الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السادس

فارس حميد أمانة

2013 / 7 / 31
كتابات ساخرة


تحرك بنا القطار نازلا من ميردال غرب أوسلو الى فلوم على شاطيء أحد الفيوردات البحرية.. كانت المناظر تأسر اللب.. جبال شامخة تبدو لنا من بعيد وهي تغطس في البحر تقابلها ليس عن بعد جبال آخرى وكأنها توائم يحدق أحدها بالآخر.. كنت وزميلي خالد اسماعيل الجنابي نسد نافذة الفسحة بين عربة قطار وآخرى مبهورين بالطبيعة .. نصور كل بقعة وكل زاوية اذ ان المناظر كانت تترى علينا بجمال لا مثيل له.
بقينا هكذا فترة دون أن نفطن الى اننا كنا نهيمن على النافذة بأكملها دون ان نترك أية فسحة للآخرين ليستمتعوا مثلنا أو يلتقطوا صورا حتى جاءنا صوت ناعم من الخلف يستأذننا بالسماح له بالتصوير..كانت فتاة لا تتجاوز العشرين ربيعا.. شقراء الشعر..قصيرته .. بيضاء البشرة كغيمة ربيعية تاهت في سماء ممتدة نحو الأفق... جميلة بهدوء ورقة..أفسحنا لها المجال لتصور معتذرين لها..أسر لي خالد وهو زميل السفر بالعربية انها كانت نفس الفتاة رائعة الجمال التي أشار لي لألتفت اليها وهي تصعد دون أن يتاح لي الوقت لرؤيتها..فأجبت : حسنا .. وماذا اذن؟ ستكون الدون جوان وسأكتفي بالمشاهدة..
تعارفنا نحن الثلاثة وسئلت من أي بلد نحن فأجبنا من العراق وعرفنا انها بريطانية تقضي عطلة مع بعض معارفها فقد سئمت من ريف بريطانيا !!! يا سلام.. سئمت ..يا للكلمة التي اختارتها ..فقلت : "انك محظوظة لكونك تجدين هكذا مناظر خلابة أينما ذهبت سواء في الريف البريطاني الساحر أو في فيوردات النرويج أو في جبال الألب الشاهقة أو عندما تلمس يدك الماء شديد الزرقة على سواحل الأدرياتك أو المتوسط بل ويكفيك أن تفتحي نافذة غرفتك لتطلي على أجمل المناظر بينما نحن العرب نسافر آلاف الأميال ونبذل الكثير من النقود لنحظى بفرصة كهذه".. وافقتني على تعليقي وواستني مذكرة بشمسنا التي لا مثيل لها.
بقينا نتبادل الأحاديث الودية لساعة من الزمن عندما انحنت لتلتقط شيئا سقط منها فتدلت فجأة قلادتها الذهبية التي كانت تحت بلوزتها السميكة..مرت لحظات عميقة الوقع علي وعلى خالد.. لقد كانت القلادة الذهبية نجمة داوود السداسية .. شعار اسرائيل.. المثلثان المتخالفان بالرأس والقاعدة ..بقيت نظراتي معلقة على القلادة لثوان قليلة..فلاحظت ارتباكها ثم استمرت باكمال حديثها وهي تغطي القلادة بيديها فسألتها ان كانت تؤمن بالصهيونية كحركة سياسية واقتصادية تهدف للسيطرة على اقتصاد العالم فكانت اجابتها بانها يهودية وليست صهيونية وهذه القلادة هدية جدتها لها..بقينا نتحدث برهة آخرى وأنا أفشل في نزع نظراتي من التسمر على يدها القابضة على القلادة ..قالت لي بغتة ان كنت أتضايق من لبسها لها واستعدادها لنزعها.. فأجبتها بسؤالي المباغت ان كان نزعها للقلادة سيقدم شيئا للعرب؟
فغرت فمها مدهوشة من ردي وقالت متلعثمة : "لا لن يقدم ذلك شيئا"..فقلت : "حسنا آنستي..دعينا نكمل حديثنا وننسى أمر ذلك قليلا".. مرت دقائق قليلة .. توقف القطار بعدها معلنا وصولنا الى فلوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال


.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا




.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د