الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا وجود لعلاقات تجارية بين المغرب وإسرائيل ... لكن

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 7 / 28
الادارة و الاقتصاد


شدّد مؤخرا وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، عبد القادر عمارة، على أن المغرب ملتزم بالقرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (القرار 2800 لمجلس جامعة الدول العربية الصادر بتاريخ 19-9-1961 ) موضحا أن قطاع التجارة الخارجية "لم يسبق له أن سلم أية رخصة كيفما كان نوعها وطبيعتها"، من أجل استيراد أو تصدير منتوجات من أو إلى الكيان الإسرائيلي.
وقد نفى الوزير وجود أية علاقات تجارية رسمية مباشرة مع الكيان الإسرائيلي، مشيرا أن المغرب لم يسبق له أن أبرم أي اتفاق تجاري ينظم المبادلات التجارية مع هذا الكيان . وأوضح أن نشرات مكتب الصرف، المتضمنة لجميع العمليات التجارية التي يجريها المغرب مع الخارج، خالية تماما من أرقام بخصوص المبادلات المغربية مع الكيان الإسرائيلي، مشيرا أن غياب الأرقام الصادرة من الجهات الرسمية المغربية وكذا انعدام الإطار القانوني المنظم للعلاقات التجارية مع الكيان الإسرائيلي، يؤكد أن السلطات العمومية لا تسمح للتسويق للبضائع الإسرائيلية. إلا أن بعض المصدرين الصهاينة يقومون بخلق قنوات تجارية مستترة غير مباشرة ومعقدة الآليات والعلاقات، ومن الخدع المستعملة إحداث شركات مزدوجة في التراب الأوروبي، من أجل طمس المصدر الأصلي للسلع والحصول على شهادة المنشأ الأوروبي، وبالتالي النفاذ بطريقة ملتوية للسوق المغربية .
ومن المعلوم أنها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها إشكالية العلاقات التجارية المغربية الإسرائيلية، ففي 2008 تمّ إحراج صلاح الدين مزوار، وزير المالية وقتئذ، بهذا الخصوص. فلم يسبق لوزير في الاقتصاد والمالية أن أحرج مثل ما أحرج صلاح الدين مزوار في اللجنة المالية بالبرلمان بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2008. ولم يخلصه من الإحراج إلا استعمال الفيتو، بإشهاره الفصل 53 من الدستور- المقر بحق الحكومة في رفض أي تعديل لا يدخل ضمن صلاحيات البرلمان- وذلك للتصدي لمقترح المعارضة الرامي إلى إضافة إلى مدونة الجمارك والضرائب، العبارة التالية: "يمنع استيراد البضائع والسلع التي يعتبر أصلها أو مصدرها إسرائيل، وفقا لتعريف الفصل 16 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة".
وبالأمس القريب، في خضم الحراك المتعلق بمحاربة التطبيع مع الدولة العبرية، أقرّت عدّة أصوات بأن مظاهر التطبيع مستمرة والتبادل التجاري ارتفعت أرقامه بشكل ملفت خاصة منذ تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد تدبير الشأن العام في ديسمبر 2011. في ذلك الحين أكد المكتب الإسرائيلي للإحصاء، أن المبادلات التجارية بين الكيان الصهيوني والمغرب شهدت ارتفاعا خلال العشر أشهر الأولى من سنة 2012 مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها (2011) ، كما أشارت المعطيات وقتئذ إلى ارتفاع واردات المغرب من الكيان الصهيوني خلال شهر أكتوبر 2012 بحوالي 216 بالمائة مقارنة مع الشهر نفسه من عام 2011، مقابل ارتفاع الصادرات المغربية نحو الكيان الصهيوني بنحو 150 بالمائة، إذ بلغت قيمة الصادرات المغربية إلى الكيان الصهيوني خلال الاشهر العشرة الأولى من سنة 2012، ما مجموعه 42 مليون درهم (5 ملايين دولار) مقابل 27 مليون درهم خلال نفس الفترة من سنة 2011 ، أي بزيادة 54 بالمائة.
هذا علما أن بلادنا قطعت كافة العلاقات الرسمية مع اسرائيل منذ سنة 2000 حين اغلق المغرب مكتب الاتصال المغربي في تل ابيب وطرد الدبلوماسيين الاسرائيليين في مكتب الاتصال الاسرائيلي بالرباط بعد إغلاقه ، إلا ان الأسواق التجارية المغربية ظلت تشهد بين الفينة والأخرى تسريب سلع اسرائيلية كما تصل سلع مغربية إلى الأسواق في فلسطين المحتلة. وآنذاك أيضا نفى عبد القادر اعمارة، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة ، أن تكون وزارته سبق لها أن سلمت أية رخصة، كيفما كان نوعها وطبيعتها، لاستيراد أو تصدير منتوجات من أو إلى الكيان الصهيوني. لكنه أقرّ أن الإحصائيات التجارية المنشورة من طرف الكيان الصهيوني لا تستند على أي عمليات تجارية رسمية مباشرة، وكل تلك الكميات من السلع الواردة في التقرير قد تكون ولجت السوق المغربية بطريقة ملتوية . وفي هذا المضمار دأب خالد السفياني، منسق مجموعة العمل الوطنية لدعم فلسطين، على التأكيد بأن مسؤولية الحكومة والدولة ليس فقط في عدم التطبيع وحتى التشجيع عليه بل دورها أيضا في محاربة كل اشكال التطبيع مهما كان مصدره او القنوات التي يتسرب منها أو الطرق الملتوية المتبعة لتحقيق هذه الغاية. وفي هذا السياق عملت جملة من الفعاليات لاستصدار قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني لسد كل الأبواب .
ولم يعد خاف على أحد أن هناك عدد من الشركات المتواجدة بالمغرب على علاقة وثيقة بشركات إسرائيلية – بشكل أو بآخر- تتحكم فيها طولا وعرضا. ورغم أنه ليس من السهل الكشف عن هذه العلاقة بوضوح، إلا أن هناك بعض الأمثلة البارزة التي تفيد وبامتياز هذا التواجد القوي للمصالح الإسرائيلية بالنسيج الاقتصادي المغربي.
ومن بين هذه الأمثلة البارزة شركة "تاهال" المتخصصة في تكنولوجيا الري الزراعي، وقد ساهمت في إقامة مشاريع بمدينتي بنسليمان ووجدة. كما أنشئت شركة "ريكافيم" سنة 1993 بالمغرب كشركة إسبانية، وهي في الحقيقة فرع لشركة "نيطافيم" الإسرائيلية المتخصصة في التكنولوجيا الفلاحية، قد تم في نفس الفترة إحداث شركة "سوبرومان" المتخصصة في شتائل الموز والطماطم. أما شركة "حيفا شيميكال" المتخصصة في الأسمدة فقد اقتصرت على أن تكون ممثلة من طرف الشركة الفلاحية لسوس. ونفس الشيء بالنسبة لشركة "مارشيم" الممثلة من طرف الأومنيوم الفلاحي لسوس.
و ما هذه سوى أمثلة لشركات بارزة في الصورة، أما المصالح الإسرائيلية الخفية فهي موجودة من خلال الشركات العديدة الأخرى، قائمة رغم عدم ظهورها بالاسم والمسمى.
و من الملاحظ أن القطاعات التي تسجل حضورا بارزا للمصالح الإسرائيلية بالمغرب، هي قطاع الأبناك والخدمات والوساطة وقطاع النقل البحري وقطاعي الفلاحة والسياحة، علما أن هناك اهتماما واضحا في السنوات الأخيرة بالقطاع الفلاحي، ولعل خوصصة أراضي سوجيطا وصوديا، شكلت فرصة للمزيد من التغلغل الإسرائيلي بالقطاع الفلاحي المغربي، بطريقة مستترة.
و من الشركات المغربية التي سبق وأن انفضح أمرها بخصوص ترويج منتوجات إسرائيلية بالأسواق المغربية في مجال التكنولوجيا المتقدمة، شركة " إم.تي.دي.إس" (MTDS)، المتواجدة بالرباط و"أنور تيكنولوجي " (ANNOUR TECHNOLOGIE) المتواجدة بالدار البيضاء، وكلاهما مرتبطتان بالشركة الإسرائيلية "شيك بوانت"
(CHECK POINT)
وقد سبق لإسماعيل العلوي، عندما كان وزيرا للفلاحة، أن اعترف بوجود شركات مغربية تستورد من هولندة والدانمارك منتوجات مصنوعة بالدولة العبرية. وقد لاحظ الكثيرون أن هناك مجموعة من السلع الإسرائيلية في مجال النسيج والفلاحة والطاقة الشمسية، تم جلبها فعلا من إسرائيل وترويجها بالأسواق المغربية، وذلك عبر شركات منها شركة "كروماجين" (CHROMAGEN)، وهي شركة إسرائيلية عابرة للقارات متخصصة في سخانات الماء العاملة بالغاز وفي معدات الطاقة الشمسية.
نعم لا وجود لعلاقات تجارية رسمية بين المغرب وإسرائيل، لأن بلادنا أخذت على عاقتها احترام قرار الجامعة العربية القاضي بمنع أية علاقة بالجانب الإسرائيلي.. وإن كان هناك تبادل تجاري، فالأمر يدخل في نطاق التهريب أو اعتماد أساليب ملتوية، علما أن كل الجهات الرسمية ذات الاختصاص (الوزارات، مكتب الصرف، الجمارك...) ظلت تقر بعدم وجود علاقات تجارية رسمية مع إسرائيل.
وللإشارة التقرير الصادر عن الهيئة الإسرائيلية:
(IEICI: Israël Export and International coopération Institute )
منذ 2005 عن وجود تبادل تجاري بين المغرب وإسرائيل في حدود أقل من مليوني دولار خلال النصف الأول من سنة 2005، بخصوص سنة 2006، أكد هذا التقرير على أن 46 شركة إسرائيلية صدرت إلى المغرب ما قيمته أكثر من مليوني دولار (20 مليون درهما) في النصف الأول من 2006، وبذلك تحقق ارتفاع قدره 23.5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2005. كما أقر هذا التقرير بأن هناك 28 شركة مغربية تعاملت مع شركات إسرائيلية.
وعموما إن مختلف التقارير الاستراتيجية الإسرائيلية توشي أن إسرائيل ظلت تراهن كثيرا على دول المغرب العربي، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية. وقد لعبت الجاليات اليهودية التي استوطنت دول المغرب العربي (لاسيما المغرب)، دورا كبيرا في تحقيق التقارب بين دولتهم العبرية (التي يسعون إلى ترقيتها إلى "دولة يهودية") ودول المغرب العربي، علما أن مجموعة من اليهود ذوي الأصول المغاربية (خصوصا اليهود المغاربة) تولوا مناصب حساسة في الكيان الصهيوني. وهذا ما يفسر طرح المغرب نفسه، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كوسيط في أوج الصراع العربي الإسرائيلي. وفعلا، على مدى سنوات هذا الصراع لعب المغرب أدوارا جوهرية غير معلنة (يمكن الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المغتال، إسحاق رابين، توجه مباشرة عقب توقيعه على اتفاق "غزة – أريحا" إلى الرباط لتقديم الشكر والامتنان للملك الراحل الحسن الثاني). لكن، في واقع الأمر، تراهن إسرائيل على المغرب العربي خصوصا لأسباب اقتصادية وأمنية وجيوسياسية.
فعلى الصعيد الاقتصادي،، تبرز جل الدراسات الإسرائيلية أن أسواق المغرب العربي تستهلك من المنتوجات الصناعية والزراعية ما يفوق 30 مليار دولار (300 مليار درهم) سنويا، وجل هذه المنتوجات تصل إليها من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا والبرتغال، وإسرائيل بإمكانها تزويد مختلف الدول المغاربية بنفس البضائع وبكلفة أقل في حالة تكريس التطبيع مع العالم العربي.
كما أن تقارير سرية إسرائيلية، كشفت عنها بعض الصحف العبرية، أفادت أن إسرائيل تتطلع بشغف كبير إلى اليورانيوم الجزائري الموجود بمنطقة "تاسيلي" جنوب الجزائر.
وتخلص جل الدراسات الإسرائيلية إلى أن الاستهلاك في دول المغرب العربي في توسع مستمر، وسيظل كذلك، باعتبار أن الاقتصاديات المغاربية، في عمومها وجوهرها، ستبقى اقتصاديات استهلاكية على المدى المتوسط والبعيد أيضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاليدونيا الجديدة: كيف ستدفع الدولة فاتورة الخسائر الاقتصادي


.. كيف تؤثر جبهة الإسناد اللبنانية على الإقتصاد الإسرائيلي؟




.. واشنطن تفرض عقوبات اقتصادية على بضائع صينية، ما القطاعات الم


.. وكالة ستاندرد آند بورز تصدر توقعاتها بشأن الاقتصاد المصرى




.. برشلونة يتراجع عن استمرار تشافى ومنافسة بين فليك وكونسيساو ل