الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة على الماضي ؟

رضا كارم
باحث

2013 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كيف تمكن أنصار الشريعة التيار السلفي بشقيه أو شقوقه من التمركز في تونس؟
كيف أصبح واقعنا منشدا بالقهر و الفرض الى تدين جماعي وفق صورة نمطية واحدة موحدة؟
هل كنا فعلا في الطريق المتعرّجة نحو إعادة فحص التراث و مراجعته بالكامل؟
أ لم نعش اللاتدين واقعا و تلمسنا ذلك في يومياتنا؟
هل ثمة وجوه مقارنة بين مخمور يردد الحمدلة و البسملة، و متديّن يردد التكبير قبل مهاجمة إمام لا يُصلى وراءه؟
الإنسان على هذه الأرض،كان له إيمانه . حاصرته الدكتاتورية، فتمكن من التفكير تحت الضغط، و ابتكر مقولة شهيرة: توة نصلي في داري و انا رايض، علاش الشغب هذا كلو؟
كأنه "فقه الضرورة" الذي لم يحتج فقيها، بل احتاج خبرات يومية متراكمة...
يعود دين العصر العباسي الأول الذي فرض الاعتزال بالسيف، أو العصر التالي الذي فرض التسنّن بحد السيف أيضا...
الأخونة و السلفنة و الأشعرة ...إسلامات المؤسسات الرسمية، المتفقة على استنكار و احتقار الإسلام الشعبي.
عادت حركة بني إخوان الفاشية، لتفرض الإسلام المتشنج ، المقاتل، المفارق لعصره، القبل على معارك دونكيشوت بعقل أبو خراء الإفسادي...
يعود المنقضي ليؤسس حلولا للراهن. يعود مصطحبا جبروته و استبداده و أدوات قهره و هيمنته. يؤصلون للمعقد انطلاقا من قديم متهالك مضطرب و مصاب بكل عقد الماضي تلك...حنابلة أو ماليكون: و الصراع متواصل.
و لم يكف ذلك كله، هذه الجبهة الشعبية التي يقودها حمة الهمامي منفردا ، مستبدا فارضا ذاته و القرار على كل الفصائل المتحالفة معه...
عاد حمة الهمامي الى بدايات القرن العشرين، و تشرّب تماما ب"فقه التقاطعات المرحلية" ، و بخطوات الوراء و الأمام، و بضرورة تشييد رأس المال لتوفير البروليتاريا. عادت راضية الى المحاماة لتجمع مئات الملايين و تكدسها لخدمة أجندة حزبها الذي لم تنم له يوما...
حزب العمال يقلب حادثات التاريخ اليومي ، ليجبر العقل الشبابي المتحرر، على الإيمان و التسليم ببرنامج العمل الذي سطره الزعيم ...
مادام لينين قد أتى هذا الصنيع، فإننا فاعلون مثله...
دون أن يكون ذلك نابعا عن محاكاة إديولوجية خطية . إنها فقط موجبات "التنكر السياسي" لتبرير الانقلاب على تلك الإديولوجيا أو ما يسميها كارل مانهايم"اليوطوبيا" ، و الانتقال الى "الإديولوجيا المهيمنة"...إنها عودة الى الماضي ليس لإلهام الحاضر، بل لما هو أشد خطرا بمسافات. إنه إخفاء الخطط الحقيقية عن المتحزبين و التمويه على تلك الخطط، عبر تبرير خطوات سياسية منحرفة عن "أهداف الثورة" و تسميتها "بالتكتيك المرحلي"...
النداء، تلك الصيحة المدوية في سماء رأس المال معلنة عودة التجمعيين عبر جهاز جديد اختار أسماءه بعناية...
نفس المرشحين لقيادة تونس ما بعد بن علي، تونس صخر أو ليلى، عادوا من بلدان إقاماتهم خارج تونس، أو عادوا إلى ذاكرتهم المخابراتية ، و تحلقوا حول قائد انقلاب مدمر للمسار الثوري، و فضيحة 23أكتوبر...
محسن مرزوق،مفترشا البكوش، ملتحفا العكرمي،مستنداالى رضا بلحاج،مرتديا الطاهر بن حسين،مسلما على بعض النساء الديمقراطيات..يودّع موزة القطرية الى فرنسا الاستعمارية و رأس المال،خادما ،مطيعا ،مكلفا ...
الطيب و بشرى ، بلحاج و الباجي، بن تيشة و شوكات، بن حسين و المزوغي...
سموا لي معنيا واحدا بالخبز الحافي و الخبز العاري!
نداء تونس، راحلا الى عصر الاستبداد التأسيسي، ليؤصل للاستبداد كما يراه بعد حين. الى بورقيبة ترتفع العزائم و تنشدّ القراءات المتهافتة القذرة...
بورقيبة الحداثي،حتى و إن كان ارتباطه بفرنسا و بكل مشاريع رأس المال فجا صريحا لا عناد فيه..
بورقيبة الاشتراكي كما صرح الطيب البكوش،يولي احمد بن صالح لتأميم تونس ، قبل أن يورطه في أزمة هيكلية دمرت الفلاحين . اشتراكي حتى و هو يفرض الفرنسية على طفل في الثامنة من العمر.
بورقيبة "الزعيم" حتى عندما صنع دكتاتورية رديئة ظلامية فاسدة.
شاهد الإخوان المسلمين ينبتون في مساجده، و لم يستطع أبدا تحويلهم الى حركة أقلية على هامش المشهد الإنساني العام.
شاهد طغاته يتقلون المئات في 78، و 83، و ظل رغم ذلك رئيسا بالقوة...
هل من هذا العميل يؤصلون للمستقبل؟
و مازالت أفواج صالح بن يوسف ، و جمال عبد الناصر، تتربص بالقادم.
مازالوا لم يدركوا أنهم صالوناتيون بررة، و أن مجالسهم الخاصة تعني فحسب قبورهم اللاحقة.
كلهم يمثل رأس المال بدرجات خنوع متفاوتة.
كلهم باعة تاجروا بدواخل تونس و فجروا إنسانها الذي تشظى بين اللامبالاة ،
و القدرية و الهزيمة...
كل تأصيل ينبني على تماه كامل بين المقدمات و الرهانات و الأدوات.
التبرير أداة و مقدمة و نتيجة.
قولبة الواقع مقدمة و أداة و رهان.
السفسطة مقدمة و نتيجة و آليّة.
إنها عناصر البناء الحزبي في تونس . عناصر متهالكة، قديمة ، مضطربة، و فاسقة.
لا يعني إسقاط الحكومة و حل المجلس التأسيسي و تشكيل حكومة إنقاذ وطنية، شيئا أكثر من تغيير زيوت سيارة ، لتواصل سيرها لأشهر أخرى قليلة، قبل الحاجة الى زيوت جديدة كل مرّة.
سنصل الى منعرج جذري: فإما مواصلة الاعتماد على نفس بنية المأزق ، أو تغيير كلي كامل للسياقات و الوجوه و المهام.
الحكومة الثورية أو أي شكل من أشكال الحكومة ، لا يساوي غير مزيد من المركزية و السيطرة بيد حفنة تتبدل ، و رأس مال لا يفعل.
نحتاج الى حكومات محلية أو برلمانات محلية مشكلة من الأغلبية المسحوقة،
و مدارة من قبلها. نحتاج الى سياسات ترسمها القاعدة و تنفذها القاعدة .
نحتاج مشاركة الجماهير في القرار و الادارة و التفكير و التخطيط...
نحتاج سنوات من الفشل قبل التعلم. نحتاج أرضا محررة من كل استبداد و كل تسلط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خيبة
علقمة منتصر ( 2013 / 7 / 27 - 17:09 )
أعجبني مقالك لكنني عندما وصلت إلى السطور الأخيرة شعرت بالخيبة؟
ماهذا الكلام؟ (نحتاج الى حكومات محلية أو برلمانات محلية مشكلة من الأغلبية المسحوقة، ومدارة من قبلها. نحتاج الى سياسات ترسمها القاعدة و تنفذها القاعدة . نحتاج مشاركة الجماهير في القرار و الادارة و التفكير و التخطيط... )
الاغلبية المسحوقة، الجماهير، القاعدة.. وكل مخلفات الماضي الاستبدادي.
نحتاج فقط إلى دستور عصر ديمقراطي علماني فيه عدد محدود من المواد تنص على حقوق الإنسان وكيفية التداول على السلطة وصلاحيات المسؤول. وهذا لا يفضي إلى حكم (الاغلبية المسحوقة، الجماهير، القاعدة) وإنما إلى حكم الأغبية المنتخبة مع تحول الأقلية إلى معارضة تراقب الحكومات وتنبه الناس إلى أخطائها حتى يمكن أن تكون بديلا حقيقيا لها في الانتخابات القادمة. أما الحديث عن الجماهير المسحوقة الجاهلة المغفلة غالبا المنساقة وراء الشعبويين من كل شاكلة فهو حديث المستبدين الذين يريدون ركوبها ليصلوا إلى السلطة ويبقوا فيها
تحياتي

اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو