الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء رباب ماردين 18

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2013 / 7 / 29
الادب والفن


التهديد

قمت لأملأ فنجاني بالقهوة من جديد. رأيت حسام واقفا على الشرفة متكئا على الدرابزين ويطل على الحديقة. خرجت اليه ووقفت بقربه. وحين رآني علت ابتسامة حائرة على شفتيه.
لم يقل شيئا. ظل يتأمل نحو الحديقة والوجوم يغشى ملامحه.
"تبدو شاردا." قلت بغية انتشاله من صمته.
بقيت ملامحه واجمة، صامتة للحظتين، ثم أجاب بهمهمة: "كنت أفكر ..."
"بماذا؟؟"
"بحالي... بالماضي... بالحاضر."
ترددت أن أسأله المزيد. بقيت أنظر اليه وتساؤلاتي تصرخ في وجهه.
ثم التفت اليّ بظرف خفي وقال: "أنت تطلبين دائما أن تعرفي، أليس كذلك؟ قولي لي، هل كنت فضولية طوال حياتك؟"
ابتسمت بشيء من الارتباك وأجبت: "لا. فقط منذ أن جئت الى هنا."
"على كل حال،" قال جادا. "اطمئني. ما أفكر به لا يتعلق برباب."
"ولكني لا أفكر بها في هذه اللحظة."
"إذن لماذا تنظرين إليّ هكذا؟"
"لأنني أهتم بأمرك."
رأيت على وجهه أشد إمارات التعجّب.
"ألا تصدقني؟" سألته.
"لا أرى سببا يجعلك تهتمين بأمري."
"ألست شريكي؟"
"ولكن الأمر لا يتعلق برباب كما قلت لك."
"حسن. إذن، سأعترف لك بشيء. أنا أراك أكثر من شريك."
"أكثر؟"
"أتذكر ذلك اليوم الذي اقترحت لي فيه، في هذا المكان بالضبط، أن نكسر الحاجز ونكون أصدقاء؟"
"نعم، أذكر."
"أحسّ الآن... أننا أصبحنا... أصدقاء."
ابتسم قليلا، وسأل: "وهل تثقين بي؟"
تذكرت تلك الورقة التي وجدتها على سريري وتساءلت في نفسي مرة أخرى: أيُعقل أنه من كتبها؟ ولكنني قلت له: "نعم. أثق بك." ثم سألته: "وأنت؟ هل تثق بي؟"
أومأ لي بعينيه الرماديتين بالإيجاب، وقال بجدية: "نعم."
"أنا سعيدة لسماع ذلك."
"وأنا أكثر."
ابتسمت له وكنت سعيدة بحق أن أكسب ثقته، ذلك أنني عرفت بداخلي كم هو صادق ويرغب مثلي في حل لغز اختفاء رباب.
بعد أن عدنا الى الداخل، كان وسام عائدا الى الغرفة. رأيت على وجهه علامات التعجب وهو يتناوب في النظر إليّ والى أخيه. غادر حسام المكان.
اقتربت منه مبتسمة: "أهلا وسام. ظننت أنك لن تأتي."
سألني وهو يرشقني بعينيه: "أنت... كنت تكلمين حسام؟"
أجبته ببساطة: "نعم. لِم تسأل؟"
وجدته يسحبني الى زاوية الجلوس. "منذ متى تكلمينه؟"
"ماذا تعني؟" سألته بنبرة استفهام.
"أعني أنك لم تكوني تكلمينه من قبل."
"وهل من مانع؟"
"لينة..." قال بانزعاج واضح. "ألم أقل لك أن تبقي بعيدة عنه؟"
"صحيح. ولكنني لا أفهم لِم تطلب مني شيئا كهذا؟!"
"أنت تعلمين أنني أفعل ذلك من أجلك. أنا خائف عليك."
"مم؟"
لم يرد. فسألته: "من أخيك؟"
أجاب بعد تردد: "نعم. من أخي." وكان صوته يعج بالانفعال. ثم استطرد هامسا: "إنه قتل رباب."
"ولكن جثتها لم توجد، فكيف لك أن تكون واثقا من ذلك؟"
تقلصت ملامحه فجأة، وقال باندهاش: "أرى أنك أصبحت في صفه؟!"
"أنا أحاول فقط أن أكون منطقية." أجبت دون الانجراف وراء نبرته.
"لقد تغيرت كثيرا." سمعته يقول. ثم سأل وهو يتفحصني: "ماذا حدث في غيابي؟"
"وماذا يمكن أن يحدث؟"
"لا أعرف. أعرف فقط أنك لم تعودي لينة التي كنت أعرفها."
..............................................................................


بعد ظهر أحد الأيام التالية، حين كنت أتمشى على شاطئ البحر فوجئت برؤية رجلين من بعيد. توقفت وحملقت نحوهما في عجب. إنهما كانا حسام ووسام، وكانا غارقين في حديث جاد أقرب الى الجدال. وبعد دقائق، رأيت وسام يتركه ويسير باتجاهي. وحين لمحني، جمد في مكانه للحظة، ثم خطى نحوي ووقف أمامي.
"ماذا كنت تقول لحسام؟" سألته برقة.
ارتبك قليلا، ثم قال وهو ينتفض ابتسامة: "لا يهم. شأن بين أخوين."
"أهو شيء يخصني؟" سألته بارتياب.
لم يرد.
"إنه يخصني، أليس كذلك؟" قلت باندفاع.
"حسن. لقد نبهته بشأنك."
"نبهته... كيف؟!"
"قلت له ألا يحاول الاقتراب منك."
"ولِم فعلت ذلك؟" سألت بقلق.
"لينة... أنا خائف عليك. إنه وقح وخبيث. لا أثق به. لا أريده أن يزعجك بشيء." قال بمقت.
لم تكن هذه أول مرة أرى فيها نفوره من حسام. فقلت متملقة: "الى هذا الحد أنت حريص عليّ؟"
"أنا مستعد لفعل أي شيء من أجلك، يا عزيزتي. ألم تدركي ذلك حتى الآن؟"
"شكرا جزيلا لك." قلت.
"لا أفعل ذلك لتشكريني. أنت عزيزة علي جدا، يا لينة، وأريدك أن تكوني مرافقتي في حفلتي."
"حفلتك؟"
"نعم. حفلة عيد ميلادي."

في المساء، حين عدت الى غرفتي وفتحت الباب، فوجئت بورقة أمامي على الأرض. انحنيت وتناولتها بسرعة وقرأت:

"ستندمين إن لم تبتعدي عن وسام!"

اجتاحني شعور بالقلق والخوف. هذه الرسالة كانت تهديدا بكل معنى الكلمة. أحدهم كتبها وأدخلها الى غرفتي من تحت الباب، بعد أن بدأت أقفل على غرفتي.
من يكتب لي هذه التهديدات؟! لماذا يريدني ان أبتعد عن وسام بهذه الشدة؟

وبعد يومين، كنت جالسة في كافيتيريا النادي، أطل على مباراة كرة المضرب وأنا احتسي عصيرا باردا. وبعد دقائق، رأيت الكابتن منصور يقترب مني. "مرحبا آنسة مدنية." قال وهو يبتسم ابتسامته العذبة.
"أهلا كابتن منصور. كيف حالك؟" قلت.
أجاب بلطفه المعهود: "جيد. وكيف أنت؟"
"بخير. تفضل بالجلوس."
"شكرا." قال وهو يجلس، وكان واضحا لي أنه يريد مني شيئا ما. طلب لنفسه عصيرا باردا.
رأيته يرفع عينيه اليّ. "أردت ان أسألك،" فتح بقوله. "ماذا جرى لكـ... للآنسة أخشيد؟ لماذا لم تعد تأتي للتدريب؟"
"هه، ألم تعد تأتي؟" تعجبت.
أجاب: "لا. لم أرها منذ فترة طويلة."
استغربت الأمر. سألته: "ألم تعلمك بشيء؟"
هز رأسه نافيا.
"هذا غريب." قلت.
"ظننت أنك ربما تعلمين."
"لا. لم أعلم أصلا أنها توقفت عن التدريب. ربما لم ألتقِ بها كثيرا في الآونة الأخيرة."
"هل حدث شيء؟" سأل باستفهام.
"لا، ولكن، قد تكون مضطربة قليلا لأنهم سيغادرون المنزل عن قريب."
" سيغادرون المنزل؟! الى أين؟"
"الى بيتهم الخاص. ألم تخبرك بذلك؟"
"لا."
"والدها قرر أن الوقت قد حان لينتقلوا للعيش في بيت خاص بهم وهي تستصعب ترك البيت الذي عاشت فيه منذ ولادتها. هذا كل ما في الأمر. ولكن... لماذا لم تخبرك بذلك؟ هل اختلفتما؟"
"اختلفنا؟"
"... أعني، هل حصل شيء بينكما؟"
"وماذا يمكن أن يحصل؟"
"لا أدري. ولكني... ظننت..."
"ماذا؟"
"ظننت أنكما..."
رأيت على وجهه ابتسامة تنم عن الخيبة. أرخى رأسه وقال بصوت هادئ: "لا. لم نكن كذلك." ثم أردف سائلا: "ولِم ظننت ذلك؟"
لم أرغب أن أكشف له أنها أخبرتني بعلاقتهما. قلت وصوتي يرتبك: "لا أدري... ربما كنت مخطئة."
بعد لحظة... مدّ نظره الي وقال ساهما: "أعتقد أن هناك شخص آخر في حياتها."
فوجئت بكلام الكابتن منصور. لماذا قالت لي كلوديا إنهما حبيبين اذن؟! هل كانت تكذب؟

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي