الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-لا عسكر لا اخوان الحرّية في الميزان -

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2013 / 7 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"لا عسكر لا اخوان الحرّية في الميزان "
الأخطاء في مصر تتناسخ وتتوالد كنتيجة طبيعيّة لانتهاج خيار فرض سياسة الأمر الواقع ، لغياب برنامج سياسي ديمقراطي وثوري واضح المعالم ويوحّد القوى المدنيّة الديمقراطيّة لانجاح مسار الانتقال الديمقراطي في مصر ،وهو ما سمح للمؤسّسة العسكريّة ( وخاصّة باروناتها المنتشرين في كلّ مفاصل الدولة والاقتصاد المصري ) بالتجرّء على ممارسة السياسة والتدخّل في الشان العام بشكل سافر وعلني ، فبعد ازاحة رئيس وتولية آخر ،هاهي القوّات المسلّحة المصرية بزعامة السيسي تدعوا الى منحها تفويضا شعبيا ؟؟!!! باسم مواجهة الارهاب وتطلب من المواطن المصري النزول الى الشّارع للتظاهر ومنحها شرعيّة التحرّك !!!! انّ الاوضاع في مصر متوتّرة وخطيرة حقّا وتهدّد سلامة المسار الثوري وتستوجب تحرّكات ومواقف تاريخيّة من جميع القوى هذا لا جدال فيه ،ولكنّ تحرّكات السيسي تزيد الأمور ريبة وتضيف الى الخطر خطر تغوّل القوّات المسلّحة واقامة ديكتاتوريّة عسكريّة عاتية تحت يافطة التفويض الشعبي ،انّ على القوى الديمقراطية والثوريّة سحب بساط العمليّة السياسيّة من يد المؤسّسة العسكريّة والتصدي لمحاولاتها بكلّ الطرق ، واعادتها الى حجمها ودورها المفترض في دولة مؤسّساتية وديمقراطيّة وهو حماية البلد من التدخّل الاجنبي والعمل على حماية الامن القومي بالتعاون مع مختلف اجهزة الدولة الأخرى وفق القانون واحترام التعاقد الاجتماعي القائم ،على ان يتمّ كلّ ذلك تحت السلطة السياسيّة للدولة المدنيّة وفي اوضاع الانتقال وفق خارطة طريق سياسيّة واضحة المعالم تسلّم فيها القوّات المسلّحة النظاميّة او أي من التشكيلات العسكريّة وشبه العسكريّة بكونها جهاز لاحق للمسار السياسي وقواه المختلفة وانّها لا يجب ان ترتدي بأي شكل من الاشكال عباءة التفويض او التمثيل الشعبي ، فالدول الفاشيّة تمرّ عبر هذا الطريق الذي يحتكر السّلاح في يد مؤسّسة تمارس به السياسة لانتزاع التفويض الشعبي ومن ثمّة احتكاره ، ولذا فانّ على كلّ القوى الحيّة وخاصّة منها الشبابيّة الثورية في مصر ان تعي انّ معركة الديمقراطيّة في مفترق طرق حاسم وعليها ان تختار عدم الانحياز لاي من من قوى الردّة والديكتاتوريّة وان تحافظ على شعار مركزي يوصّف ويسمّي الخطرين المحدقين بالعمليّة الديمقراطيّة بكلّ وضوح : "لا عسكر لا اخوان الحرّية في الميزان " ،ورغم انّها مهمّة وخيار صعب جدّا في ظلّ التجاذبات والتوتّرات الحادّة في مصر الاّ انّها ربّما تكون الطريق الأسلم لحماية المسار الثوري في مصر وانقاذه من مستنقع قد يكون أكثر بشاعة ممّا هو قائم الآن ، فالصّراع بين مشروعي الديكتاتوريّة المتنازعين على السّاحة المصريّة اليوم بعيد جدّا عن مصالح الشعب المصري التي لن تتحقّق الاّ بوضع اسس دولة مدنيّة قائمة على مؤسّسات تحترم القانون وتستمدّ مشروعية وجودها من "دستور" عقد اجتماعي يعلن بكلّ صراحة المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز ويعطي حيزا كافيا لمسالة عدالة توزيع الثروات بينهم ،ويجعل من الدولة جهازا محايدا في العمليّة السياسيّة يسهر على ضمان التداول السلمي للسلطة وعلى ضمان الحريّات العامّة والفرديّة لكلّ النّاس.
فالسعي للتصدّي لمشروع الدولة الدينيّة لا يجب ان يتحوّل الى هوس !! لا يجب ان يكون منتهى مطالب الشعوب ،ولا يجب ان يتمّ معه التنازل عن أركان الدولة الديمقراطيّة والتفويض !! للأجهزة العسكريّة لتعيث فسادا في الارض والعباد ،فنحن اليوم نشهد موجات متصاعدة من الغضب الشعبي ،من الاستياء من أسلوب الحكم وطريقة ادارة البلاد ونشهد معها تناميا للوعي السياسي لدى الغالبية العضمى من ابناء الشعب ،وهو ليس ذلك الوعي البرجوازي المحدود بالحريّة ،انّه يتعدّاه اشواطا عدّة ،فالعمّال والاجراء والفلّاحون يرفضون التوزيع الغير العادل للثروة ويضربون كلّ يوم من أجل انتزاع حقوقهم وهم في نضالهم هذا يتعلّمون كلّ يوم ان السلطة السياسيّة حتى وان انتخبوها تنتصر اوّل واخيرا لمصالح أصحاب رأس المال ،وهم لذلك ( اي الأجراء والعمّال والكادحين) تعلّموا ان يربطوا بين النضال لتحسين شروط عيشهم وبين العمل السياسي السياسوي الديمقراطي البرجوازي وفي مقابلهم تقف سلطة حاكمة مرتبكة وضعيفة تمثّل طبقة منقسمة على ذاتها تنهشها المصالح الآنية وكيف ينقذ كلّ منهم نفسه ، ان الظروف التاريخيّة للثورة الاجتماعيّة تنضج يوما تلو آخر وتتعزّز يوما تلو آخر بانتصارات هنا وهناك في كلّ ركن من اركان المعمورة وهي تستلزم نضجا تاريخيا متزامنا في مستوى برامج وتصورّات قيادات الحراك الشعبي واحزابه وفي مستوى تطوير النظريّات الثوريّة ، وامّا الاكتفاء بالحلول السهلة والركون الى قوّة السّلاح عوض الوعي الجماهيري ،والمؤسّسة العسكريّة عوض التنظيمات السياسيّة فانّه يعيق حركة التاريخ وينتزع من الشعب المصري ومن شعوب المنطقة وربّما العالم بأسره المكتسبات والامل القليل التي تحقّقت بعد منذ سقوط نظام بن علي في تونس .
------
محمد نجيب وهيبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.


.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو




.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza


.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع




.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب