الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزعات الديموقراطية(الطفولية)عند المعارضة اليسارية السورية

سامر عبد الحميد

2005 / 5 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يتعرض النظام السوري حالياً إلى سلسلة متلاحقة ومتواصلة من الضغوط الأمريكية،بغية إخراجه من المعادلة الاقليمية،وفرض الأجندة الأمريكية عليه قسراُ،وبأدنى قدر من الخسائر،وعدم تكرار التجربة الأمريكية الدامية والمكلفة في العراق.
وبسبب ضبابية النوايا الأمريكية الحقيقية بشأن النظام السوري،وعدم قدرتنا على قراءتها قراءة صحيحة،فان مستقبل هذا النظام يبدو في غاية الغموض،ومفتوح على كل الاحتمالات والممكنات.
وتأتي على رأس هذه الاحتمالات مسألة سقوط النظام بشكل مفاجئ ودراماتيكي،رغم مايبدو عليه الحال من قدرته على التكيف والاستجابة للقرارات الأمريكية وعلى رأسها القرار 1559،وقدرته الظاهرية على المرونة والانحناء المؤقت للعاصفة الأمريكية والدولية الهائلة.
ومن مظاهر انحنائه تلك،تخفيف قبضته الأمنية على قوى المعارضة وعلى الشارع أيضاً،بغية حشد أكبر قدر من الناس للتضامن معه،ومحاولة الالتفاف على الضغوط عن طريق اطلاق التصريحات عن نيته البدء بالاصلاح السياسي والاجتماعي،وعن نيته تمتين وحدته الوطنية باطلاق الحريات،وحل المشاكل العالقة كمشكلة الأكراد،والمعتقلين السياسيين وغيرها.
تسارع الأحداث وتراخي القبضة الأمنية للنظام،أطلق عاصفة من النقاش والتفاعل عبر كافة الوسائل،وبين كافة الأطياف السياسية والحزبية والثقافية.يمكن اعتبارها (ظاهرة) تحدث للمرة الأولى،إذا استثنينا(ربيع دمشق)القصير في بداية تولي الرئيس بشار للسلطة.
ومع أن هذه الظاهرة تجد تفسيرها في سنوات القمع الطويلة،وعقود المنع ومصادرة الرأي،والتي وجدت في فسحة الحرية اليوم مجالا للتنفس والتنفيس،غير أن ما تخلقه من تشويش وجلبة كاذبة تفوق أضعاف أضعاف مالها من قوة حقيقية ووزن في الشارع،تجعل من معرفة المهام الحقيقية،والأهداف المطلوب التطلع اليها،ضائعة ومغيبة وسط هذا الضجيج الذي لايستند إلى أية ركائز اقتصادية أو جماهيرية على الأرض.وبالتالي يصبح سيل الكتابات الانترنيتية والصحفية،وكل المناظرات والندوات التلفزيونية الفضائية،مجرد زوبعة في فنجان.مالم تتم الاجابة على السؤال الذي يحير الجميع:مالعمل؟!.
فحتى اليوم،ورغم كل هذه الجعجعة،ووسط هذه الزحمة من الأحزاب واللجان والشخصيات المعارضة،لانعرف على وجه الدقة ماذا ومن تمثل هذه الأحزاب المعارضة،وماهي مشاريعها الآنية أو المستقبلية،وفي ضوء أية برامج تهتدي.
هذا من ناحية القوى الديموقراطية وجمهرة المثقفين.
من ناحية أخرى،يبدو تنظيم(الأخوان المسلمين)هو الأكثر وضوحا والأكثر شعبية بين قوى المعارضة،كونه يتكئ إلى منظومة من المفاهيم الأصيلة المتغلغلة في وعي ووجدان الكم الأكبر والساحق من الجماهير السورية المتدينة.وهو الجهة الوحيدة المعارضة التي رغم مامر به من ضربات قاصمة المؤهلة دون غيرها لقيادة الشارع في فترة قادمة، فيما إذا حدث ماليس بالحسبان(أو بالحسبان)وانهار النظام،أو على الأقل غير نفسه تغييرا جذريا وبدأ بتطبيق تعددية انتخابية واسعة..
ويثير هذا الاحتمال هلع قطاعات من المثقفين العلمانيين،والذين يخشون الانتقال من تحت دلف النظام الشمولي السوري،لتحت دلف (الأخوان)!.
غير أن القطاع الأوسع من المعارضة الديموقراطية واليسارية،ليس لديها مثل هذا التخوف.
فالتجمع الديموقراطي(الذي هو تحالف مجموعة من الأحزاب القومية والشيوعية التي فشلت تاريخياً لأسباب ليس هنا مجالها)وقف موقفاً مؤيداً للاخوان ولمواقفهم المعلنة الأخيرة،والتي تعتمد(لفظيا) على احترام التعددية وحرية التعبير والتعاقدية وماشابه.
لجان احياء المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والأحزاب الكردية(بشكل عام)لايختلف موقفها عن موقف التجمع.فهي تعتبر بأن الجميع شركاء في هذا الوطن.ومن حق الجميع المساهمة والمشاركة بالعملية الديموقراطية(المقبلة)وليس من حق أحد مصادرة الرأي الآخر مهما كان.مادام يحترم(لفظياً)حرية وحقوق الآخرين.
الأخوان المسلمون،الذين هم التعبير الملائم تماما عن طبيعة ثقافتنا وعقليتنا وهويتنا المغرقة في التخلف ،يسعدهم كثيراً اللجوء( لتقية)الديموقراطية التي طالما حرّمها فقهاؤهم،واعتبروها معادية للشريعة!!.
أما اليوم ،فقد أصبحوا من أشد الناس مطالبة بالديموقراطية لسبب بسيط:وهو أنهم المستفيدون الوحيدون من أية انتخابات حرة قد تتم في بلد شديد التخلف كبلدنا.
وهكذا،بين مطرقة النظام وسندان الأخوان ،نجد بأن المعارضة قد اختارت أسوأ الخيارين،بنزاهة ديموقراطية مضحكة،متناسين أبسط قواعد التحليل لهذا التنظيم المستند إلى قواعد الهية غير قابلة للنقاش،ولايجوز لأحد مناقشتها أصلاً.ومتناسين أيضاً بأن العقيدة الدينية(وبالأخص الاسلام)لاتحترم أحداً من المخالفين والنصارى والكفار والمشركين والزنادقة،وبالتالي لايجوز لأحد أن يحترمها.والتي في حال تمكنهم من تطبيقها على المجتمع السوري(وسيتمكنون باذن الله وبجهود معارضتنا الملائكية الديموقراطية)عندها فلنستعد لليل أسود طويل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية