الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهدات بغدادية المجلس الاعلى وتقاعد البرلمانيين

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



شغلت مسألة تقاعد البرلمانيين مدى الحياة الرأي العام العراقي على مدار الاسابيع الماضية ، ويبدو انه وجد له آذاناً صاغية لدى المجلس الاعلى ، اذ بادرت كتلته في البرلمان الى الاعلان عن تنازلها عن امتياز التقاعد لاعضائها مدى الحياة . لست عضواً من اعضاء هذا التنظيم بل ولا من اي تنظيم آخر ليبرالي او اسلاموي ، ولكنني أرى بان التنويه بهذه المبادرة والاشادة بها هو من صميم واجبي ككاتب زاوية من الضروري لتحليلي عدم الانطلاق مما احمله من مسبقات فكرية ونظرية . أميل الى الظن بان المجلس الاعلى يمر بانعطافة سياسية ينتصر فيها لمجرى الحياة على ثبات بعض مقولاته وقوالب مرجعياته الفكرية . فهذه هي المبادرة الوطنية له في اسابيع ( بعد مبادرتيه الوطنيتين المتمثلتين بعقد لقاء ودي بين رؤساء الكتل السياسية ، وعقد مؤتمر عشائري عابر للطائفية ) وهذا يدل على حسن الاستماع الى الناس في الحياة ، وتسميد الفكر السياسي بملاحظاتهم . وهذا ما يدفعني الى افتراض ان المجلس او كتلته النيابية بنت قرارها على جملة من الوقائع الموضوعية في اداء النواب ، وقارنت بينها وبين استحقاق النواب لتقاعد مدى الحياة ، فمالت الى حرمانهم من هذا الحق ( الذي منحوه لانفسهم من غير ان يستفتوا ناخبيهم فيه ) بناءً على المعطيات التالية : 1 ــ فشل النواب في تثبيت صورة البرلمان لدى المواطن كمؤسسة تمارس بشكل طبيعي مهامها كسلطة تشريع : بعد ان عجزت عن تشريع القوانين الاساسية كقانون النفط والغاز وقانون الاحزاب والانتخابات والتقاعد . 2 ــ وتجسد فشلهم الرقابي في الرفض القاطع من قبل بعض اعضاء السلطة التنفيذية والامنية لاستجوابهم . 3 ــ تجميد المشاكل بطريقة سهلة من خلال تشكيل لجان لم ينتج عملها غير توصيات نائمة في هرم من الملفات . 4 ــ تردد البرلمانيون امام ازالة قوانين وتشريعات مجلس قيادة الثورة المنحل واستبدالها بتشريعات تناسب مرحلة الانفتاح الاقتصادي والاستثماري وبما يتناسب مع دستور فيدرالي لامركزي . 5 ــ الطبقية الواضحة في تشريعات البرلمان التي لم يناصر فيها الاغلبية التي تسمى خطأ بالصامتة وانحاز بشكل صارخ الى تشريع امتيازات اعضائه . وهذه النقاط كافية لاقناعنا بفشل برلمانيو العراق في بناء المؤسسة الام التي يتوقف على بنائها بناء باقي مؤسسات الدولة . وهذا الفشل يعني انه لم يتم بناء اي مؤسسة من مؤسسات الحكم في العراق . وبفقدان البرلمان لهذا الدور الحيوي فقد تعريفه في ان يكون ممثلاً للامة في الاداء .. اقدم برلمان في العالم وهو البرلمان البريطاني لم يجرؤ اعضاؤه رغم مرور خمسة قرون على وجوده على تشريع هذا القانون الفريد من نوعه في العالم وهو قانون تقاعد اعضاء البرلمان مدى الحياة . ذلك لأن التحسب للمستقبل نزعة متأصلة لدى السياسي البريطاني ، وهو ما يفتقد اليه السياسي العراقي الذي لا يفكر الا بلحظته المعيوشة ، فرغم تعدد واردات الاقتصاد البريطاني وعدم اعتماده فقط على بيع ثرواته الطبيعية ، لم يصوت برلمانيوه على هكذا قانون ، لمعرفتهم بان التداول السلمي للسلطة ، وتكاثر اعداد النواب كل أربع سنوات سيجعل من الميزانية في سنة ما عاجزة عن سداد رواتب المتقاعديين من البرلمانييبن . فكيف يمكن ادارة شؤون البلاد مع خزينة لا يوجد فيها من المال غير واردات النفط الخاضعة اصلاً لتقلبات السوق العالمي : تسعيراً وشراء . ثم ان المسألة تتعدى المعايير الدولية ، فمن وجهة نظر عراقية يشكل تشريع قانون تقاعد البرلمانيين اختباراً حقيقياً لمدى ما تحمله شعارات الهوية والاصالة والعروبة والطريق الثالث من مضامين .. ان قرار كتلة المواطن خطوة في طريق وضع مصلحة الوطن فوق المصلحة الحزبية ، وخطوة جريئة في وضع اقتصاد الوطن فوق المكاسب الشخصية .. كتلة المواطن بتنازلها عن هذا الامتياز ذي المردود المالي الضخم تكون قد أرخت لمرحلة جديدة من العمل السياسي في العراق يمكن توصيفها بالقول : انها مرحلة اعطِ وخذ ، لا : خذ وخذ : أي انهب وانهب من غير عطاء ، كما كان الحال في المرحلة السابقة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس