الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقط الاخوان ! فهل يعيد إسلاميو فلسطين حساباتهم؟ (2)

عبد اللطيف حصري

2013 / 8 / 1
القضية الفلسطينية


في عام 1935عرض حسن ألبنا على الشيخ طنطاوي جوهري أن يتزعم الجماعة، طمعا بمكانة الشيخ طنطاوي الفقهية والعلمية، الا انه رفض الفكرة جملة وتفصيلا، ومن خلال إلحاح ألبنا على الشيخ طنطاوي برز بوضوح تناقضا جوهريا في فكر الجماعة وهو ما سوف يرافق الجماعة إلى يومنا هذا وما سيؤسس لاحقا لسقوط الإخوان، ففي موقفه من الخلافة يقول ألبنا "لقد فقدنا الخلافة بالقوة ولا يمكن استردادها إلا بالقوة"، وفي تبريره لهذه القوة يتحدث ألبنا عن جيش الإخوان ويسوق مثال إقامة المملكة السعودية قائلا :"إن عبد العزيز آل سعود لم ينشئ دولة إسلامية في الجزيرة العربية إلا بجيش الإخوان، فلم لا يكون لدينا الجيش الذي ننشئ به دولة إسلامية في مصر ؟؟" ، فكان رد الشيخ طنطاوي غاية في الذكاء وبعد الرؤية حيث علل رفضه بالقول: "الجزيرة العربية لم تكن دولة أصلا ، ولكن مصر دولة منذ آلاف السنين، وابن سعود انشأ دولة من لا دولة، فهل ننشىء نحن دولة فوق الدولة؟؟".
في اعتقادي لم تبرح الجماعة هذا التناقض لحظة واحدة من تاريخها، ولا اعني بالجماعة فقط تنظيم الاخوان المسلمين في مصر ، وانما كل الجماعات المتاسلمة على امتداد الوطن العربي والاسلامي لا سيما جماعات الاسلام السياسي في فلسطين مثل حماس والحركة الاسلامية في اسرائيل، وهو تناقض جوهري بالاضافة للنزعة الميكافيلية، الذي في نظري شكل الارضية الخصبة لظهور تيار سيد قطب في الجماعة، بمعنى انتاج واعادة انتاج الفكر التكفيري في كل مرحلة من مراحل تطور الجماعة، ويبرز هذا التناقض بشكل خاص عند محطات الفعل الحاد الذي قامت وتقوم به الجماعة.
في مطلع السبعينيات من القرن الماضي حذر المرشد العام للجماعة الشيخ عمر التلمساني في رسالة كان قد شيّعها الى كل قيادات الاخوان في مصر والخارج، حذر من اطباق جماعة سيد قطب على مقاليد الامور وسيطرة الفكر التكفيري في الجماعة، وذهب التلمساني الى حد وصف الأمر بخيانة مبادئ حسن البنا.
لست في معرض تقييم الفكر الإخواني ومدى خيانته و/أو أمانته لمبادئ حسن البنا، لكن المشاهد المروعة والمتتالية التي تقتحم آدميتنا عبر شاشات التلفزة، والتي لا تقتصر على مكان دون آخر تثير أكثر من سؤال حول مبادئ وسلوكيات هذه الجماعة!!. مشاهد انقلاب حماس في غزة والقاء الناس احياء من الطابق الثامن عشر ليموتوا صعقا بالفكرة اولا وثم صرعا بالأرض، تعود بقوة مع مشاهد القاء الفتيان عن ظهر عمارة في الاسكندرية وضربهم حتى الموت.. مشاهد الجماعات المتأسلمة في قرانا ومدننا العربية وهي تطلق الرصاص على مخيمات العمل التطوعي ومهاجمة بيوت آمنة ووادعة بالحجارة والسكاكين تختلط بمشهد تكفير الصبي بائع القهوة في سوريا وانتزاعه من احضان والدته واعدامه نهارا جهارا... مشاهد الاعدامات الميدانية في سوريا وجز الرؤوس وبقر البطون واكل القلوب تختلط بقوة عميقا في التاريخ وفي الجاهلية مع مشهد هند الهنود آكلة الكبود وهي تنهش كبد حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم. .. فعن أي دين يتحدثون ؟؟ .
من الطبيعي ان يتوقف المراقب الفلسطيني اولا عند سلوك جماعة الاخوان في فلسطين بمركبيها، بمعنى سلوك حماس داخل مناطق السلطة الفلسطينية وسلوك الحركة الاسلامية داخل اسرائيل، وحقيقة انعدام الحس الوطني لدى هذه الجماعات وتغليب مصلحة الجماعة وفكرة دولة الخلافة الفضفاضة على أي مشروع وطني.
لم يكن انقلاب حماس في غزة كافيا من وجهة النظر الاسرائيلية لبتر غزة نهائيا عن المشروع الوطني الفلسطيني، فجاء صعود الاخوان الى سدة الحكم في مصر بمثابة الفرج الإخواني لإسرائيل كي تعيد احياء مشروعها من خمسينيات القرن الماضي الرامي الى دفع غزة لتبتلعها رمال سيناء، ما دام البحر لا يقوم بهذه المهمة ولا يبتلع غزة. وسريعا انزلق الاخوان الى عمق المشروع كما انزلقت حماس نفسها لتنغمس في العبث بالأمن القومي المصري طمعا بأمارة سيناء الاسلامية، وهي اكبر واوسع من امارة غزة التي عملت حماس على تأسيسها غداة انقلابها، والتي اعتقدوا انها ستكون الضامن لمشاريع الثراء الفاحش لنخب حماس من خلال العلاقة المشبوهة بحثالة الرجعية العربية في قطر واموالها الدنسة، وللأسف بثمن اقل ما يقال به انه خياني يسعى الى ترحيل حل القضية الفلسطينية الى اجيال قادمة من خلال هدنة طويلة الامد مع اسرائيل برعاية قطر ونظام محمد مرسي العياط. وليس حجيج حاكم قطر السابق وخالد مشعل والقرضاوي وغيرهم الى غزة، بمباركة اسرائيلية سوى مقدمة لم تكتمل بسقوط العياط وجماعته، وهذا ما يفسر حالة الهلع الامريكية والاسرائيلية لفقدان هذا الحليف الهام.
ليس من قبيل الصدفة ان ينخفض صوت حماس في مسالة الاقصى الى مستوى الهمس الخجول، ويرتفع بالتوازي صوت الحركة الاسلامية داخل اسرائيل ليغدو مشروع "الاقصى في خطر" مشروع عبادة اكثر منه مشروعا نضاليا، وكنا قد بينا في مداخلات سابقة ان اسرائيل لا تمانع في جعل مسألة الاقصى مسالة خلافية او حوارية بينها وبين أي جهة اسرائيلية داخلية مثل الحركة الاسلامية، شريطة سلخ مسالة القدس والاقصى كارض محتلة عن المشروع الوطني الفلسطيني، وهو الامر الذي توفره الحركة الاسلامية ومن وراءها حماس وتنظيم الاخوان حرفيا للكيان الصهيوني، من خلال استبعادها للبعد القومي والوطني للمدينة المقدسة وحصرها في بعدها الديني، وان كانت مهرجانات "الاقصى في خطر" تؤدي الغرض جماهيريا وعمليا فان ظاهرة الافتاء الصهيوني وما يقدمة رئيس ما يسمى رابطة علماء المسلمين، المدعو يوسف قرضاوي من فتاوى تقدم التبرير الفكري والايديولوجي لسلخ القدس والاقصى عن المشروع الوطني الفلسطيني.
ففي فتوى في اعتقادي غاية في الخطورة وغاية في الصهينة يقول القرضاوي : " هذه الأرض لها طابع خاص ومكانة كبيرة عند المسلمين ، فالمسلم يدافع عن أرض له فيها مقدسات، وكذلك اليهودي فهو عنده معركة دينية لأنه يعتبر هذه الأرض هي أرض الميعاد ، لهم فيها أحلام توراتية وتعاليم تلمودية ،وهم عندهم أقانيم ثلاثة الله والشعب والأرض بعضهم يعبر عنها ، التوراة والشعب والأرض . الثلاثة متداخلة لذلك هو يقاتلنا باسم الدين، لذلك نحن ننكر على من يريد إخراج الدين من هذه العركة" . فلا غرابة ان تشتق الحركات المتأسلمة الفاعلة في اسرائيل وفي الاراضي المحتلة من هذه الفتوى موقفا سياسيا مطابقا لها. ففي حين تعمل اسرائيل جاهدة في محيط الاقصى المبارك كي تجد ما يربطها بالتاريخ والجغرافيا وما ينسبها للمكان، نرى الحركات الاصولية تنجرف الى هذا الملعب لتؤكد ان الصراع هو صراع عبادة وليس سيادة، لذا يتم تغيب البعد القومي لمدينة القدس العربية كأرض محتلة تم الاستيلاء عليها بقوة السلاح عام 67, لمصلحة البعد الديني واختزال الصراع في حق العبادة.
لذا أقول مجددا أنه من حق جماعات الاخوان عامة ان تعيش وهم خلافة أردوغان السلجوقية، لكن لا يملك اسلاميو فلسطين ترف الطيش على شبر ماء الخلافة ومشاريع الاخوان كبديل للمشروع الوطني الفلسطيني، فهل يعيدون حساباتهم؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤانسات أدبية- د. العادل خضر: يوتوبيات العبور


.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية




.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل


.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا




.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا