بنفوذ كبير – إن لم يكن الأكبر - في إدارة البلاد ورسم ملامح المشهد السياسي في الوقت الراهن. وجاءت جملة "تحملوا المسئولية معيّ ومع جيشكم ومع الشرطة" لتوحي بأن المتحدث هو رئيس الجمهورية وليس القائد العام للقوات المسلحة فحسب.
6. جاءت دعوة السيسي للنزول إلى الميادين يوم الجمعة لتمنح المؤسسة العسكرية الشرعية فيما قامت به من إجراءات وما سوف تقوم به، وذلك في مواجهة المجتمع الدولي، لتوضح أن معارضة المجتمع الدولي لإجراءات الجيش إنما هي معارضة لإرادة الشعب المصري.
7. إن دعوة السيسي بصفته الشخصية لنزول المصريين إلى الميادين يوم الجمعة، وليس من خلال مؤسسة الرئاسة أو بعض القوى الثورية مثل حركة "تمرد"، في ظل وجود تفاهمات واضحة للمؤسسة العسكرية مع كلاهما، قد يشير إلى رغبة السيسي في اختبار شعبيته في الشارع المصري، وهو الأمر الذي يتسق مع ظهور بعض التسريبات من داخل المؤسسة العسكرية حول احتمال ترشح الفريق السيسي للرئاسة، وهو ما نفته المؤسسة العسكرية بعد ذلك، الأمر الذي فسره بعض المحللين بأنه عملية جس نبض للشارع المصري.

دلالات حول ردود الأفعال على خطاب السيسي

أثارت ردود أفعال بعض الأحزاب والقوى الثورية على خطاب السيسي عدة دلالات، يمكن رصدها كالتالي:
1. على الرغم من الطابع الثوري الذي أضفته على نفسها حركة "تمرد" منذ تأسيسها إلا أنها لم تبلور رد فعل يتناسب مع ذلك الطابع الثوري حول التشكيل الأخير لحكومة الببلاوي، وهو التشكيل الذي لم يُرضي العديد من القوى الثورية في ظل الإبقاء على عدد كبير من وزراء حكومة هشام قنديل بالإضافة إلى الاستعانة بوزير للطيران كان متهم في قضية كسب غير مشروع، وكذا الاستعانة بوزير للنقل قدم استقالته من نفس المنصب عام 2002 عقب كارثة قطار الصعيد. وبالإضافة إلى ما سبق فقد أتى موقف حركة تمرد من تأييد دعوة الفريق السيسي لتشير إلى احتمال وجود تفاهمات مشتركة بين قادة الحركة والمؤسسة العسكرية.
2. جاء تأييد دعوة الفريق السيسي من قبل بعض الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات بهذه السرعة، ليشير إلى أن تلك الأحزاب والقوى ربما كانت على علم مسبق بتلك الدعوة قبل الخطاب، وذلك من خلال تحركات سبقت الخطاب، قامت بها المؤسسة العسكرية لحشد التأييد لهذه الدعوة.

ماذا بعد النزول إلى الميادين؟

ربما أن تلك الدلالات التي تناولتها السطور السابقة تفضي إلى نتائج منطقية لما بعد يوم الجمعة القادم، وهي كالأتي:
1. زيادة حدة الاستقطاب في الشارع المصري وبشدة.
2. لجوء الجيش والشرطة في أعقاب يوم الجمعة إلى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة، وهو الأمر الذي قد يحمل في طياته نتائج كارثية على مستوى الضحايا والمصابين.
3. زيادة حالات العنف والإرهاب في العديد من أرجاء البلاد.
4. تضاؤل فرص تحقيق أي مصالحة وطنية شاملة في الفترة القادمة.

وفي الختام، لابد من الإشارة إلى أن ارتباك الحسابات والقرارات المنفردة وتأخر المصالحة وزيادة الاستقطاب وتورط الجيش في السياسة، هي مجموعة من العوامل التي تنذر بمزيد من التعقد على الساحة السياسية وتهدد مكتسبات الموجة الثورية في 30 يونيو "إن وجدت"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح