الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين -رئيسَيْن سجينَيْن- يدور الصراع ويحتدم!

جواد البشيتي

2013 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
ثورة 25 يناير هي مدار الصراع (المحتدم) في مصر؛ فَمِنْ قبل، وفي عهد حكم الرئيس مرسي، فُسِّرت وأُوِّلت هذه الثورة بما يسمح لجماعة "الإخوان المسلمين" بالسيادة والهيمنة، وإحكام "قبضتهم الإسلامية" هُمْ على "الدولة"، وعلى حياة المصريين بأوجهها المختلفة؛ والآن، على وجه الخصوص، تُبْذَل الجهود والمساعي المختلفة، والتي يقودها في المقام الأوَّل، وعلى ما نرى في "الصورة (الإعلامية على وجه الخصوص)"، الجنرال السيسي، للقضاء على ثورة 25 يناير؛ وإنَّهم لَفي سعيٍ سياسي وإعلامي (وفكري) لتفسير وتأويل ما يسمُّونه "ثورة 30 يونيو" على أنَّها الثورة التي فيها، وبها، اكتملت "ثورة 25 يناير" اكتمال القمر؛ وما بعد "البدر" إلاَّ "المحاق"؛ وعلى هذه الثورة (التي ذهبت بمرسي، وجاءت بالسيسي) أنْ تجُبَّ ما قبلها.
وإنِّي لأرى في طريقة حكم مرسي، والتي ألَّبت كثيراً من المصريين على جماعة "الإخوان المسلمين"، وحزبها، ونهجها، ما يشبه الغاية الكامنة في جهود ومساعي قوى الثورة المضادة للانقضاض على ثورة 25 يناير؛ فَهُمْ كانوا يريدون لمرسي أنْ يحكم، ويستمر في الحكم، في الطريقة نفسها؛ فهل ثمَّة ما هو أفضل من أنْ يساعدهم مرسي في سعيهم إلى حَفْر قَبْرٍ له؟!
إنَّ الصراع في مصر مُركَّبٌ معقَّدٌ؛ لكنَّ أصله، أو جوهره، بسيط؛ والبحث عن هذا "البسيط" في "المُرَكَّب (المُعقَّد)" إنَّما يشبه البحث عن "إبرة" في "كومة من القشِّ".
وهذا "البسيط"، على ما أرى، إنَّما هو الصراع الدائر والمحتدم بين "رَجُلَيْن"، برمزيتهما؛ فكلاهما يمثِّل طَرَفاً من طرفيِّ الصراع (المصري) الأساسيين؛ وهذان الرَّجُلان هما الرئيسان الُمقالان (المخلوعان، المعزولان) السجينان مبارك ومرسي؛ وإنَّها لمُفارَقَة كبرى في هذا الصراع أنْ "يقوده" سجينان، كلاهما يستطيع أنْ يقيم "الدليل الدستوري" على أنَّه هو "الرئيس الشَّرعي" لمصر!
وإذا كان "خالِع مبارك"، وهو طنطاوي، قد توفَّر على الإعداد والتحضير للانقضاض على ثورة 25 يناير، فإنَّ "خالِع مرسي"، وهو السيسي، هو الذي انقضَّ عليها، بـ "انقلاب عسكري فاشي دموي"، ألبسه لبوس "ثورة 30 يونيو".
إنَّ حكم السيسي هو حكم مبارك وقد شُحِن بكثير من الفاشية والدموية، وتَلَفَّع بـ "ثورة شعبية"، هي "ثورة 30 يونيو"، التي تُمثِّل، أيضاً، تحالفاً واسعاً لأحزاب وقوى وجماعات، يُوحِّدها، على تباينها في الرؤى والغايات والدوافع، العداء (الذي لشِدَّتِه أصبح مُعْمياً للأبصار والبصائر) لجماعة "الإخوان المسلمين"؛ وإنَّ هذا "التحالف (مع "ثورته")"، وباسم "الدولة المدنية"، لا عَمَل يؤدِّيه الآن، أو يحاوِل تأديته، إلاَّ نَقْل السلطة في مصر من يَد أحد خَصْميِّ "الدولة المدنية"، وهو جماعة "الإخوان المسلمين"، إلى يَد خَصْمِها الآخر، وهو "العسكر"، الذين مهما حَكَموا، واستبدُّوا بالحكم، أو بَدوا حُكَّاماً لمصر، لا يمكن إلاَّ أنْ يظلُّوا "أداةً" في يَدِ مبارك، الرَّمز لا الشخص، أيْ في يَد القوى الطبقية والاجتماعية والاقتصادية والمالية التي باسمها، ومن أجلها، حَكَم مبارك.
هذا التحالف لن يستمر طويلاً؛ فإنَّ كثيراً من قواه وشخوصه سيكتشف ويُدْرِك، عمَّا قريب، أنَّ السيسي لن يستطيع الحكم، والاستمرار فيه، وتوطيده، والنأي به عن كثيرٍ من المخاطِر، إلاَّ بمزيدٍ من الصراع الفاشي الدموي يخوضه ضدَّ جماعة "الإخوان المسلمين"، وحلفائها الذين شرعوا يزدادون؛ ومع خوضه هذا الصراع، الذي لا مناص له من خوضه، ومُضيِّه فيه قُدُماً، سيتعرَّى حتماً من كثيرٍ من "لبوسه الشعبي الثوري"، حتى يَظْهَر للمصريين جميعاً، وللعالَم أجمع، على حقيقته العارية؛ فهو إنَّما مُغْتَصِبٌ للسلطة، بانقلاب عسكري فاشي دموي، غايته النهائية هي القضاء المُبْرَم على ثورة 25 يناير، وإعادة السلطة في مصر إلى أيدي الذين احتكروها، واستبدَّوا بها، واستأثروا، في عهد مبارك؛ لكن من غير إعادة مبارك نفسه إلى الحكم، الذي لن يَعْرِف من "العلمانية" إلاَّ العداء (الإعلامي) الأعمى لجماعة "الإخوان المسلمين"، على وجه الخصوص؛ ولن يَعْرِف (إذا ما عرف) من "الانتخابات (البرلمانية والرئاسية) الديمقراطية" إلاَّ التي تُتَرْجَم نتائجها بمزيدٍ من الإقصاء لهذه الجماعة عن الحياة السياسية المصرية (العلنية) على وجه العموم، وبمزيدٍ من تحكُم "العسكر" في "هيئات الحُكْم المدني المُنْتَخَبة"؛ ولن يكون "العسكر" و"هيئات الحُكْم المدني المُنْتَخَبة" إلاَّ "الأدوات" في أيدي تلك القوى الطبقية والاجتماعية والاقتصادية والمالية التي مَثَّلَت ما يشبه "البُنْيَة التحتية" للحُكْم في عهد مبارك.
وإيَّاكم أنْ تظنوا أنَّ هذه القوى تكترث كثيراً لمصير مصر، أو لمصير جيشها؛ فإنَّ "الشمشونية" تستبدُّ بها؛ لقد جاءت بالسيسي للقضاء المُبْرَم على ثورة 25 يناير، بدءاً بعزل مرسي؛ فإمَّا أنْ يُنْجِز "المهمَّة" على خير وجه، معيداً إليها (ولو بالفاشية والدموية) الحُكْم الفعلي للبلاد والعباد، وإمَّا أنْ تذهب مصر (بشعبها ومؤسسات دولتها وجيشها وأمنها واستقرارها..) إلى الجحيم.
في عهد حكم مرسي، اطْمأنت "الأكثرية" من العامَّة من المصريين المسلمين؛ لكنَّ "الأقليات (بأشكالها كافة)" تطيَّرت منه؛ وفي عهد حكم السيسي، والذي يحكم الآن باسم قوى الثورة المضادة، اطمأنَّت هذه "الأقليات"؛ لكنَّ تلك "الأكثرية" تطيَّرت منه.
ما أتمناه إنَّما هو أنْ يتغيَّر "الميدانان ("رابعة العدوية" و"التحرير")" بما يسمح باندماجهما واتِّحادهما في "ميدان ثالث"، ينتصر لثورة 25 يناير، ويَهْزِم الثورة المضادة مع قائدها الجنرال السيسي شرَّ هزيمة؛ أمَّا ما أخشاه فهو أنْ تتحكَّم "الحماقة" في "قرار" و"فِعْل" الحاكِم السيسي، فلا يبقى من مسارٍ تسير فيه مصر (بشعبها ومؤسسات دولتها وجيشها وأمنها واستقرارها..) إلاَّ "مسار الهاوية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشهرة الملعونة!!
ملحد ( 2013 / 8 / 1 - 23:12 )
واضح جدا انك تبحث عن الشهرة.........
مبروك اكثر من ٣-;- مليون اجمالي القراءات......


2 - اتحاد الميدانين ؟؟!!
قارئ ( 2013 / 8 / 2 - 11:02 )
كما ان كل ميدان يحوي تجمعا بشريا ،له صفاته الخاصة .فأنهما كذلك يحملان معتقدات وفلسفة حكم مختلفة .
احدهما يريد اقامة الحد عليك لانك لا تسير كما يرغب المرشد
والاخر يريد حكما علمانيا ليبراليا ديموقراطيا ، اليات تداول السلطة وعزل الرئيس والحكومة فيه واضحة ولا حصانة لاحد فيها !
كيف يتحدان ؟
انه اشبه باتحاد الثلج والنار يا استاذ الشيء الجيد انك تعترف بوجود معارضة وليس كما وصفتهم بأنهم ابناء مبارك !!
مبروك

اخر الافلام

.. كيف استفاد نتنياهو من هجوم 7 أكتوبر؟


.. بايدن يتمسك بالترشح وسط عاصفة جمهورية لإزاحته




.. تصاعد الدخان مع تبادل إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله على


.. مظاهرات أوروبية متجددة للمطالبة بوقف الحرب على غزة




.. انفجار بمصنع للألياف الكيميائية في الصين يولد حريقاً هائلاً