الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالحة أم ابتزاز وإرهاب؟

مجدى خليل

2013 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الحديث الذى يدور فى مصر عن المصالحة هو فى معظمه حديث عبثى وخبيث فى نفس الوقت، هل تسمى مصالحة تلك التى تأتى على جثة الدستور والقانون ؟، هل تسمى مصالحة تلك التى توافق على أستمرار العنف الدينى والمليشيات الدينية وبث الكراهية؟، هل مصالحة تلك التى تحافظ على الاحزاب الدينية والشعارات الدينية والهوس الدينى واستخدام المساجد كمنابر سياسية؟، هل مصالحة التى تقام على جثة الدولة المدنية؟، هل مصالحة التى تأتى بالإبتزاز والإرهاب ودماء الضحايا وتخريب الممتلكات واستهداف الأقليات واستخدام المخدوعين كدروع بشرية والتهديد المتواصل بأما أن تتركنى كما كنت وتعيد لى امتيازتى كتنظيم دينى أو ساغرق البلاد فى الفوضى والعنف والخراب؟. أى مصالحة هذه التى تعلن نحن أو الحرب الاهلية،أنها فى الواقع إبتزاز وإرهاب وعقد هدنة مع الشيطان، هل عمليا يمكن عقد هدنة مع الشيطان؟. نعم ولكن لابد أن ينتصر الشيطان فى النهاية لأن الشيطان لا يهدأ ابدا ولا يكف عن التخريب، حدث ذلك من قبل أيام السادات فى مقابل تأمين حكمه ضد اليسار وانتهت بنهاية مأساوية لحكمه. وحدث فى عهد مبارك باقتسام جزء من السلطة السياسية ومن كعكة الفساد مع شيطان التطرف نفسه، مع ترك معظم الكعكة لنظامه وكانت النهاية كارثية عليه وعلى مصر،حيث تمدد التطرف وتوحش وسقط هو سقوطا مذلا.والدرس المستفاد من التجربتين بأنه لا حلول وسط مع الإرهاب والتطرف، والحلول الوسط تعنى انتصار الإرهاب فى النهاية.
هناك بعض من وسطاء جهنم الذين يعرضون على الجيش تحالفا مع الاخوان يحفظ لكلا منهما وضعه ومكانته وامتيازاته، وهذا بالضبط ما حدث فى النموذج الباكستانى حيث يتبادل العسكر مع الإسلاميين المواقع واقتسام الفساد فى لعبة القط والفار،أنتخابات ثم إنقلاب ثم إنتخابات ثم إنقلاب وهكذا،فمثلا فى الفترة 1958-1971 حكم العسكريون: محمد ايوب خان وآغا محمد يحى باكستان، ثم جاء مدنيون إسلاميون حتى انقلب عليهم ضياء الحق عام 1977 واستمر حتى عام 1988، ليحكم بعده الإسلامى نواز شريف ، حتى انقلب عليه برويز مشرف عام 1999 وحكم حتى عام 2008، ليحل محله زوج بناظير بوتو الذى جاء فوزه تعاطفا مع زوجته المغدور بها، ليجئ بعده الإسلامى نواز شريف حاليا. نحن إذن أمام نموذج فاشل لا يمت للديموقراطية ولا للاستقرار بصلة.
وهناك من وسطاء جهنم ممن يشيرون على الجيش بإحلال التحالف مع السلفيين محل الاخوان حتى يستطيع الانتصار على الاخوان فى المعركة، باختصار اصحاب هذه النصيحة الشيطانية يريدون التخلص من نموذج متطرف ومتخلف ليحل محله نموذج أكثر تطرفا وتخلفا سيقود الدولة بالتأكيد إلى الهاوية، وسيتم تقديم تنازلات لهم حتى تغرق الدولة.
وهناك من وسطاء جهنم ممن يشيرون على الجيش بالمزايدة دينيا على الاخوان،باظهار أن قيادة الجيش أكثر تدينا وتقوى وإسلاما من قيادات الاخوان وترجمة ذلك عمليا فى مزيد من الأسلمة على كافة المستويات، ولعل الذين كتبوا الإعلان الدستورى الحالى سلكوا نفس الطريق، وهو طريق كارثى سلكه مبارك وانتصر التطرف عليه فى النهاية بحكم أن الاكثر تطرفا هو الذى ينتصر دائما فى سوق الدولة الدينية.
هناك أيضا من يقول أن قدرنا فى مصر أن نعيش مع قدر من التطرف طالما ظل فى الحدود التى يمكن احتمالها، هذا الرأى الساذج يفترض أن التطرف شئ ساكن، التطرف فى منتهى الديناميكية وينمو بمعدل سريع طالما كانت هناك البيئة الحاضنة له، والتعايش معه بهذه الطريقة يشبه معالجة السرطان باقراص الاسبرين.
هناك رأى آخر يقول أن الدخول فى هذه المعركة فى الوقت الراهن سينتج عنه دماء كثيرة لا تتحملها البلاد فى الوقت الراهن وقد تتحول المواجهة إلى حرب أهلية. فى تقديرى أن هذا الرأى مبالغ فيه جدا،حيث أن الجدية فى التعامل مع التطرف ستقلص بدرجة كبيرة الاستنزاف اليومى الذى يحدث حاليا، علاوة على أن أى تضحيات حاليا هى شئ يسير جدا مقارنة بالضريبة الثقيلة المدفوعة فى ظل وجود هذا التطرف.ان أفضل الفترات التى عاشتها مصر فى هدوء واستقرار وسلام هى تلك السنوات التى تم فيها التعامل فيها بحزم مع هذه التنظيمات المتطرفة، خذ مثلا سنوات إبراهيم عبد الهادى باشا بعد مقتل النقراشى باشا وتعامله بحزم وقوة مع تنظيم الاخوان، ثم السنوات التى اعقبت محاولة اغتيال عبد الناصر عام 1954 وكذلك التى اعقبت إعدام سيد قطب عام 1966. ولم تنعم مصر بهدوء بقدر ما نعمت فى هذه الفترات.
إن موقف الجيش عام 2013 هو أفضل واقوى من موقفه عام 1954، حيث أن أغلبية الشعب المصرى حاليا وراءه عكس عبد الناصر الذى كان فى بداية حكمه وقتها، كما أن الناس رأت بالفعل حكم الاخوان وجربته وذاقت من ويلاته، علاوة على أنه بعد إسقاط هذا النظام الفاشى ظهر الوجه الإرهابى القبيح لهذا التنظيم الذى نادت قياداته بأن عودة مرسى دونها الرقاب،أى أن مرسى فى كفة والشعب المصرى كله فى كفة، مع تهديد وتنفيذ هذا التهديد فيما طالته يداهم من المصريين، بالإضافة إلى تفجير العنف والإرهاب فى سيناء وتهديد الأمن القومى المصرى بشكل خطير وغير مسبوق.
نحن إذن أمام لحظة تاريخية فريدة ربما لا تتكرر مرة أخرى،ومحاولة بعض سماسرة الخراب تضييع هذه الفرصة على مصر هو فى الحقيقة عمل عدائى ضد مستقبل البلد،وعلى الجميع إدراك أن متطلبات القيادة الناجحة فى بعض الفترات الحرجة هى قدرتها على اتخاذ قرارات جريئة مؤلمة من آجل تقليص الخسائر فى المستقبل إلى اقصى مدى. نحن إذن نحتاج إلى قائد ناجح وشجاع يستطيع قراءة التاريخ جيدا والبدء على الفور فى جراحة اجتثاثية للخلايا السرطانية قبل استفحال المرض وعدم القدرة على علاجه،فهل يكون السيسى هو ذلك القائد الشجاع الواعى المدرك لمتطلبات اللحظة؟... نأمل ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بحاجة إلى أتاتورك.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 7 / 29 - 02:54 )
تحية لك أستاذ مجدي.

إن مصر بحاجة الآن إلى أتاتورك مصري، يقتلع الفكر الديني الإسلامي من جذوره في الدولة المصرية، لكي تسير مصر في طريق التقدم، وتلحق بركب الإنسانية،
إن جميع التنظيمات الإسلامية، هي تنظيمات إرهابية، مراوغة، كاذبة، تطلب مطلب، وحين يتحقق تقدم المطلب الثاني، لأنها تعتمد على نموذج مؤسس الإسلام، محمد، في نشر الإسلام، أي نموذج الخطوة خطوة، لحين إسلمة الدولة بكاملها ومن ثم الهجوم على دول العالم.
فمحمد في بداية دعوته قال، لكم دينكم ولي ديني، كذلك الإخوان قالوا إننا جمعية لمساعدة المحتاجين، وكانت زوجة حسن البنا لاتلبس الحجاب، ويقولون نحن نحترم المسيحيين وغيرهم.
وحين أصبح لمحمد أتباع كثر، أسس ميليشيا، وقام بالتعرض للقوافل ونهبها وقتل أفرادها، ومن ثم كفر المسيحيين واليهود وقتلهم،
كذلك الإخوان، ما أن كثروا أسسوا ميليشيا ونهبوا وسرقوا محلات الأقباط، وقتلوا السياسيين،
ولو إستقر الأمر لهم في مصر، لبدأوا بحملة إبادة المسيحيين وغيرهم.
ملخص الكلام، إن تأريخ الإسلام الإجرامي يعيد نفسه،
الحل الوحيد، هو دفن هذا الفكر ومن يؤمن به بقوة السلاح، إنه فكر يعلم البشر على الحقد والقتل .


2 - صفحتين فى كتاب مصر
هانى شاكر ( 2013 / 7 / 29 - 05:37 )

صفحتين فى كتاب مصر
____________

25 يناير ، و 30 يونيو هما أول صفحتين فى كتاب مصر السميك : ألطريق إلى ألحرية . ألطريق وعر، و ألمخاض عسير ...

مصر ألأن تشبه عربة نقل عليها خَمسة أضعاف ألحمولة .. تسير كيلو ثم تترنح وتخبط فى شجرة .. نعدلها .. نذبح ألسائق ألغبى ألذى أرتضى أستلام ألقيادة .. نبحث عن سائق مُغامر جديد ليقود ألعربة ألطائشة ، ونراقب ألعربة حتى ترتطم مرة أخرى ...

لن ينصلح حال ألبلاد حتى تتوصل إلى حل للأنفجار ألسكانى .. و ما يقترن به من فقر وجهل و مرض ..

لا كرامة ولا حرية ولا سلام لبلاد غير قادرة على تغذية وتعليم وطبابة مواطنيها

...

اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و