الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة في حضرة العراق ......شموع وقصائد وأغانٍ لوطن خالٍ من الدبابة واللحى والعمائم

فاروق صبري

2005 / 5 / 11
الادب والفن


يقيم الشعراء في مدينة أوكلا ند النيوزلندية أمسيات شعرية[poetry live ]كل يوم ثلاثاء بمقهى وبار صغير وفي أمسية الثلاثاء 28|4|2005 ألقى عدد من الشعراء النيوزلنديين قصائدهم ومنهم نذكر جميس كرومتن وروز هلاينز وديفيد انجرام وواندي ارمتاج _الذين سوف نتحدث عنهم وعن تجربتهم الشعرية في مقال أخر _و الشاعر العراقي باسم فرات والشاعرة السورية فرات إسبر ، إذ افتتحت الأمسية بقصيدتها "مغارات الضوء" والتي ترجمها الدكتور جورج جحا وقرأها باللغة الإنكليزية جميس كرومتن وتأخذنا فرات في قصيدتها هذه إلى عمق مغارات حيث نتجول في "مدن الكلام" ونعيش دهشتها وانكسارها الذي ترممه شاعرة تضئ قناديل القلق والحلم ، قلق يومياتنا وغربتنا وحلم يذبل أو ينأى عنا لمرات لكنه يوقظنا كـ(يوم عاصف بالضوء) وسط ظلمة مغارة أعماقنا وأيامنا:
سأدهشك باللغة
وارمم الكلام المكسور
نهر اللغة يجري إليك
ماؤه الكلام العذب…
وأنا سيدة اللغة أمنحك المعاني
كل القوافي جاريات على بابي
وثم بدأ الشاعر باسم فرات قراءة قصائده عبر طقس عراقي النكهة_أسسه وغنى المقاطع الغنائية فيه فاروق صبري_ أنفتح على ضربات دفٍ (مقصود كوردي) القريبة من إيقاع المواكب الحسينية وسط فسحة مظلمة تضاء بـ"صينية" شموع و"ياس" تحملها على رأسها صبية تلبس عباءة عراقية (رهام صبري) وهي تتجول بين الحاضرين لتضعها أمام مرآة واسعة تشع مثل سماء صافية ممتلئة بالنجوم في ليل شتائي بارد فيما ينطلق صوت الغناء كما "الونين" عبر مقطع من قصيدة "في تلك الأيام" لسعدي يوسف :
يوم انتهينا إلى السجن الذي ما انتهى
وصيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى
يا واصل الأهل خبرهم وقل ما انتهى
الليل بتنا هنا ، والصبح في بغداد
ويلقي "باسم فرات" قصيدته " أرسم بغداد" إذ فيها يعيد تصوير حاضر مشاعره في سياق محطات ذكرياته التي تتشكل عبر لقطات شعرية مثخنة بالحسرات والحنين يرافقه "كامل متي" على آلة كمان و" مقصود كوردي" على آلة البزق والذين عزفا ألحانا عراقية البوح والوتر والشجن ، تعانقت مع تلك الصور الشعرية .
ومع إلقائه لنص القصيدة المترجم إلى اللغة الإنكليزية يبدأ الشاعر النيوزلندي جيمس كروبتن _قرأ كل القصائد المترجمة_ بإشعال شموع جديدة تنتصب في زاوية ما من المقهى وبعد انتهاء الترجمة ومن نفس الزاوية يحضر نشيج سيّابي غناءً:
أتعلمين أي حزن يبعث المطر
وكيف ينشج المزاريب إذا انهمر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع
و ينهمر الشعر "برتبة منكسر" وعبر " جنوب مطلق" وخلال زخاته ورذاذه ينطق باسم فرات شيئاً من يوميات غربته المثقلة بوجع الوطن ويقف عند عتبة جنوبه ، حالماً باستحضاره والعناق معه وهنا يبوح اللحن عن شجنه عبر الطور المحمداوي والبغدادي والسيكا واللاوك وينوح الغناء تارة وكأنه صوت أم تهدهد ألام وليدها الجريح:
دللو يا ولد يا أبني دللو
عدوك عليل ساكن الجول
وتارة ثانية كحسرات غريب يرثي ذاكرته ما دام العراق يلوح من البعيد … البعيد :
يا لهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة ما يدعو للتذكر
في الأقاصي التي أنهكها البحر
أردم أحلامي
لي من الحروب تذكار
ومن البلاد أقصى الجراح
لي من الأسى دموع المشاحيف
وارتباك القصب……مقاطع أخذت _بتصرف للضرورة الغنائية _من قصيدة باسم فرات…………
وتبحر القصيدة وأشرعة " الكمان " و " البزق " والغناء تتجلى معها وقلوب المشاركين في هذه الأمسية تروي بوجد وإبداع حكايات وطن كان….. وعن فجيعة ما تزال ….. وعن حلم لرؤية " أم البساتين " خالية من دبابات البرابرة واللحى القذرة ومن عصبوية ومعارك العمائم البيضاء والسوداء الوزارية…. للوطن أشعلنا الشموع والقصائد والأغنيات والألحان ودعونا الحاضرين إذ سهروا معنا هذه الليلة في حضرة العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر