الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 15

حبيب هنا

2013 / 7 / 31
الادب والفن


- 15-
تالا تنتظر الآن رنين الهاتف الخلوي دون جدوى. لم يتبق لها من الصوت الذي كانت تسمعه كل صباح منذ تعرفت على خليل سوى كسرات شبيهة بعضها دون التماثل، كسرات تأتيها مع موجات الانفجارات فتهشم ما تبقى منها واضحاً، فتتداخل المعاني والكلمات وتوغل بها إلى عدم اليقين من الصوت الذي تستذكره .
وتتساءل ببراءة الأطفال: لماذا يا ربي وضعت الحرب حداً ولو مؤقتاً لسماع ذلك الصوت الذي لا يشبه سوى نفسه بسحره وعمقه وعذوبته وصدق تعبيره كأني بها تطالبني بالنسيان؟.
لماذا لم يتصل في نفس اليوم الذي جاءت فيه الحرب لتحمل إليّ رسالة مفعمة بالحزن والأسى؟ رسالة مفادها: لا تنتظريني طويلاً وعليك الاحتفاظ بسر ما كان بيننا من حب لأنه لا يخص أحداً سوانا .
ومع استمرار الحرب تتجدد الرسائل كل يوم، وفي معظمها تفيد: إن العالم بلغ حافة الانهيار الأخلاقي، وأي تجاوز لما بعد الأخلاق يتحول إلى جنون قاتل بحيث يعصف بكل شخص في مجتمعة ليصبح عرضة لارتكاب أبشع الجرائم جراء أتفه الأسباب، لا لشيء إلا لأنه لم يعد قادراً على السيطرة على نفسه بعد هذا الانهيار، لاسيما وهو يشاهد صمت العالم المتحضر الذي يملك القوة ويرسم سياسات الدول يساهم بهذا الانهيار ويزود القوي بالسلاح كي يواصل قتل الضعيف بدلاً من التصدي له.
لماذا؟ ولماذا؟ علماً بأن الحرب بحد ذاتها بغيضة إلى حد المقت لالتصاقها بالدم المسفوك من كلا الطرفين،سواء أكانوا في خنادق القتال أم من الأبرياء المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة، ينظرون إليها وهم يودعون الحياة وأعينهم مغمضة على صورة الرصاصة أو الشظية أو سقف البيت الذي ينهار فجأة فوق رؤوسهم.
ولم يعد بوسع أحد الاختباء في أي ركن من أركان الدنيا الأربع، أصبح الكل تحت رحمة السماء، والسماء لا تبشر بقرب توقف هطول الصواريخ وصواعق البرق المخيف، كأن آذار جاء قبل موعده هذا العام .
ربما لأن العالم وخاصة الغربي، الذي يجمع الدول الكبرى، صاحبة تقرير مصير الدول الأكثر فقراً في العالم، الذين يشاهدون آلام شعبنا بروح سادية كي يتمتعوا بلحظة سعادة فقدوها متلذذين بعذاب الآخرين . هذا العالم الذي يعاني من أزماته النفسية يستأنف إضاءة الشموع دون أن يحفل بحجم المآسي التي تصيبنا عندما تهدم البيوت فوق رؤوسنا . يستأنف إضاءة الشموع ويغدق الأموال والدعم اللا محدود على الاحتلال للقيام بإخراج المسرحية كي يرى اللحظات الموفقة التي يسدل الستار عليها عند بلوغ أقصى درجات المتعة : دمنا المسفوك على الطرقات وفي أزقة الشوارع المهجورة من الحياة بعد أن أصبحت دماراً !
وعلى غير توقع، ضحكت تالا وهي تراقب التلفاز، ثم قالت وجميع أفراد العائلة ينظرون إليها باستغراب:
- يكفي أن يكون المرء ماراً من جوار هذا الدمار وتلتقط له صورة ووجهه مغبّر بعض الشيء حتى يصبح من مشاهير الفضائيات التي لا تتوقف عن إعادة المشهد المرة تلو المرة حتى يمله المشاهد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب