الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام السلطوي والوجه الآخر للسقوط

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2013 / 7 / 30
الصحافة والاعلام


الإعلام السلطوي والوجه الآخر للسقوط

يظل الرهان على الإعلام التجاري ، كمن يراهن على صاحب " سوبر ماركت " أن يبيع بضاعته بالمجان . فالإعلام التجاري أو الحر كما يحلو لك أن تسميه ، ما هو إلا وجه مماثل للشركات والمؤسسات الربحية ، التي لا يعنيها سوى الربح ، بأي ثمن وبأي بضاعة مباعة ، طالما أن السوق يستوعب تلك البضائع الرخيصة أو الثمينة المهم فى النهاية ما يحققه صاحب قناة الاتصال من ربح مادي مباشر أو غير مباشر ، كربح سياسي يتحول بفعل التراكب على ظهر السلطة إلى ربح مادي ، ولا لوم على هذه القنوات ، طالما أن هذه طبيعة عملها ، فمن الجنون أن تطالب صاحب " كباريه " أن يقدم اللبن والسواك لرواد المرقص ، ولطالما أيضا أنه لا يوجد فى عالمنا العربي محض منمنمات أخلاقية فى شكل ميثاق شرف إعلامي ، يوازيه مجموعة قوانين فاعلة ، لمن يتعدى تلك الحدود المتعارف عليها فى العالم بأسرة . وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن جميع هذه المحطات رأس ماليه طفيلية . لكن أيضا لا يمكن أن تقنع عاقلا أو مجنونا أن الرأسمالية الوطنية العاملة فى هذا المجال ، تسعى لوجه لله والوطن . فكل الرأسماليات تسعى إلى الربح ، لكن الفارق بين الطفيلي والوطني ، ما هو إلا تحري الحلال والحرام . الغث والثمين . الصادق والكاذب ، ورغم ذلك فالمعيارية هي الربحية حتى وإن كانت المحطة رأسمالية وطنية بالدرجة الأولى . لذا كان الرهان فى تجاوز أزمات أمتنا العربية والنهوض بها ، هو القذف بفكرة الإعلام السلطوي فى مراحيض الفكر الرجعى والثقافة المكتبية ، فلطالما أثبتت تلك النظرية سلبيتها وفشلها فى تحقيق فعل المثاقفة والخروج من الأزمات . نظرا لكفر المتلقي بمحطات أنظمة كفر بها المواطن العربي من مشرق الأرض إلى مغربها . فالإعلام السلطوي فى أبسط تعريف له : هو تلك الوسائل التي تنطق بلسان حال الحكومات بغض النظر عن صواب الرسالة أو خطئها . فمن علوج الصحاف وزير إعلام بغداد زمن الحرب إلى ركوب العقيد القذافي رحمه الله فى توك توك ، وحتى الهجوم على الحرس الجمهوري المصري وأحاديث اعتصام ميدان رابعة العدوية ، لم يلب الإعلام السلطوي رغبات عقل المتلقي العربي ، الذي ذهب إلى القنوات الخاصة فى الوطن وخارجه ، وراح بين التشتيت والتشكيك ، لأنه لا يملك مقدار خردلة من ثقة فى إعلامه الوطني . ذلك الإعلام الذي ترك المحطات الغربية تزور الحقائق كيفما شاءت ، كي تقنع الناخب الغربي ، بأن الملايين التي خرجت فى يونيو من هذا العام تطالب برحيل رئيس مصر محمد مرسي ، على أنها ملايين تؤيد وتدعم المعزول شعبيا ، كمحطات الس إن إن . وفرانس 24 والجزيرة وغيرهم من المحطات التخابرية ، ووقف الإعلام التجاري المصري والسلطوي عاجزين أمام هذه الممارسات المقلوبة ، ولم يسعهم إلا سباب تلك المحطات والصراخ كالعجائز دون وجود حلول جذرية لمواجهة أزمة تكاد أن تعصف بمصر وكيانها وتدخلها فى حرب أهلية ، إذا ما استطاعت المحطات المخابراتية كسب عطف وتأييد الناخبين الغربيين ، كمقدمة لإتخاذ قرار من الأمم المتحدة بالتدخل العسكري فى مصر . فهذا العجز الإعلامي إن دل على شئ ، فلا يدل إلا شلل تام فى إدارة المنظومة الإعلامية المصرية والعربية فى مواجهة المنظومة الغربية المنظمة والمقنعة لشعوبها . فلا أمل لنا إلا بالسرعة الفائقة فى تطبيق نظام إعلام المسئولية الاجتماعية على الفور ، وإصدار ميثاق شرف إعلامي ممنهج من قبل خبراء حقيقيين ، وليس منظرين فضائيين ، لا يجيدون إلا الصراخ عبر الشاشات ، وإعادة النظر فى تعريف الإعلام العالمي من جديد وعدم الانجرار إلى مفاهيم الغربيين أمثال أوتوجروت ولازويل وغيرهما من أصحاب المفاهيم العقيمة والبائدة والتي لا تصلح لموضوع تعبير فى المرحلة الثانوية . فماسبيروا الذي يعتبر أهم وأقدم تليفزيون عربي ، أصبح مثل أرملة تبكي فقيدها وتتسول على أبواب الحاجة ، فتارة فى حضن الإخوان وتارة فى حضن الليبراليين وثالثة فى حضن السخرية بتلك القناة التي أطلقوها تحت مسمى صوت الشعب ولا يتابعها من الشعب سوى العاملين بها على أعلى تقدير . ملايين ومليارات الجنيهات يتم إنفاقها عبثا دون دراسات علمية مسبقة ، وقد ظهر الفشل جليا وقت الأزمة فى مواجهة الغربيين . كان الأولى من البكاء والصراخ والعويل ، أن يطلق ماسبيرو مع بدايات الثورة المصرية قناة متعددة اللغات على القمر الأوربي ، ومدعومة من الخارجية المصرية ، تحسبا لتلك الأزمات . لكننا لن نبكي اللبن المسكوب وقد سبق السيف العزل ، وما فكر منظروا الفضائيات ولا الخبراء الوهميين الذين يجيدون الفتوى والصراخ والتوك شو ، أن يشتروا مساحات ممولة على الشاشات الأكثر مشاهدة فى أوروبا وأمريكا لعرض حقائق الوضع فى مصر . ما فكر أحدهم فى عمل حملة منظمة يشارك فيها الشباب المصري المغترب فى شكل رسائل فيديو تجوب الشوارع والحدائق والشواطئ لعرض الحقائق ، تلك العروض التي يجب أن تكون مدروسة بعناية وخارجة من عقول حقيقية وليست عقول فضائية . متى سنرحم أوطاننا من هذا الإعلام الذي سيحيلنا حتما للسقوط . ارحموا .. ترحموا يا سادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30