الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أُعْلِن استقالتي من -الصحافة الأردنية- كلها!

جواد البشيتي

2013 / 7 / 29
الصحافة والاعلام


جواد البشيتي
إنَّ أهمية "التجربة" التي يخوضها المرء تكمن في استفادته، ومدى استفادته، منها؛ وتجربة عملي في جريدة العرب اليوم"، مُذْ أَصدرت الجريدة عددها الأول، عَلَّمَتْني، وفي فصلها الأخير على وجه الخصوص، أنَّها يجب أنْ تكون الأخيرة في الصحافة الأردنية، اليومية والأسبوعية؛ فإنَّ الحماقة بعينها أنْ يخوض المرء التجربة نفسها، مرَّة أخرى، متوقِّعاً نتيجة مختلفة.
ولبوس "الحكمة" الذي أَلْبَسَتْني إيَّاه هذه التجربة لن أخلعه بقولٍ من قبيل "إذا عاد بي الزمن إلى الوراء، إلى اليوم الأوَّل من عملي في الجريدة، كاتباً صحفياً، مع أعمال صحافية أخرى، فلن أعمل فيها"؛ فلولا تجربة عملي في "العرب اليوم"، ولولا فصلها الأخير على وجه الخصوص، لَمَا فَهِمْتُ (الآن) عملي في هذه الجريدة على أنَّه "خطأ كبير" ارتكبته.
بعد اليوم، لن أكون موظَّفاً في أيِّ صحيفة أردنية؛ أكانت يومية أم أسبوعية؛ فاستقالتي هذه، وبمعناها هذا، ليست فحسب من "العرب اليوم"، التي أفسدها ودمَّرها "بائع الشعير"، وإنَّما من الصحافة الأردنية على وجه العموم؛ فـ "حكومات الإصلاح" المتعاقبة، وآخرها حكومة النسور، أنجزت من "الإصلاح" ما يسمح بإعلان الأردن "منطقة خالية من الصحافة والسياسة والفكر"؛ فيا أهل الفكر والقلم أدعوكم إلى تكسير أقلامكم؛ فصحافتنا، والتي هي، في نهجها ورجالها، الواحد وقد تعدَّد، لا تعدو كونها مكاتب إعلامية للسلطة التنفيذية، لا مكان فيها إلاَّ لأقلام تمسك بها أيدٍ مرتجفة، ولا ينطق مدادها إلاَّ بعبارات التسبيح بحمد أولياء النعمة، وأُولي الأمر؛ أمَّا أرباب سياسة الجريدة فَهُمْ جميعاً من حزب "آلو"؛ وهذا "الحزب" يَضُمُ، في عضويته، أقلام وألسنة يسارية وليبرالية وإسلامية وقومية..؛ فـ "المعارَضَة" عندنا ما زالت "وظيفة حكومية"، أيْ يؤدِّيها أناس تربطهم "صلة الدَّم" بالسلطة. لقد رَأَيْتُ "معارضة" تتحوَّل إلى "حكومة"؛ أمَّا "الحكومة التي تتوفَّر على استحداث وخلق معارضة لها من شتَّى ألوان الطيف الفكري والسياسي"، فهذا ما لم أَرَهُ إلاَّ عندنا!
وإنِّي لأملك ألف دليل ودليل على أنَّ كثيراً، وكثيراً جداً، من ذوي الأقلام "الجرئية والشجاعة" في سَبِّ وشتم السلطة هُمْ منها ولها؛ فليس كل ما يلمع ذهباً!
ومع استقالتي من الصحافة الأردنية أُنْهي العمل بـ "صفقة فولتير" مع "الأقوياء في عالم السياسة والمال"؛ وهذه "الصفقة" شرحها صاحبها إذْ قال: "قد يُرغمني الأقوياء في عالم السياسة والمال على عدم قول كل ما أنا مؤمِن به؛ لكنَّ أحداً من هؤلاء لن يُرْغمني على قول ما أنا غير مؤمِن به". لقد انتهت "الصفقة".
لا تُصَدِّقوا أُكذوبة "السلطة الرابعة" المتفرِّعة من أُكذوبة أكبر؛ فالصحافة عندنا ليست "سلطة رابعة"؛ أمَّا وجود أربع سلطات عندنا فهو الأُكذوبة الأكبر.
إنَّ مزيداً من أخبار الفساد في الصحافة الأردنية يُنْشَر ويُذاع الآن؛ فبعد "توضيحات واعترافات جريسات"، جاءت "كشوفات الدرعاوي".
كشف الدرعاوي أنَّ "المالِك الرئيس" لجريدة "العرب اليوم"، الدكتور رجائي المعشر، قال لـ "المدعو جريسات" عندما جاء ليشتريها: هل أنتَ مجنون حتى تشتري هذه الجريدة التي لها ما لها، وعليها ما عليها (أيْ أنَّ أعباء هذه الجريدة تنوء بحملها الجبال)؟
لكنَّ "المغامِر الكبير" إلياس جريسات ضَرَبَ على صدره، قائلاً: إنِّي لها؛ ولسوف أجعلها أكبر وأعظم مما هي الآن. ولَمَّا سمع المعشر من جريسات هذا الكلام قال له: "على بركة الله"، أيْ زوَّجها إيَّاها!
ما أعلمه أنَّ المعشر كان يفخر بـ "العرب اليوم"، ويعتز، ويؤمِن بـ "رسالتها"، وبأهمية وضرورة وجودها؛ فهي جزء من جهود ومساعي "الإصلاح"، وثمرة من ثماره، في آن.
وأعلم، أيضاً، أنَّ المعشر كان يحسب أهمية "العرب اليوم" سياسياً، لا تجارياً، وأنَّه لم يكن في ضائقة مالية تضطَّره إلى التفريط في "العرب اليوم"، أيْ بيعها، وبيعها لعابر السبيل جريسات على وجه الخصوص.
الدرعاوي لم يتكلَّم حتى أسمعه؛ والتكلُّم الذي أعنيه هو أنْ يحيطنا عِلْماً بـ "الأسباب الحقيقية" التي حَمَلَت المعشر على بيع هذه "الرسالة"، وبيعها لشخصٍ لم يكن جديراً بالثقة على ما أشار إلى ذلك الدرعاوي.
إنَّني أدعو الدرعاوي إلى أنْ يُوجِّه "رسالة ثانية إلى الزملاء" يشرح لهم فيها تلك "الأسباب" حتى لا تظل "فكرة (أو فرضية) الصفقة" تستبدُّ بتفكيرنا؛ وإنِّي لمتأكِّد تماماً أنَّ الدكتور رجائي المعشر أقوى مالياً وتجارياً واستثمارياً من أنْ تَحْمِله الأعباء المالية لـ "العرب اليوم" على بيعها.
"الروح الاستعلائية" هي نفسها؛ فها هو الدرعاوي يقول لـ "زملائه" إنَّ "أسماء الثلاثة" هي التي أغرت جريسات بشراء الجريدة؛ فـ "العرب اليوم" هي هؤلاء الثلاثة، وهؤلاء الثلاثة هُمْ "العرب اليوم"!
الدرعاوي يَحْمِل على جريسات لأسباب شتَّى؛ لكن ما أثار دهشتي أنْ يَحْمِل عليه لكونه اخْتَرَع "الرواتب السماوية (للصفوة)" في "العرب اليوم"؛ فهل كان "الثلاثة" يتقاضون "رواتب أرضية وبروليتارية"؟!
ولمَّا استقال "الثلاثة" لم يُكلِّفوا أنفسهم أنْ يُطْلِعوا العاملين في الجريدة على أسباب استقالتهم؛ وكأنهم اختاروا القفز من السفينة التي توشك أنْ تغرق، والنجاة بأنفسهم. وإنَّ أحداً من هؤلاء الثلاثة لا يستطيع إقناعي بأنَّه عانى ما يعانيه اليوم أبناء "العرب اليوم" بعد، وبسبب، تركه الجريدة.
وبعد "الروح الاستعلائية"، تأتي "الروح البطولية"؛ فما أنْ غادر "الثلاثة" الجريدة حتى شرع المالِك الجديد يستبدُّ بالعاملين؛ لقد غاب "القط"، فلعب "الفأر"!
أمَّا ما أضحكني فكان قول الدرعاوي إنَّ جريسات سيَّر الجريدة (وسياستها) بما يخدم "أجندته الشخصية والخاصة"؛ فهل كانت الجريدة في عهدها السابق منزَّهة عن "الأجندات الشخصية والخاصة"؟!
إنَّ الذي نهجه في التعامُل مع "الحقيقة" يقوم على مبدأ "عنزة ولو طارت" هو وحده الذي يجرؤ على إنكار حقيقة أنَّ "أجندة شخصية وخاصة" هي التي كانت تحكم سياسة "العرب اليوم"، وتتحكم فيها، في العهد السابق؛ فـ "إلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الكاتب
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 7 / 29 - 21:07 )
يعني كل هذه الفترة وانت تكتب في العرب اليوم
شيء غريب
ولم الابتعاد او الاعتزال


2 - بركة يا جامع . . (مثل شعبى مصرى)
د/سالم محمد ( 2013 / 7 / 29 - 21:56 )
استاذ جواد . . . الحقيقة ان موقفك الاخير من الثورة المصرية ضد الفاشية الاخوانية و وصفك لهذه الثورة انها انقلاب عسكرى لمجرد تبنى الجيش لمطلب الجماهير و وقوفه فى صف الثورة ، فان الصحافة تكسب كثيرا اذا وجدت لنفسك عملا آخر غير الصحافة ,


3 - لا نستغرب افلاس الجريده
قلم رصاص ( 2013 / 7 / 30 - 12:48 )
الجريدة افلست لان بها كويتب على شاكلتك . لكن معك حق بالنسبة لقرارك انك لن تعمل في الصحافة الاردنيه .. برافو ..مكانك الطبيعي مع كتائب موزه الاعلاميه في قاعدة السيليه .

اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر