الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قالت شهرزاد

احمد ضحية

2005 / 5 / 10
الادب والفن


... وقالت شهرزاد لشهريار : ( بلغني ان ابراهيم خضر , ككائن جميل ., في لحظة من لحظات الاختمار .. ذات " سكرة " مهولة . ابت نفسه الا ان يهتف بسقوط النرجس والياسمين .. والبنفسج ..).. ارتفع حاجبا شهريار . ثم انحنى عليها ومال . فتهشمت اغصان شجرة " الجهنمية الحمراء " في باحة الدار!وعلا هديل قمرية مغناج في دلال .فتنهدت شهرزاد , وهي تسوي من شأن الازيال , وتسكب رضابا ,من قارورة العطر , يبدد زنخ الحكايا ..
قالت : ( .. وكلف ذلك الهتاف , ابراهيم خضر الطرد دون ادنى احساس بالبطولة . فالتقى كائناته العجيبة , ليتماسك من هول الصفعة ..).. اتسعت عينا شهريار : ( كائناته؟!)..
* نعم . نعم ..الكائن الاول : هو الود الدسيس .. شخص فصامي , مجرثم بالقلق والتوتر . شبق لدرجة انه تجرأ ذات يوم , واستخدم اللغة الحافة , في احدى الغابات ., لحظة ادهشته كائنة مستبدة كالصحراء !.. واذ قمعته اضطر , في ذلك اليوم , الى احضار جوال من البلح , وعلبتين من الخميرة المستوردة , ليداري جوعه ووجعه وهزيمته الفادحة !!..
- الكائن الثاني : الود الصايم . وهو مثقف متحذلق , سليم الطوايا . صافي السريرة تجاه كل ما هو ريفي . علاقته بذاكرة المدينة , يشوبها الغموض والاكفهرار .
اما ثالثة الاثافي المدعو : وائل جني , وتلك الكائنة والتي يقال - والعهدة على ابراهيم خضر - انها حفيدة لاحد المردة , الذين حبسهم سليمان في سواكن , ولكن لخطأ في التحولات الجغرافية , والحركة التيكتونية لطبقات الارض . حدث انتقال من الشرق الى الجزيرة , ففوجيء الناس ذات صباح حذر ب "قلة " _ زعموا فيما بعد , انتمائها للعصر الموردابي _ عندما فضوا ختمها , فوجئوا بالجد الذي تنتسب اليه , هذه "الكائنة الزئبقية/ تجاه كل ما هو مرتب " .والتي لا تخشى في بعثرة الاشياء , وقلبها رأسا على عقب لومة لائم !!.. واحدى غلطات الكائن الاول , انه احتك بها . وعلى الرغم من انه لم يصرح , بنتائج وتفاصيل هذا الاحتكاك , غير المحسوب العواقب , الا ان دلائل المأساة والتأزم , كانت بادية عليه . . لكن ما يثير الريبة اهتمامه الواضح وقتها , ب " ام فتفت " وانسجامه التام مع اغنيات " ندى القلعة " و " دنيا " , ومغازلة المؤخرات العابرة باصرار !!.. ما حدا بخبثاء المدينة , التأكيد , بانها محاولة بائسة للتماسك النفسي . والتوازن , ومداراة الهزائم المتكررة _ التي لم يعد يقوى على احتمالها _ في مواجهة النساء العجيبات !!..
اما الكائنة الخامسة فهي : السلحدارية . فتأة من غير هذا الزمان . تجهل التفاصيل , وتجيد تفصيل البراءة على مقاسها . لكنها رقيقة , ولطيفة . لم تصادف الكائنات سالفة الذكر مثلها في حياتها , المثقلة بالمرارات . كصفحة بيضاء حد الفجيعة , تخط عليها الكائنات , مداعباتها السمجة , وغزلها المحموم . ما يثير حفيظة الراوي .. ويشعل نيران الغيرة في قلب الكائن الاول . المكابد لا شواق عدة .
واثر الحركة التفاعلية , في مجال الكائنات , انتقلت للسلحدارية عدوى الهواجس والظنون والتأزمات , والمثاقفات الجريئة , مع شيء من القلق والتوتر اللازمين لمجال الكائنات . خاصة بعد ان غيروا اسمها , واطلقوا عليها اسم " شهرزاد " تعبيرا عن هوياتهم المحتجزة .. فاصبحت السلحدارية تجتر حزنا قديما , كالذي يثير اشجان اطفال اليسار , ويدفعهم للنضال بالكمنجات والكورال , حتى تتقطع اوتار الذكريات , واوصال الاحلام , تتحول الى اشلاء نبيلة _ يغنونها في ذلك النوع من اغنيات الحزن الغامض , الذي اعاق حركة الثورة والنضال !!.._ اذ يجهشون بالبكاء , وترمي مناضلاتهم الجسورات ب " اللبان " الذي يعلكنه . وينكفئن في مشاهد نضالية مهيبة , لا تقوى الكمنجات , ولا الكورالات على التعبير عنها ..
قال الراوي :
المدهش في الامر , ان السلحدارية هذه . تكونت لديها هواية مدهشة في حفظ الاشعار المأساوية , والاغان الفاجعة . ما اثار اعجاب ارباع المثقفين وانصافهم . والمناضلين المزعومين , المملين . ممن يمشي منهم على بطنه , او على اربع _ كما اكد ابراهيم خضر _ انهم , " سلطوا " عليها احد صغارهم اليافعين , من ذوي الوسامة والجمال , ليصطادها على حين غرة .. قال الراوي :
عندما تجد ابراهيم خضر , يتوسط كائناته كعمدة مهيب , يتلقى شكاوى مواطنيه المزعجين , _الذين يظنون انفسهم شيئا مهما في هذه الحياة_ , في تؤدة وصبر , محتملا سخافاتهم السرية والمعلنة . تكتنفك هالة من الاحباط و" الدبرسة " , التى لا تجد طريقها الى معنويات ود الخضر ابدا !!.. فقد ورث " طولة البال " عن جده الكبير . الذي قطع الفيافي والقفار , ليحط رحاله هنا بالتحديد , لاعتقاده انه سيولد له حفيد يكون له شأن عظيم !.. ولا احد يدري , من اين تسرب اليه هذا الاعتقاد الخفي , ولكن ايا كان الامر , فقد استمر المحتوى المعرفي لعبارة :" شأن عظيم " غامضا ومؤرقا لاسلاف الخضر لعدة قرون !!.. الى ان ظهر في سلالة ذلك الجد , الكائن المدهش : ابراهيم خضر , فغطى بقلبه فضاء الكائنات , واعاد الى الاذهان تاويل تلك النبؤة , وما ظنه من فحواها !!.. واثر خلاف بينه وبين كائنته المفضلة , التي لا يعرف عنها احد شيئا - لتأمينه العالي كزميل ورفيق قديم , لاتزال ذكرى البلاشفة والمناشفة , والمنشقين في مشارق الارض ومغاربها , تؤرقه - اندفع تجاه الطرف الغربي للمدينة , وبكى كما لم تبكي السماء في عهد نوح .
يشير المؤرخين بعد عشرات السنين القادمة , ان النيل تكون له فرع بهذا المكان , اطلق عليه الاهالي عبارة " بحر السماحة " . فاستغلت تلك الكائنة المستبدة الفرصة , وفرضت عليه حصارها . ما جعله يهرول الى الراوي متشكيا ..
العمدة " ابراهيم خضر " يقعي الان خلف كمبيوتر من جيل منقرض , يراسل اصدقاء لا يردون عليه . ويتصور حبيبة " حلم " . ويشرب في اليوم قهوة تكفي لاسبوع . وسجائر تكفي لشهر . ويحتمل التفافات زميلته العانس في المكتب . ووجه رئيسه الكوري القميء , برائحته المميزة . ثم يحمل عذاباته ويمضي الى كائناته , فتداهمه السلحدارية بأزمتها الدورية , اذ يصر اهلها على تزويجها من ابن عمها " .. فيصمت ابراهيم خضر, لفترة طويلة . تثير قلق الراوي , وتحقيقات المؤرخين , حول امر تلك النبؤة المزعومة , للجد الذي جاب الفيافي والغفار , وقطع السباسب والوهاد , ولم يترك مسلكا الا عبره . يسامر النفس في السرى , بحكايات الف ليلة . ويحلم بحفيد يكون له " شأن" ..
ولا يطمئن الراوي الا بعد ان ينسجم ابراهيم خضر , مع ما تسميه الكائنات " اشكالات " و " مواضعات " واضعين الامور موضع مسائلة , مفرغين تأزماتهم التي لا تنتهي ...
بالتناوب الى ان تسكت شهرذاد عن الكلام المباح ...
الخرطوم 2000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل