الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بهارات على (بهارات)

عادل علي عبيد

2013 / 7 / 31
الادب والفن


بهارات على (بهارات)
عادل علي عبيد

بعد عودتنا إلى البصرة ، وبعد أن أدينا ما بذمتنا من (واجب) حضور انتخابات اتحاد الأدباء والكتاب في العراق ، أهداني الصديق الشاعر كاظم الحجاج كتابه الرائع (بهارات) ، وهو مجموعة مقالات صحفية صدرت عن اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة ، معززة بتصميم بصري جميل للفنان المبدع صالح جادري .
و(حقيقة) الأمر وبعد قراءتي المتأنية لبهارات الحجاج ، عتبت على نفسي لأنني ولطوال هذا العمر لم أقهم كاظم الحجاج ، ولم اعرفه ! اقصد لم اعرفه كمثقف متجدد كبير ، ولم اعرفه كمشروع يخرج من دائرة الشعر لينفتح على مطلق عالم الثقافة والأدب والمعرفة . فلم يختص الحجاج بصفة الشاعر بالمعنى و(التعرفة) التي جبل عليها ، إنما انتقل من حدود ودائرة وعالم الشعر الكبير الواسع لينصهر مع كل مدن وآفاق وعوالم المعرفة الأخرى . ولقد دلل من (دون قصد ) على انتماءه لعالم الفكر بطريقة تختلف عما يعرفها كتاب (العمود) الصحفي إذا ما عرفنا أن العمود الصحفي يتجاذب أحيانا مع سياحات وانتقالات وانعطافات الحياة بمحلية او عالمية ، وهو يرصد بثوثيق وتاريخية أحداث قائمة او تحاول أن تقوم ، ويجد كاتبها المعالجات والبدائل وبطرق تتناسب وتطلعات الشارع . ولكن اغرب ما في أعمدة الحجاج التي أضحكتنا حد الاستلقاء وأبكتنا حد النحيب ، أنها كانت تنساب الينا وتستهدفنا وتحثنا على المعالجة ، وتتحرش بشراكتنا بطريقة (نبيلة) لا يستجدي صاحبها عطفنا ولا يستدر عاطفتنا ، إنما يضع القضية وكأنها جزء منا ، ونحن نكملها ، وكأن حال صاحبها يقول : (إنكم جزء من القضية ، او أنكم محل استهدافها ، ا وان الأمر منوط بكم ) .
والعجيب أنني وجدت لدى الكاتب الشاعر الكبير معرفة غريبة بالتاريخ ، واقصد أن المعلومة التي اعتمدها لم تأت عن فراغ ومباشرة ، إذا ما عرفنا أن (بهارات) هي (قفل) لمقالات أسبوعية اجتهدت بها جريدة الأخبار البصرية الغراء . والتاريخ علم وفن يتحرى المعلومة بطريقة موضوعية لها علاقة بالأمانة التاريخية بعيدا عن آفات التزويق والغفلة والتصنع . وأنا هنا (اشك) أحيانا (وليعذرني هنا ابا أنيس) أن الكاتب والفنان خالد السلطان رئيس تحرير جريدة الأخبار البصرية وهو صديق نديم لكاظم كان يحث صديقه على حالات قاهرة راهنة ، ويثير فيه أمرا يجد من خلاله أن صاحب البهارات خير من ينبري ويتصدى له، لاسيما وان أسلوب صاحب البهارات فيه من التشويق والتأثير و(الجماهيرية) ما يجعله في هذا المقام . وكأن حال الكاتب هنا يقول : سيعلم (السلطان) اعني (خالد السلطان) أي راصد ومعالج سيتصدى لتلك المعلومة. ولكنني هنا اكبر بخالد السلطان انه اكتشف بالكاتب كما هائلا من المعلومات ، وفيضا متجددا من الكتابات ، وخزينا معرفيا هائلا من الأدبيات المختلفة .. ولقد أصاب مفصل القول وكبد الحقيقية بأن أناط تلك الكتابات بصاحب البهارات إذا ما عرفنا أن جل البهارات قد كتبت في مرحلة قاهرة وصعوبة تحتاج إلى رجاحة في العقل والمعالجة والتصدير ، وتحتاج إلى نزعة (عصفورية) تحتاج إلى الإكثار من الالتفاتات إلى جهات (ست) وليس (أربع) .
وإضافة إلى المعرفة التاريخية (الدقيقة) للكاتب نجد أن تحري المعلومة لديه كان ينطلق ويستظل بمدرسة منهجية في المعرفة ، ولم تأت المعلومة مبعثرة تريد أن تخرج من شرنقتها وتؤدي دورها فقط –مثلما نرى في أعمدة لكتاب كثر- بل ان معلومة كاظم الحجاج معلومة ناضجة ثقيلة وافية حاسمة تسقط من وراءها الكثير من التأويلات والإحالات والاثارات .. ولعل هذا يشجعني لأن أعيد إلى القارئ الناقد أن هذا هو حقا ما فعله كاظم بقصيدته التي تحمل من المعلومة ما يفوق (قطفة) الشعر و(تكثيف) القصيدة و(إيجاز) الصورة .. فلا عجب أن اقول ان كاظم الحجاج هو الشاعر الوحيد الذي تستحضر وتستذكر وتتأمل قصيدته بتودة وموضوعية بعد انتهائها ، بل استطيع القول إن (معاناة) قصيدة كاظم تبدأ بعد فترة من إلقائها و(ليعذرني) على مباشرتي وما صدر عني فـ - لطالما تحاصرني هذه المعلومة - .
برهن كاظم الحجاج على انه ملك (النكتة) وأنا هنا اعزز مقالتي السابقة والتي نشرتها (أدباء المزاح والضحك) برهن على أن النكتة هي جزء من مشروعه الأدبي الكبير ، والنكتة هنا قد تأخذ محورين في المعنى ، فهي تارة للضحك والفكاهة والتشويق – كان الموسيقار محمد عبد الوهاب يقول الضحكة ولا يضحك - ، وكاظم الحجاج يقولها ولكنه يبتسم ليعوض حزن وجهه المتجدد – أما المحور الآخر للنكتة فهو العظة والموعظة والبرهان ، وهذا ما وجدناه في اغلب الأدبيات الصوفية التي أكدت على إن النكتة هي العبرة . فالاستشهادات التي قدمها صاحب البهارات كبيرة ، وقد أفصحت عن انتماء وطني حي وشريف وحقيقي ، وكأنه كان يؤكد على رسالة تتوج كتاباته ، من أن رأس مالك أيها القارئ هو انتماءك الحقيقي لوطنك ، وانك من دون هذا الانتماء لا تساوي شيئا .
أكدت بهارات كاظم –التي أتمنى أن يكررها ويعززها ببهارات معتقة أخرى – على حث واع للتعامل مع الحياة بطرق موضوعية سليمة وواقعية ، على أمور لا بد أن نتوقف أمامها ونكبر صاحبها الذي دلل على مشروع (خاص) بعيد عن التزلف والمحسوبية ، إذ لم يقف شاخص أمام صاحب البهارات غير (كاظم الحجاج) وحده بقامته النحيلة الشاحبة ، التي تصفر أمامها كل غابات البرتقال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع